فنتازيا عربية

لفترة طويلة كنت اكتب عن الخونة والعملاء في عالمنا الاسعربي (أي الإسلامي و العربي)، وبالنسبة لمن تابع تلك المقالات أو جزء منها (في السياسة او إيلاف او الصحف الأخرى) فهو يعرف من هم اؤلئك الخونة والعملاء الذين أتحدث عنهم. أما بالنسبة لمن لم يقرأ تلك المقالات فأقول له ان الخائن والعميل في لغتنا التي سادت خلال العقدين أو الثلاثة عقود السابقة هو الذي يحمل واحدة أو أكثر من الصفات التالية:ـ
bull;ان يكون محتفظاً بعقله مع سبق الإصرار والترصد.
bull;ان يستخدم ذلك العقل في التفكير وبالتالي يخرج من نطاق هتافياتنا ونواحياتنا ومناحاتنا
bull;ان لا يكون مقتنعاً بإنجازاتنا وانتصاراتنا التاريخية مثل تلك التي أنجزها إبطال ومغاوير هذه الأمة من أمثال صدام حسين في أمهات معاركه أو بن لادن في غزواته الميمونة في واشنطون ونيويورك وما شابههما من بلاد ( الكفار).

bull;أو الذي لا يقتنع بأعمال مقاوماتنا (جمع مقاومة) الباسلة التي قتلت مئات الآلاف في السنين الماضية في الجزائر ومصر وأفغانستان والسعودية وبالي ولندن ومدريد وبقية بقاع العالم، ومازالت تؤدي مهامها على أكمل وجه في العراق، وبين هؤلاء الآلاف أو الملايين من القتلى يوجد فقط تسعة عشر(كافراً ) وسبعة صهاينة والباقي من عندنا، وذلك بحكم التمترس.
bull;ان لا يكون مشاركاً ومساهماً بفعالية في مظاهراتنا وهتافاتنا، وفدائياتنا بالروح والدم التي نهديها للقادة المذكورين أعلاه وأمثالهم.
bull;ان لا يكون متفرغاً لشجب أمريكا والصهيونية والاستعمار.
هذه بعض وليس كل صفات العملاء والخونة. وطبعاً هؤلاء أسكتناهم ولجمناهم وكتمناهم طيلة السنين الماضية، بل وطاردناهم براً وبحراً وجواً، بالتخوين والتعميل والتكفير، حتى دحرناهم إلى القبور أو التشريد أو السجن أو الهروب إلى الخارج. فعلنا كل ذلك حتى لا نترك لهم مجالاً للتشويش على انجازاتنا ونجاحاتنا التي سجلناها خُطباً وانتصارات على الورق وخلف الميكرفونات. ولكن يبدوا في هذه الأيام إنهم عادوا إلى الظهور على السطح مرة أخرى وبقوة شديدة، ذلك بعد ان انكشفت كثير من البلاوي والمصائب التي كنا نخفيها ونتستر عليها ، وكثير من الهزائم والفضائح التي كنا نسجلها كانتصارات وإنجازات، وبعد ان انكشف كل التهريج واللامبالاة الذي كنا نسميه بطولة. ولكن عودتهم بقوة ليست هي الأمر الأكثر خطورة، خاصة ونحن جاهزون بإعلامنا في الجزيرة والمنار وما شابههما من قنوات، جاهزون لدحرهم والفتك بهم مرة أخرى ومرات، خاصة بعد الانجاز التاريخي غير المسبوق الذي قام به المناضل الفذ والبطل المغوار والقائد التاريخي حسن نصر الله وحزبه الإلهي، والمتمثل في اعتقال اثنين من الجنود الإسرائيليين. وكما تعلمون ان مثل هذا الانجاز التاريخي لا يهم الثمن الذي يُدفع فيه حتى إذا كان التدمير الكامل للبنان، فطالما ذلك يُشبع غرور قائدنا حسن نصر الله، ويُتيح لإعلامنا في الجزيرة والمنار وأمثالهما من القنوات ان تفتح المجال لمهرجينا لكي يتحدثوا عن البطولات والتحديات والعنتريات!!. كما قلت، كل ذلك ليس فيه خطورة تُذكر ولكن الخطورة كل الخطورة هي ان تخرج دول بحجم السعودية ومصر للوقوف ضد هذا التهريج ولعب العيال الذي أدمناه وعشنا في كنفه عشرات السنين، حتى صرنا ملطشة ومضحكة لكل العالم بجهلنا وتخلفنا ورعونتنا وعشوائيتنا. فهل مواجهة مصر والسعودية ومعهما دولاً عربية فاعلة أخرى لهذا التهريج الذي يقوم به حسن نصر الله وأمثاله من منظمات، بل وتشترك معهم بعض الدول بقياداتها، هل يكون هذا بداية طريق جديد آخر لهذه الأمة التي نُكبت بالجهل والتهريج، بل التي سمحت لذلك الجهل والتهريج الذي أنهك قواها وبدد ثرواتها ان يسود وينتشر؟. وهل يكون هذا فتحاً للباب لهؤلاء( العملاء ) ـ حسب التعريف السابق ـ الذين أسكتناهم على مدار السنين، لكي يظهروا على السطح ويحلوا مكان المهرجين الذين سادوا طيلة تلك السنين وما أورثونا إلا الذل والفقر والبؤس والجهل، والحروب التي دائماً يتسبب فيها المغرورون الجهلاء وتنتهي بهزائم نكراء يحولها اؤلئك الجهلاء إلى انتصارات، وما الحرب التي تدور في لبنان الآن إلا حلقة من تلك السلسلة الخبيثة التي أنتجها هؤلاء الجهلاء، ولن تكون الأخيرة إلا إذا استمر هذا الموقف السعودي المصري ومعهما بقية الدول التي دعمت وشاركت هذه الرؤية، وخلفهم اؤلئك (العملاء ) الذين تحدثنا عنهم وهؤلاء ما أكثرهم في عالمنا العربي. بل أقول إنهم اكثر كثيراً من ( الثوار الأحرار!!! ) الذين ودونا في ستين داهية. فمزيد من المواقف القوية با سعودية ويا مصر واطمئنوا ان معظم الشعوب العربية والإسلامية معكم، فسيروا على بركة الله لإنقاذ هذه ألامه من ما فُرض عليها من جهل وتهريج.

(كاتب سوداني)