...ياللهول!!.. ماذا بعد؟
ثمة تحركات وتصريحات وتسريبات مريبة تجري في الأفق العراقي والشرق أوسطي مع حلول الذكرى الخامسة لأحداث يوم القيامة الأمريكي في الحادي عشر من سبتمبر 2001، ففي عز الإحتفال الأمريكي والدولي بالمناسبة التي غيرت مسارات الأحداث الدولية ورسمت خارطة طريق جديدة لأنظمة التسلط والموت والبدائية، وغيرت من أولويات السياسة الخارجية الأميركية، وأعلنت رسميا الحرب العالمية الثالثة على الإرهاب، أقول في مركز المعمعة و قلب العاصفة ووسط تذكر خسائر الأبرياء المريعة في تلك الأحداث المروعة والتهيؤ لحرب إقليمية أخرى مع إيران!! خرج التقرير الحكومي الأمريكي الصادر عن الكونغرس بتبرئة (صدام حسين) ونظامه من تهمة (التعامل والتنسيق والعمل) مع القاعدة!! وأصدر الكونغرس صك البراءة وهو صك لا يبدو أنه سيمر مرور الكرام ودون نتائج ميدانية مباشرة قد تشهدها المنطقة!! ودعونا نحاول تجميع عناصر الصورة العراقية الممزقة لنحاول إمساك الخيط!.
حكومة هشة وإنهيارات متسارعة:
تعثر الحكومة العراقية المنتخبة وفشلها الذريع في التعامل مع الأزمات العراقية المستعصية وتلكؤ مشروع المصالحة الوطنية العراقية بالشكل الذي يحقق نجاحا إنسيابيا للعملية السياسية ويخفف من أجواء الحرب الأهلية المعلنة قد خلق لدى الإدارة الأمريكية بدائل كانت موضوعة على الرف خصوصا وأن الجماعات والأحزاب الشيعية المؤتلفة القائمة في العراق والتي تقود التحالف الحكومي الهش لم تستطع الهيمنة على مسارات الشارع الشيعي ذاته المتسم بالفوضى المطلقة والإنهيار الأمني شبه الكامل ودخول تلكم الأحزاب في معمعة العنف الطائفي والفشل في حل الميليشيات الطائفية وفرق الموت المتفرعة عنها! وأودى بكل الأحلام والخطط والمشاريع الأمريكية لتغيير المنطقة إلى الحضيض! بل أن الوجود العراقي الموحد ذاته قد تحول إلى مسألة مشكوك فيها بعد تزايد دعوات القوى السياسية العراقية المرتبطة بالمشروع الفكري والسياسي الإيراني كالمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق إلى تنفيذ (الفيدراليات الطائفية) في الوسط والجنوب وهي المقدمة الموضوعية والممهدة لحالة التقسيم العراقي الشامل بعد ضعف الدولة المركزية بهياكلها المنخورة وبنيتها السقيمة! مع ملاحظة أن سياسة الهجوم والإحتواء الأيرانية وتحدياتها للمجتمع الدولي قد وصلتا لأبعد مدياتها !! هذا دون أن ننسى (البلطجة) الإيرانية على الحدود العراقية وتوتر الموقف العسكري والأمني في (أفغانستان)!، يضاف لذلك كله مسألة تحول مسارات الأحداث على صعيد قضية المصالحة الوطنية العراقية بطرح بعض زعماء العشائر العربية في وسط وشمال العراق لملف وشرط (تبرئة) صدام والإفراج عنه كشرط رئيسي من شروط المصالحة!! وهو شرط ملغوم وخطير ويتناقض تناقضا تاما مع مصلحة وكرامة الشعب العراقي! والأهم من هذا وذاك هو المطالبة (برد الإعتبار للبعثيين)!! وتناسي جرائمهم التاريخية بحق العراق والأمة العربية!! وهي دعوة مباشرة لإعادة السلطة للبعثيين أو للنسخ الجديدة والمستنسخة منهم والتي تحاول التعويم وخلق الإنطباع العام من أنه لا حلول لمشاكل العراق من دون عودة (حزب البعث) بحلته الجديدة المزيدة والمنقحة!! وهي كارثة حقيقية ستضرب في الصميم المشروع الديمقراطي العراقي خصوصا وأن الأكثرية الشعبية في العراق مشتتة ومخدرة ومسلوبة الإرادة ولا حول لها ولا قوة أمام صولات وجولات أهل الفاشية وعشائر الإرهاب البعثية و أمام المواقف التافهة لقادة أحزاب (اللطم والندب الشامل)!! التي لم تستفد للأسف من الفرصة التاريخية التي وفرها الجانب الأمريكي لتغيير العراق نحو الأفضل ومارست بدلا من البناء والحفاظ على المكاسب الوطنية سياسة غوغائية تتسم بالجهل والغباء و إستخدام طاقة الجماهير العراقية في الأمور التافهة!... وصك البراءة الأمريكي المصروف مجانا لنظام صدام البائد لا يمكن أن يمر من دون تحقيق نتائج معينة ستكون وبالا على العراقيين وقد تغير المعادلة القائمة!!، فعودة البعثيين الطغام للسلطة في العراق ليست مستحيلة في ظل المعطيات القائمة ! بل أنها الخيار المرعب المتوفر في الأجندة الدولية!، صدام قد لا يعود أبدا لأن دوره قد إنتهى منذ أكثر من عقد من السنين، ولكن أشباه صدام والسائرين على نهجه ما زالوا متوفرين في السوق العراقية الحافلة بالعجائب والغرائب والمتناقضات وكل ديناصورات التاريخ!!... فهل يشهد العراقيون نكبتهم الثالثة؟ هذا ما لا نتمناه.. ولكنه احتمال ليس بعيد المنال!. وتبرئة صدام أمريكيا وعلنا تعني بأن خلف الأكمة ما ورائها؟ وبأن (شقلبات) السياسة الأمريكية قد تحدث في أية لحظة!! لأن لكل شيء حدود؟ فهل نشهد انقلابا جديدا في سياسة الولايات المتحدة؟ ذلك هو التساؤل المرعب والسيف المسلط على الرقاب؟
[email protected]
التعليقات