من تنظيم مجلس الثقافة العام وهو اعلي سلطة ثقافية تابعة للدولة في ليبيا وبحضور حشد من المثقفين الليبيين لم أشاهد مثله مند سنوات كان للمحتفى به ( شيخ الأدباء الليبيين علي مصطفي المصراتي ) احتفالية استمرت يوما كاملا وان كانت اللجنة المشرفة علي المجلس الذي يرأسه ( احمد إبراهيم ) عكفت ومرت مرور الكرام علي أن الاحتفالية تأتي ضمن الاحتفال بطرابلس عاصمة للثقافة الإسلامية لكن ذلك لم يكن ظاهرا أثناء الفعاليات لا من قبل الذين تتالوا علي إدارة اليوم التكريمي أو الذين شاركوا وصعدوا المنبر باعتبارهم مديري الجلسات ..
المصراتي شخصية ثقافية، أدبية، و سياسية أيضا كانت ذات يوم واجهة سياسية لحزب المؤتمر في فترات التأسيس السياسي في الوطن وتحظى بالاحترام من قبل الكثيرين وقد صار اليوم يسوق له علي انه عالم وعلامة بعد سنوات من الغياب الإعلامي فهاهو المجلس يعترف بفضله الكبير بعد بون من النسيان.. كتب المصراتي عن ليبيا طوال ستين عاما أصدر بعدها كتبا جاءت كلها تقريبا من إصداراته الخاصة وفي دور نشر غير ليبية ولكن خلال الأعوام الأخيرة أعيدت طباعة كتبه وطبعت له كتب جديدة أخرى هي قصصية أجمالا ..
من أهم كتبه أعلام من طرابلس، لمحات أدبية عن ليبيا، جحا في ليبيا، صحافة ليبيا في نصف قرن، غومة فارس الصحراء،احمد الشارف شاعر من ليبيا وغيرها وهذا يدل دلالة واضحة أن المصراتي وطني بكل ما تعنيه الكلمة فلقد سعي كثيرا في أن يجعل هذا الوطن الملتفح ومثقفيه بإغفال الآخرين ذائع الصيت وحاول أن يثبت أن مثقفيه وأدبائه لا يقلون شانا عن احد، منطلقا من حرص وطني ليكون لليبيا حضورا مائزا علي المستوي العربي والعالمي ..
لم يعرف عن المصراتي الانبطاح يوما فهو صاحب رأي يعتد به وصاحب مكانة مرموقة في نفوس الليبيين وجزء من التاريخ الليبي والنضال الوطني الليبي و بالإجماع ..
فان يقوم المجلس بتكريم شيخ الأدباء الليبيين و علي رأسه ( احمد إبراهيم ) و( سليمان الغول ) فلابد أن الأمر منعطف ايدولوجي لا يمكنني إلا الإشادة به باعتبار انه قد يكون انفتاحا علي الآخر الذي يجسده quot;المصراتيquot; كرمز لكل أدباء ليبيا الشيوخ والشباب وهو قبول بالاختلاف وكذلك منعطف ايجابي حتما ينتظر أن ينمو اكثر.. فالمصراتي وحسب ما توفر لي من مراجع أصدر أول كتاب له في ليبيا الثورة في حقبة الثمانينات رغم انه من جيل الخمسينات في الأدب الليبي وصدر كتابه ( أعلام من طرابلس ) عام 1955 من ميلاد المسيح عليه السلام ..
ومن أجمل ما جاء في الاحتفالية شريط وثائقي بعنوان ( قطرات من يراع ) الذي عرج صراحة إلى الكفاح السياسي للمصراتي .. وكان لابد للمصراتي من الحديث حيث قال شكرا ليبيا بلد الشموخ والكبرياء معتزا بما ناله ..وكما هي عادة المصراتي لم يتورط في المصطلحات ووجه خطابه إلى ما اسماهم أبنائه الأدباء الليبيين والباحثين من الطلبة الدارسين في الجامعات والذين كان لهم حضور واضح وقال كان دائما منهجي المتواضع ليس سردا للمعلومات فقط إنما المحاضرة التي القيها هي إثارة وإنارة ..كنت أظن لسنوات أن التشجيع مفيد ومهم للشباب فكنت أقوم بذلك الدور مع الكل تقريبا لكن اتضح أن التشجيع مفيد أيضا للشيوخ ..
وعن طرابلس ودورها قال طرابلس مدينة أهملها تاريخ العالم فحتى الدارسون الأقرب إلينا وهم منا يقابلون المدينة بالتجاهل فطرابلس هي بحق ليبيا بدون عنصرية فهي مرتع لحضارة وعلم وفكر وفن وحرية ..ليبيا هي التي حملت الفكر المالكي والأباظي فمن يوم أن غرس عمرو بن العاص أوتاد الإسلام هنا برز منها ما يمكن تسميتهم بعصامي الثقافة فما اكثر الذين لهم هذه المواصفات وبدا في سرد حياة عدد من الأسماء لشيوخ وعلماء توالوا علي قيادة الوطن ثقافيا علي مر التاريخ والذين كان لهم فضل علي من جاء بعدهم .. شيوخ وعلماء من مدينة طرابلس منهم:- ابن الإجدابي ـ ابن سحنون ـ أبو الحسن الوداني ـ محمد بن أبي الدنيا ـ أحمد البهلول والذي أورد قصة مفادها انه عندما زار عدن عندما كانت شيوعية طلب أن يقوم بجولة بين البحارة وأثناء تجواله شاهد صور ((لينين)) علي كل الحوائط وكان في ذات الوقت أن مر علي البحارة اليمنيين فوجدهم يرددون أبيات لأحمد البهلول وقد مر الزمن وقد زيلت صور لينين وما يزال البحارة في عدن يرددون أبيات البهلول وكذلك ذكر الحطاب و ابن محمد الهواري والنائب وابن غلبون والذي عند ذكره قال لقد بدأتم الاهتمام بابن غلبون لكنكم تغيرتم وهنا وجه انتقادا مباشرا يعترض فيه علي إلغاء احد القاعات التي سميت بقاعة ابن غلبون وتساءل هل اكتشفتم انه غير ثوري لماذا تم تغير اسم القاعة؟؟!! .
وفي معرض حديث عام قال: ليس كل التاريخ أمجاد ولقد مرت سنين عجاف وسنين ذروة وحركة وهذه الشخصيات منها من كان معني بالكتابة فعزز التواصل العربي وعبر عن لحمة أبناء الوطن العربي الواحد وذلك ما عجزت النظم الثورية والغير ثورية عن إقامته لتكون وحدة عربية بحق فالذي لا يضيع خط الوحدة الفكرة التي يمثلها المثقف فعلينا أن ندرس التاريخ الثقافي لنضيف شحنة معنوية فانه من الواجب أن نلتفت إلى تاريخنا ..
واعتبر أن طرابلس بها أمر ايجابي هو توارت العلم والثقافة وورثت من جيل إلى جيل ودلل علي أن أسرة الحطاب توارثت العلم أبا عن جد وكذلك أسرة النائب ..
عقب نهاية حديث المصراتي فتح المجال لعشرات المتداخلين وانفرط عقد الاحتفالية فيخرج هذا ليقول الشعر ويخرج ذاك ليتكلم ويخرج فلان ليخرج. وانتهت المناسبة التكريمية بان قدم المجلس و(سليمان الغويل) والذي حضر في حين غاب (احمد إبراهيم) شهادة شكرا وباقات من الورود اعترافا بفضل شيخ الأدباء الليبيين علي مصطفي المصراتي ..
التعليقات