ليس من الصحيح حصر ماساة شعب العراق بتواجد القوات متعددة الجنسيات التي تتواجد باسم القوات الامريكية، ورغم الجوانب السلبية منها خاصة انتقاص السيادة الوطنية،واستخدام بعض القوى تواجدها حجة باطلة، لاستدامة تفجير الوضع، الا ان تلك القوات تعتبر اليوم صمام امان لمنع تقسيم البلد وتحوله الى لقمة سائغة تتقاسمها دول الجوار والقوى الاقليمية الاخرى، كما انها السور المنيع لعودة فلوف النظام السابق والقوى الظلامية لاقامة نظام فاشي وشوفيني في العراق، وحسر الارهاب الذي تشنه تلك القوى التي تبرر قتل الانسان بحجج واهية ودون وزاع اخلاقي وتروم بناء عراق وفق مفاهيم بالية ومتخلفة واخراجه عن اطر العصر لما بعد التاريخ. ان المشاكل التي تواجه العراق قيادة وشعبا، اخذت اليوم ابعادا اخرى، وستحدد اساليب حلولها مستقبل العراق.

ان خروج القوات متعددة الجنسية على جناح السرعة ودون ترتيب متفق عليه ومدرس للنهاية، سيخدم من دون شك مصلحة اؤلئك الذين يخططون لاجهاض المشروع الوطني العراقي. عراق يقوم على التعددية الموجهة بالقانون. عراق ذو م يحمي فيه النظام كافة الاديان والمذاهب مثلما يحمي الديمقراطية. هذا هو منطق العصر. لابل منطق العصور حتى الاسلامية. فالعصور الاسلامية وفرت تعايش كافة النزعات والتيارات.عراق يؤمن بالحرية الشخصية وحرية الجماعة في اطار القانون. الحديث طبعا يدور حول نظام يضع الاسس ويرسم الافق لهذا العراق. ليس ثمة حل اخر سوى تمزق البلد وتقسيمه وانزلاقه في حروب طائفية وقومية وحزبية جنائية. ان المشروع العراقي الوحيد يقوم على المواطنة العراقية، لا الانتماء الذهبي او الديني.

ان القوى التي تشكل خطر فعلي على العراق هي تلك القوى التي تناهض بناء الدولة العراقية التي من المفترض لها ان تقوم على اسس حديثة. اسس تحترم حقوق الانسان والقوميات والاديان.تلك القوى هي التي تناصر الطائفية واعمال الارهاب والقتل على الهوية.وتراهن على الفوضى للاثراء واحتلال مكانة تليق بها.

ان القوى الظلامية تدرك ان بقاء العنف على هذا المستوى في البلد سيؤدي حتما الى نسف كافة الجهود السياسية والخطوات الرامية لاعادة بناء البني التحتية للاغراض المدنية التي تقوم بها الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، وينعكس سلبا على الوضع الانساني وعلى ضمان الحقوق المدنية والانسانية العامة للمواطن العراقي. لقد جرى في العراق تقويض الاسس الاجتماعية والسياسية للمجتمع، وسجل عدد اللاجئين والنازحين في داخل البلد، رقما قياسيا، بسبب الاحتراب الطائفي الذي تثيره قوى لخدمة مصالحها الانانية. ان ماساة الشعب العراقي الذي تكمن في انه اصبح هدفا للاعمال الارهابية، وفي حال عدم توقف العنف في البلاد فان كافة الانجازات في المجال السياسي ستكون معرضة للخطر.

حقا لقد شهد الوضع انخفاض بالخسائر من السكان المدنيين في المرحلة الاولى من تنفيذ quot; الخطة الامنيةquot; التي اعلنتها الحكومة ولكن نسب الاعمال الارهابية والتفجيرات وعدد القتلى المدنيين، تصاعدت فيما بعد من جديد. وهناك احتمال من ان تكون التشكيلات المسلحة الارهابية قد خفضت من نشاطها اثناء تنفيذ الخطة الامنية، استعدادا للقيام باعمال عنف جديدة بعد الانتهاء من تنفيذها انه ويالاضافة الى اجراءات ملاحقة القوى الارهاب والرهان على العنف لتحقيق اغراضها الساسية بتفجير الوضع، يجب تفعيل العملية السياسية بشاركة كافة القوى العراقية النزيهة والمخلصة في تعاملها ونواياها التي لاتتحرك بوجهين، القوى التي ترفض استخدام العنف والسلاح كوسيلة لتحقيق اغراض سياسية.

ومن المهم للغاية في ظل الوضع المترتب في البلد، تجنب القيام بالخطوات العشوائية التي يمكن ان تؤدي الى تعميق انقسام المجتمع. وان الوضع بتعقيداته والتباساته يوكد عدم وجود حلول سريعة لمشاكل العراق. وان حل تلك المشاكل يتطلب تجنب وضع اطر زمنية مصطنعة وصارمة بما في ذلك لخروج قوات التحالف الدولي. ان على الشعب العراق وقيادته الاختيار في نهاية المطاف بين التوصل الى تسوية سياسية متفق عليها، وبين الغرق في اتون النزاع.