هل إغتال النائب سعد الحريري، وهو أحد أبناء رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري الذي قضى بمتفجّرة في شباط من عام 2005 مع عدد من معاونيه ومرافقيه وبينهم الوزير باسل فليحان، والدَه سياسيّاً، كما إغتال النائب وليد جنبلاط رئيس اللقاء الوطني ورئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي سياسيّاً والدَه الراحل كمال جنبلاط الذي قضى غدراً برشق رصاص في عام 1977 وكان زعيم الحركة الوطنيّة اللبنانيّة التي رفعتْ رايتَها عالياً في حينه ضدّ قوى التحالف اليميني اللبناني المتناغم تاريخيّاً مع قوى الرجعة والتخلّف في العالم العربي؟.
فمن دون سؤال وجواب وعلى الشبهة والظنّ وقبل أيّ تحقيق محلّي ودولي في مَنْ يكون قد إغتال الشهيد رفيق الحريري؟ ودون حتى التساؤل عن الجهة المستفيدة من عمليّة الإغتيال البشعة، راح النائب سعد الحريري الذي خلف أباه في قيادة تيّار المستقبل الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي فؤاد السنيورة أحد أهم المساهمين في إغراق لبنان عبثاً بديون تجاوزت 40 مليار دولار، يتّهم سرّاً ومداورةً وعلانيّةً سوريا بإرتكاب الجريمة، وأردف مع قواه الحليفة وعلى رأسها وليد جنبلاط وسمير جعجع وأمين الجميّل (الرئيس عمر كرامي يتّهم جعجع بإغتيال شقيقه رئيس وزراء لبنان السابق رشيد كرامي كما النائب والوزير السابق سليمان فرنجيّة يتّهمه باغتيال والده الوزير طوني فرنجيّة وأفراد أسرته كما رئيس وزراء لبنان الأسبق سليم الحصّ يتّهم الجميّل بمحاولة إغتياله الفاشلة) باتّهامها بسلسلة الإغتيالات ومحاولات الإغتيال وبسلسلة التفجيرات المشبوهة بإمتياز التي تبِعتْ إغتيال الرئيس الحريري، فشاهداه اللذان ثبتَ بطلان شهادتيهما هما quot;الشاهد الملكquot; الفارّ إلى فرنسا محمّد زهير الصدّيق المطلوب من العدالة اللبنانيّة بتهمة الإدلاء بشهادة كاذبة بملفّ الحريري ذاته، وبالمقابل ترفض فرنسا تسليمه بذريعة أنّ القانون اللبناني يجيز الإعدام!. وquot;الشاهد الملك الثانيquot; الملقّب مرّة quot;بالكذّابquot; ومرّة quot;بالمهرِّجquot; ومرّة quot;بغوّارquot; ومرّة quot;بالنصّابquot;. هذا فضلاً عن إستمساك النائب سعد الحريري بتحقيقات فيتزجيرالد وميليس اللذان كُلِّفا بملفّ إغتيال الحريري وتمّ نقْض تحقيقاتهما بالكامل من قبل المُكلَّف الثالث دوليّاً بالملفّ وهو السيّد براميتس.
والأنكى فإنّ النائب سعد الحريري تجاهل بالكامل إشارات محقِّق ألماني تفيد بتعاون مخابراتي إسرائيلي أميركي غير بعيد عن مسرح الجرمية والإغتيالات الأخرى، كما تجاهل بالكامل شبكات الموساد التي أُلقي القبض عليها وإعترفت بإغتيال عدد من اللبنانيين والفلسطينيين بتفجيرات على الأراضي اللبنانيّة والعاصمة بيروت ومنهم القياديّين اللبنانيّين ديب (وهو من بلدة كونين الجنوبيّة اللبنانيّة الحدوديّة) والعوايلي والأخوين مجذوب، مثالاً لا حصراً، والفلسطيني جهاد جبريل إبن زعيم الجبهة الشعبيّة ـ القيادة العامّة السيّد أحمد جبريل.
