فنتازيا عربية

امر طبيعي ان يكون هناك متحثاً باسم هيئة او شركة او وزارة، او حتى حكومة، وغالباً هذا المتحدث هو الذي يظهر على الملأ ليقول ما تريده الجهة التي يتحدث بإسمها، وبالطبع يخفي او يسكت عن ما لا تريد تلك الجهة اظهاره. كل هذا امر طبيعي ويحدث في كل اركان الدنيا. اما ان يكون هناك متحدث بإسم اُمة، فهذا هو غير الطبيعي، ونحن الامة الوحيدة على وجه الارض التي سمحت بذلك، إذ اننا، ولفترة طويلة تولى الحديث بإسمنا مجموعة صغيرة هي التي تراها وتسمعها على كل اجهزة الإعلام، وتطل عليك من كل المنابر، ليقولوا نفس الكلام المكرور الممجوج، الذي لم يورثنا غير الجهل والفقر والمرض والتخلف، وحديثاً اضيف الى ذلك القتل والتفجير!
فعند متابعة قنواتنا الفضائية (او على الاقل معظمها ) تجد ان الذين يظهرون على شاشاتها هم شخصيات متكررة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة لكل قناة، وهؤلاء هم الذين يظهرون في كل الاحوال والاوقات، ومهما كان الموضوع، سوا كان عن العراق او فلسطين، او كان عن الاستنساخ او تحلية مياه البحار، فهم الناطقون بإسم الامة والعارفون ببواطن الامور، والذين يحددون لنا المسارات. وهؤلاء اصبحت لهم مصالحهم التي يستميتون دفاعاً عنها ولايهمهم غير ذلك، لذا هم يدفعوننا، وبكل قوة في مسارات شائكة ومهلكة، ومواجهات فاشلة ومعدومة الجدوى ( الهم إلا جدوى بقاء مصالحهم )، بنما هم لا يسيرون في تلك المسارات الا كلاما، اي انهم يشجعوننا، او على الاقل يشجعون الاغبياء منا، للمواجهة نيابة عنهم بينما هم لا يفعلون إلا الكلام بل الكلام المضلل الذي يحفظ مصالحهم ( ويودي الغلابة في ستين داهية ). هؤلاء الذين يملأون فضائنا صراخاً وعويلاً، هم انفسهم ممن استفادوا من اوضاعنا المائلة على مدى السنين الماضية، واي اعتدال لتلك الاحوال المائلة سيؤدي الى فقدهم تلك المكاسب، لذا فهم في سبيل ذلك يمكن لاحدم القاء الاف الخطب ومئات الفتاوي، ولكنه عندما يصل الامر الى نفسه ويجد ان تلك الخطب والفتاوي لا تسير في اتجاه مصلحته فهو على استعداد ان يلقي مئات والاف الخطب والفتاوي المعاكسة، وعليك انت ان تسمع لكل ذلك وتبصم عليه بالعشرة لانك تعرف ان الاعتراض على ما يقوله هؤلاء الناطقون باسمك، هو عمالة وخيانة، ان لم يكن خروجاً عن الملة!!