من المؤكد أن السكوت عما يجرى فى أرضنا فى القطاع مع أهلنا وأبنائنا أصبح أمرا يكاد أن يكون خيانة للعيش المشترك والمحبة الوطنية.
فإن الشعب الفلسطينى المقهور من الاحتلال الاسرائيلى والحصار الظالم المفروض عليه من العالم لا يريد من السلطة الفلسطينية إلا الأمن، والذى يعانى منه كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.
ونقول اليوم وبملىء الصراحة: أن السلم الاهلى الفلسطينى يقف اليوم على حافة الهاوية، ومن غير المستبعد أبدا أن ينفجر أمام خطأ من هنا أو خطأ من هناك.

كان الشعب الفلسطينى يعتقد أن المشكلة الاساسية فى الفلتان الامنى هو عدم التوافق بتشكيل وزارة وحدة وطنية بين فتح وحماس، ولكن بعد تشكيل هذه الحكومة برعاية السعودية تنفس الفلسطينيون الصعداء، وقالوا الحمد لله الان نستطيع أن نحظى بالامان المنشود، ولكن مع الاسف الشديد، وبعد مدة وليست طويلة، إكتشف هذا الشعب المظلوم من إخوانه قبل أعدائه، أن صقور حماس وصقور فتح مازالوا يتقاتلون على كعكة المناصب، وعدم الالتفات الى مطالب الشعب، الذى سئم من الحركات المسلحة فى شوارع غزة. إن هذا السلاح يشكل عبىء على الآمنين والباحثين عن رزقهم، فتسد عليهم المرور فى الشوارع، وتحرمهم من الحركة، والنوم، والعمل وهدوء الاعصاب. والفلسطينى العادى يقول quot; لماذا نحمل السلاح والمفرقعات والمتفجرات بين المنازل والازقة مادام أن الذى نريد أن نقاتله ليس بين هذه المنازل ولا وراء هذه الازقة.

لقد أصبنا وحدتنا الوطنية فى الصميم فأصبحت هشة وقابلة للانفجار فى كل لحظة.
إن الفوضى التى تسود الاراضى الفلسطينية تبدو للناس وكأن المقصود منها هو التسليم الكامل بقدرة إسرائيل على فعل كل شىء، طالما نحن الفلسطينيون غير راغبون فى العيش بسلام مع بعضنا البعض.
وأصبحت الجريمة فى غزة والقطاع والضفة عادية، منها لاسباب مالية ومنها لاسباب جنسية. وكأننا نعيش بالقرون الوسطى وعلى سبيل المثال : نسمع أن أب باع أبنتيه القاصرتين لشابين بمبلغ لا تزيد عن ثلاثة ألاف دولار، وفى نموذج اَخر، أقدم تاجر على أستدراج زميله لعقد صفقة تجارية وقتله بعد أن أستولى منه على مبلغ 42 الف دولار، ومن تلك الجرائم : إقدام أربعة أشخاص على قتل شخص من أجل سرقة مبلغ 4.. دولار. ووصلت جرائم السرقة الى المؤسسات المالية، حيث قام موظفون فى إحدى المصارف بسلب 1.. ألف دولار بعد تزوير توقيع صاحبها.
وبهذا الوضع فإننا نسوف نفقد عواطف الاشقاء العرب الذين صاروا ينظرون إلينا على أننا حفنة من المنتفخين بالمزاعم والفارغين من الداخل، كالبالون الذى ينفجر من وخزة دبوس، كما إننا سوف نفقد إحترام العالم لقضيتنا المقدسة، فبدل إن كانت قضية شعب مظلوم أصبحت قضية مسلحين لا يريدون أن يعيشوا بسلام ولا يريدون لغيرهم أن يعيش بسلام.

ونفقد ثقة ومساعدة الدول المانحة، والتى سوف تقول لنا أنها لا تستطيع أن تبنى فى حين أن أصحاب البناء ndash; وليس إسرائيل ndash; يدمرون ما نبنيه، ويحرقون ما ندفعه لهم ونساعدهم. كما أننا فقدنا ثقتنا بعضا بالبعض الآخر.
ولعلى هنا أريد أن أنوه أن غالبية الشعب الفلسطينى المقهور لا ينتمى لاى فصيل مسلح، وهم الذين يدفعون ثمن هذا الفلتان ألامنى.
واليوم يخرج علينا فصيل جديد وهو جيش الاسلام ndash; ويتوعد بقتل مراسل البى بى سى المختطف، والذى نراه اليوم على شاشات التليفزيون، ومع الاسف فإن حكومة الوحدة الفلسطينية لا تستطيع وحتى لا تجرؤ على ملاحقة وإلقاء القبض على أى فرد من هذا الفصيل.
إن تصرفات الفصائل المسلحة فى القطاع تكاد أن تجعلنا نكفر بالحرية والتحرير.
فما دام أن هذه الحكومة غير قادرة على ذمام الامن، فلماذا تخوضون الانتخابات التشريعية فيصبح أمرنا ومستقبلنا بيديكم، ثم نكتشف أن هذه الوعود كلها وعود جوفاء ليس لها أى مصداقية أمام هذا الشعب المقهور.
إن على حكومة الوحدة الوطنية مسئولية الامانة لرفاهية الناس، وما عليها إلا أن تجزم أمرها وتضع حد نهائى لهذا الجدل العقيم بين فتح وحماس والعمل يدا واحدة لاخراج صيغة توافقية وواقعية تكون قادرة على أحترام القانون وضبط الامن لاراحة هذا الشعب المحاصر من الداخل والخارج وإلا فالسلام على قضيتنا ومستقبلنا.