عندما اعيد تفعيل مجلس الشورى السعودي على يد خادم الحرمين الملك فهد طيب الله ثراه استبشرنا جميعا وتفاعلنا مع ذلك القرار التاريخي . ودورة بعد دورة كان أعضاؤه يتزايدون ومهامه تتوسع ولجانه تتشعب ولكن ماهي النتيجة ؟
ليست سلبية دون شك إنما ايجابياتها كانت ولا تزال دون الحد الأدنى المطلوب. أعضاء المجلس الموقر وحتى يومنا هذا لم يناقشوا أمرا جديا على المستوى الشعبي وان لجئوا أخيرا إلى استدعاء الوزراء لمناقشتهم في قضايا فرعية وهامشية .
وقد لفت نظري في الجلسة الأخيرة مطالبات غريبة من بعض الأعضاء مثل الاعتراض على بعض الكتب التي نشرت في معرض الكتاب الدولي في الرياض, والاعتراض على تزايد فرص عمل المرأة في التلفزيون.
والمثير للتساؤل هو ولماذا لا؟ ماهو المقلق في أن تزداد الفرص في عمل المرأة أو الرجل ؟ وإذا كان الاعتراض هو على المرأة فقط, فلنسأل الأعضاء لماذا تمنع المرأة تحديدا؟ هل في عملها مخالفة للدين؟ وكيف ذلك؟ ولا يكفي الإجابة بنعم أم لا بقطع كل يقين, فقد ولى أمر هز الرأس يا أعضاء الشورى. إن الشعب السعودي الآن منفتح على قنوات كثيرة تمنحه الجديد من هذا العالم كل يوم, مثل الانترنت والفضائيات والجوال بل وحتى الألعاب الالكترونية الجديدة للأطفال. وبالتالي فمن تخاطبوه يا أعضاء الشورى هو ليس ذاك المستقبل البسيط الذي كانت مصادر ثقافته لا تتجاوز المذياع ثم قناة تلفزيونية واحدة. نعم انك لا تستطيع أن تقنع الشباب الآن بان المرأة يجب أن تمكث في بيتها وهي تجاري وتضاري وتجايل أخيها في كل شيء، وتعشق كرة القدم, وتشجع المنتخب الوطني, وتسافر للسياحة والدراسة, وتتابع احدث الأفلام السينمائية, وتصادق عبر الانترنت, وتناقش من خلال وسائل الإعلام المختلفة . بل أن المرأة السعودية الآن أصبحت في مجال الطب والتعليم تتميز عن الرجل بسبب انحصار فرصها في هذين المجالين. كنت أتمنى لو أن أعضاء المجلس, بدلا من مناقشة وزارة الإعلام في عمل المرأة مذيعة, أن يشكرونها على ذلك, أليس في هذا فرصة عمل في وقت عزت فيه الفرص ؟ أم أن المجلس يريد من الوزارة أن توظف رجالا فقط وكأنما الوطن خال من النساء ؟ أم انه يريد نساء عربيات ؟ وإذا كان ذلك, أيعني هذا انه حلال إلا على السعوديات ؟ بصراحة أنا لا افهم وجه الاعتراض ولا اتقبله إلا انه من تأثير منتديات ظلامية جاهلة تشوه الدين أو لا تفهمه أو تستغله . والغريب أن المجلس الموقر وفي ذروة قضية اجتماعية تفاعلت وتصاعدت في المدة الأخيرة وهي الطلاق بسبب عدم تكافؤ النسب , أقول الغريب أن المجلس كان إذنا من طين وأخرى من عجين وكان الأمور على أحسن مايرام دونما أي تعليق من جانبه . وقبل ذلك بسنتين أجهض المجلس مطالبة احد أعضائه بمناقشة قيادة المرأة السعودية للسيارة ( وهي بالمناسبة سابقة تحدث لأول مرة في عدم مناقشة موضوع طرحه عضو من أعضاؤه ).
بالنسبة لمعرض الكتاب فتحية لهذه المنارة الثقافية التي تعبر عن كل وطن فكل دول العالم تحتفل بعرسها الثقافي عبر الكتاب ونحن لسنا بأقل منهم. واكرر مرة أخرى أن منع الكتاب لن يجدي نفعا في ظل انفتاح مصادر المعلومات المخيف الكاسح فدعوا القائمين على الثقافة يسيرون في عملهم التثقيفي التنموي وتفرغوا لقضايا أهم .
نعم إن مجلس الشورى قد أصاب حين ناقش غلاء الأسعار مثلا وهي قضية مهمة , ولكن التطرق في نظري إلى قضايا انفتاحية تدعمها السياسة العليا للدولة بدعم ومساندة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدا لله بن عبدالعزيز , يعتبر نوع من مغازلة بعض الفئات المتشددة لقضية محسومة سلفا .
أيها المجلس الموقر إن دوركم هو تحفيز من لا يعمل بان يعمل وليس بمن يعمل ألا يعمل فهل وصلت الرسالة ؟

[email protected]