ثمّ وهو في هذه الدائرة التحقَ النائب سعد الحريري بمحور أميركا ـ إسرائيل ـ فرنسا لإحكام الحصار على لبنان باستصدار قرارات من مجلس الأمن في جوانب كثيرة منها لا شأن لها بموضوع إغتيال الشهيد الحريري بل لها علاقة مباشرة بمصالح إسرائيليّة مائة بالمائة، ومنها تجريد الفلسطينيين من سلاحهم في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتجريد لبنانيين مرابطين في الجنوب والبقاع الغربي مِنْ سلاحهم في غياب إستراتيجيّة دفاعيّة للبنان بالكامل في وجه مطامح ومطامع إسرائيل المعلنَة والمبيّتة في المياه والأرض اللبنانيين. وتعاملَ النائب الحريري مع هذه المقرّرات الدوليّة بخفّة لا يُحسَد عليها ممّا فتحَ ثغرة في الجسم اللبناني إستغلّتها إسرائيل وهي المساهِمة أصلاً في إحداثها لترتيب خطّة تدميريّة تشلّ لبنان كلّه قبل ثلاثة أشهر وفضَحَها القائد العسكري الإسرائيلي الشهير بدمويّته ضدّ الفلسطينيين شاؤول موفاز.
وبدل أن يتضامن النائب الحريري مع لبنان بكلّ قواه في المحنة التي يعيشها اليوم حيث يتمّ تدمير مرافقه الحيويّة وجسوره وتُدَمَّر قراه ويُقتَل أهله تحت أنقاض البيوت يُعلِن أمس أنّه ستتمّ محاسبة quot;المغامرين بمصير لبنانquot;!! ليكشف موقعه في الصراع الدائر والذي يتطلّب لبنانيّاً تضامناً إستثنائيّاً، فلا يرجع إلى الوراء عشرين عاماً بأثر التدمير كما أعلن رئيس وزراء إسرائيل أولمرت، فيما المعروف أنّ الشهيد الحريري كان يحمي بنفوذه السلاح المقاوم في الجنوب اللبناني في التسعينات من القرن الفائت وبلغتْ ذروة هذه الحماية بتحرّكاته الدوليّة الواسعة عام 1996 إبّان الإعتداء الإسرائيلي تحت شعار quot;عناقيد الغضبquot; وإرتكاب مجزرة قانا وحتى التحرير الكبير في 25 أيّار سنة 2000 ذلك على رغم إصطناع الخطّ الأزرق أميركيّاً وبقاء أراضٍ لبنانيّة واسعة تحت الإحتلال الإسرائيلي ومنها quot;القرى السبعquot; وquot;مزارع شبعاquot; وquot;تلال كفرشوباquot; وكلّ أراضي خطّ الهدنة الدوليّة لعام 1949 وهي تمتدّ على طول أكثر مائة كلم وعلى رغم بقاء الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيليّة (جرى تحرير معظمهم بعد عمليّة تبادل لم تشمل بسبب عنَتْ إسرائيلي سمير القنطار المعتقل منذ أكثر من 24 عاماً في السجون الإسرائيليّة) ورغم رفض إسرائيل تسليم خرائط الألغام الأرضيّة للبنان رغم طلب الأمم المتّحدة فيُقتَل لبنانيّون دائماً بسببها.
فإذا يكون النائب وليد جنبلاط قد إغتال والده الشهيد الكبير كمال جنبلاط عدوّ إسرائيل وحامي الفلسطينيين سياسيّاً عندما أعلن أن إسرائيل لم تعد quot;عدوّةquot; ومنح ممثّل أميركا في مجلس الأمن quot;جون بولتنquot; وسام الصداقة الذي سبق بأشهر ومنحته ذاته إسرائيل وسام الصداقة بإعتباره من أهمّ رجالات العالم المدافعين عن إسرائيل فهل يكون النائب سعد الحريري قد إغتال والده الشهيد الكبير رفيق الحريري صديق المقاومة وحاضن الفلسطينيين سياسياً أيضاً بتقليده جون بولتن بالإشتراك مع النائب وليد جنبلاط ورئيس القوّات اللبنانيّة سمير جعجع الوسام ذاته وتخلّيه عن التضامن المطلق مع لبنان الذي يُدمَّر في محنته الراهنة؟.
[email protected]