مشكورة فرنسا على محاولتها احياء الحوار بين اللبنانيين. كانت المحاولة الفرنسية الهادفة ألى أعادة الربط بين اللبنانيين في محلها وأظهرت أن باريس لا تزال تمتلك رصيداً في لبنان وأن اللبنانيين يقدرون لها دورها على كل الصعد خصوصاً أنها دعمت دائما لبنان الحر السيد المستقل كما دعمت مشروع الأنماء والأعمار الذي أعاد الوطن الصغير الى خريطة الشرق الأوسط والعالم.
مثلما فهمت الأطراف المختلفة في لبنان ان عليها الذهاب ألى الحوار, حتى ولو كان ذلك في أحدى ضواحي باريس, الأحرى بها أن تمتلك شجاعة الأعتراف بالتحديات الحقيقية التي تواجه لبنان واللبنانيين في هذه المرحلة بالذات. في حال لم تعترف الأطراف المعنية, خصوصاً تلك التي تحولت ألى مجرد أدوات للمحور الأيراني ndash; السوري بطبيعة هذه التحديات, سيكون مؤتمر سان كلو قرب باريس مجرد لقاء ذي طابع أجتماعي يستخدم لتمرير الوقت ليس ألاّ.
في مقدم التحديات المطروحة المحاولات اليومية التي يبذلها النظام السوري للعودة ألى لبنان والتحكم برقاب اللبنانيين كما كا يفعل في الماضي. لم يتورع هذا النظام منذ أرتكابه جريمة التمديد للرئيس أميل لحود عن أرتكاب كل أنواع الجرائم من أجل تأكيد أمر واحد. كلّ ما يريد تأكيده أن لا حياة للبنان واللبنانيين أذا لم يكن البلد كله تحت الوصاية السورية وquot;ساحةquot; للمحور الأيراني ndash; السوري في الوقت ذاته. مطلوب أن يكون لبنان quot;ساحةquot; تستخدم لأبتزاز العرب وكل من يريد المحور الأيراني ndash; السوري أبتزازه خدمة لسياسات وأجندات لا علاقة للبنانيين بها لا من قريب أو بعيد. اللهم ألا أذا كان هناك من يعتبر أن لquot;حزب اللهquot; الذي يشكل بعناصره اللبنانية لواء من ألوية quot;الحرس الثوريquot; الأيراني أجندة لها علاقة بالمصلحة اللبنانية وبثقافة الحياة والتقدم والعلم والمعرفة والأنفتاح الموجودة لدى لدى اللبنانيين. من يمتلك مثل هذه الثقافة, لا يعتبر الأنتصار على لبنان, كما حصل الصيف الماضي, أنتصاراً على أسرائيل أو بديلاً من هذا الأنتصار. من يريد مصلحة لبنان لا يتحدث عن أنتصار عندما يهاجر اللبنانيون بالآلاف ويعود البلد ثلاثين عاما ألى خلف. هناك أنتصار ساحق ماحق على لبنان الحضاري المزدهر المنفتح على العرب والعالم تحقق نتيجة حرب الصيف الماضي. أنه أنتصار يصب في خدمة عملية واضحة المعالم تقتصر على الرغبة المستمرة في تغطية جرائم النظام السوري. كانت آخر الجرائم أغتيال النائب وليد عيدو رداً على أقرارمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المحكمة الدولية بموجب الفصل السابع.
من يريد مصلحة لبنان لا يغطي جرائم عصابة quot;فتح ndash; الأسلامquot; السورية في مخيم نهر البارد شمال لبنان ويسعى في الوقت ذاته ألى أثارة سكان المخيم الذين لجأوا ألى مخيم البداوي في وجه الجيش اللبناني الذي يخوض معركة الشرف والبطولة دفاعاً عن لبنان. أخيراً, من يريد مصلحة لبنان ويتهم الآخرين بأنهم أدوات لدى الولايات المتحدة والغرب لا يستكمل الحرب الأسرائيلية بأقامة مخيم البؤس وسط بيروت مستعيناً بأدوات مستأجرة من نوع المهرج برتبة جنرال ومن على شاكلته...
يمكن أن تكون للحوار بين اللبنانيين في فرنسا فائدة متى قبل المتحاورون البحث في كيفية مواجهة الهجمة السورية التي يتعرض لها لبنان عبر أدوات من أنواع مختلفة تبدأ بأحمد جبريل, بطل تدمير فنادق بيروت في أثناء حرب السنتين (1975 ndash; 1976) وأنتهاء بالصغار الصغار المنضمين ألى مخيم البؤس في وسط بيروت والملتحقين به. هناك بكل بساطة حملة ضخمة يتعرض لها لبنان واللبنانيون بهدف أخضاعهم وتدجينهم وخلق فراغ سياسي في البلد عبر المناداة بحكومة وحدة وطنية من دون ضمانات حقيقية بالنسبة ألى عدم تعطيل العمل الحكومي. تتضمن الحملة عمليات قتل وتفجير وأثارة كل أنواع المشاكل على الأراضي اللبنانية بما في ذلك التلويح بحرب مخيمات انطلاقاً مما يشهده مخيم نهر البارد. كذلك تتضمن الحملة السعي بكل الوسائل ألى أسقاط الحكومة الشرعية. أن معركة أسقاط الحكومة هي أم المعارك بالنسبة ألى النظام السوري وأولياء نعمته في طهران, نظراً ألى أن الحكومة شرعية وتمثل الحصن الأخير للشرعية في لبنان. أنها الغطاء الشرعي للمحكمة الدولية كما أنها المرجعية اللبنانية للقرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن والذي يعمل النظام السوري على نسفه.
هل يتجرأ المتحاورون في سان كلو على التطرق ألى التحديات الحقيقية التي تواجه لبنان بما في ذلك سلاح quot;حزب اللهquot; والسلاح الفلسطيني ومسألة توجيه العملاء الحقيقيين لأسرائيل أتهامات للبنانيين الشرفاء بأنهم أدوات أميركية؟ أذا فعلوا ذلك يكونوا أقدموا على خطوة أولى في أتجاه التوقف عن تغطية الجرائم التي يرتكبها النظام السوري. أذا لم يفعلوا تكون للحوار فائدة واحدة على الأقل تتلخص بتأكيد أنه لم يطرا أي تعديل على السياسة الفرنسية تجاه لبنان بعدما خلف نيكولا ساركوزي جاك شيراك وأن الرئيس الفرنسي الجديد سيصطدم بما أصطدم به سلفه, أي بالرغبة السورية بالهيمنة على لبنان ومقايضة السلم الأهلي في الوطن الصغير بأعادته ألى وصاية دمشق. في النهاية, لكل حوار فوائده. بين الفوائد المحتملة أكتشاف كم أن الطرق مسدودة في وجه أي حل في لبنان وكم النظام السوري على أستعداد للذهاب بعيداً في سعيه ألى تدمير لبنان عبر أدواته والأدوات التي أستأجرتها الأدوات!