قالت وزيرة التربية الإسرائيلية يولي تامير :quot;إن كتب التاريخ الخاصة بالطلاب الفلسطينيين تعرض النظرة المتداولة بين العرب والتي تؤكد أن الفلسطينيين يعتبرون الحرب بين إسرائيل والعرب (في العام 1948)نكبةquot;. وأضافت:quot;إن إسرائيل دولة يهودية ديموقراطية يجب أن يتمكن فيها المواطنون العرب من التعبير من مشاعرهم من أحداث التاريخ لكي يشعروا أنهم جزء من هذا البلدquot;(أ.ف.ب 22 يوليو الجاري).
هذا التصريح الملغوم للوزيرة الإسرائيلية يحمل في طياته الكثير من الدلالات التي يمكن التوقف عندها،وخصوصا كلامها علىquot;الدولة اليهودية. وفي تقرير الوكالة هناك فقرة تنص على quot; أن الكتب تشير إلى أن العرب رفضوا خطة الأمم المتحدة حول تقسيم فلسطين،في حين قبل بها المسؤولون اليهودquot;.
إن الاعتراف الإسرائيلي بـquot; حق الفلسطيني التعبير عن مشاعرهquot; بعد 59 عاما من العمليات الدؤوبة لطمس هويته هو محاولة تأكيد على نفي الحق في الوطن الذي قالت عنه تامير انهquot;دولة يهوديةquot;. إذ أن فلسطين في الاصل لم تكن دولة إسلامية او مسيحية او يهودية،كانت ومازالت وطنا يجمع الأديان كافة.
والاعتراف الإسرائيلي بـquot;التعبير عن المشاعرquot; مع التأكيد على يهودية الدولة لا يرتقي الى مستوى الاعتراف بالهوية الوطنية الفلسطينية للفريقquot;الذي رفض خطة التقسيم quot;،لان الاعتراف بـquot;النكبةquot; ليس أكثر من عنوان تندرج تحته مبررات تاريخية لا تستقيم مع منطق التاريخ، حتى إذا أخذنا بالمظهر الديموقراطي للتمثيل الفلسطيني في quot;الكنيست الإسرائيليquot;(15 نائبا لـ1.200 مليون فلسطيني)، إذ أن دون هذا التمثيل الكثير من العقبات السياسية التي تجعله منقوصا، وغير قابل للتطور.
وإذا كان الواقع يفرض على الفلسطيني بخاصة، والعربي بعامة، القبول بمنطق الدولتين، والتخلي عن منطق الحق الكامل بفلسطين، فان العقبات الكثيرة الموضوعة أمام هذا المواطن(العربي في الدولة اليهودية) تمنعه من التمتع بالمواطنة الكاملة، والقدس وما يجري فيها خير الأمثلة على ذلك، إضافة إلى عدم تنمية المناطق المحتلة منذ العام 1948 التي يعيش فيها الفلسطينيون بالقدر نفسه الذي تجري فيه عمليات التنمية في المستعمرات الإسرائيلية.
اللغة التي يستخدمها الفلسطيني في الدوائر الرسمية الإسرائيلية هي اللغة العبرية، ولغته الأم ليس معترفا فيها، إضافة إلى ذلك، هناك quot;الدولة اليهوديةquot;، اي أن هذا الفلسطيني يجب أن يقبل بمنطق الهوية الدينية للدولة التي quot;هو مواطن فيهاquot;،ما يعني ان مواطنته منقوصة على العكس تماما من المواطن الكامل الهوية.
إن هذه الإضافة الإسرائيلية على كتب التاريخ الدراسية الفلسطينية هي في جوهرها نفي نهائي لهوية الفلسطيني، إذ قبل هذا الاعتراف هناك اعتراف أكثر أهمية، وهو الاعتراف بحق هذا المواطن في العودة إلى دياره المصادرة والى أراضيه، ووقف العمل بقانون العودة، ووقف مصادرة الأملاك والأراضي الفلسطينية، ووقف تهويد القدس ونفي أبنائها منها إلى الأبد.
إن جوهر هذا الاعتراف الإسرائيلي بـquot;الحق في التعبير عن المشاعرquot; هو تحميل الفلسطيني مسؤولية عدم القبول بالتفريط بوطنه في العام 1948 في محاولة لتبرير الهوية اليهودية للدولة، والشرعنة التاريخية للاحتلال وطمس الهوية. ولهذا نسأل: بعد 30 عاما من الأن أي لغة سيتحدث الفلسطيني الذي بقي في وطنه المحتل منذ العام 1948؟