سؤال منطقي وإنساني يؤشر على خلل واضح وخطير في النفسية والعقلية العربية والإسلامية، فيما يتعلق بتحديد مفهوم ( الظلم والتضامن )، فالشعب الفلسطيني يحظى بدعم وتضامن كبيرين في الشارعين العربي والإسلامي، رغم أنه تضامن في غالبيته مجرد بيانات وتصريحات خطابية لا يستفيد منها الشعب الفلسطيني ميدانيا في أي مجال من مجالات حياته، بينما الشعب العربي الأهوازي الذي يواجه اضطهاد وقمع ووحشية الاحتلال الفارسي الإيراني، لا ذكر لمعاناته في الشارعين العربي و الإسلامي حتى في البيانات والخطابات إلى الحد الذي أستطيع الزعم أن الغالبية العظمى من الشعوب العربية والإسلامية لا تعرف أن هناك شعبا وأرضا عربية اسمها ( الأهواز ) محتلة منذ عام 1925 من السلطات الفارسية الإيرانية، وكذلك وحسب إطلاعي فلا يوجد أي منهج دراسي عربي في كافة مراحل التعليم يذكر هذا الاحتلال ولو مجرد ذكر تاريخي في سطرين، ولا غرابة في ذلك فالشعوب والأنظمة العربية بما فيها السوري نسيت تماما لواء الاسكندرونة السوري المحتل من تركيا عام 1936 والجزر الإماراتية الثلاثة المحتلة من إيران أيضا عام 1971، فهل من الغريب والمستهجن أن تنسى الأهواز وعربها. لماذا هذا النسيان وعدم التضامن الإعلامي الخطابي كما هو حاصل مع القضية الفلسطينية؟
أعتقد أن النفسية والعقلية العربية والإسلامية بشكل عام مستنفرة ضد ما هو أجنبي أي ما هو غير عربي ومسلم،بسبب الصراع التاريخي منذ ظهور الدين الإسلامي، وبالتالي كل ما يحدث باسم تحت غطاء أو صفة الإسلام فهو غير مستهجن بل أقرب للعادي والطبيعي، بدليل أن احتلا ل تركيا لعموم الأقطار العربية طوال 400 عام تحت مسمى الخلافة العثمانية كان مرحبا به ومرغوبا رغم كل الظلم والجرائم التي ارتكبها الاحتلال التركي تحت ذلك المسمى، لدرجة أن هناك قوى عربية رفضت التنسيق والتعاون مع الحلفاء إبان الحرب العالمية الأولى ضد الرجل المريض ( تركيا )، ورغم ذلك تعاونت بعض القوى العربية مع الحلفاء حتى تمّ هزيمة الاحتلال التركي ورحيله، ولولا ذلك ربما لاستمر ذلك الاحتلال بتخلفه وجرائمه حتى اليوم. وهذا ينطبق بشكل من الأشكال على الاحتلال الفارسي الإيراني للأهواز والجزر الإماراتية الثلاث، التي لو كانت محتلة من دولة أوربية أو أمريكية لشهدت ذلك التضامن الخطابي الكلامي دون فعل على الأرض، وهذا يذكّر بموقف آخر يدعم رؤيتي هذه للنفسية والعقلية العربية وهو احتلال دولة الكويت عام 1990 من قبل جيش الطاغية المقبور صدام حسين، فقد أيدّ وهلّل لذلك الاحتلال نسبة من الشعوب والحكومات العربية بما فيها الشعب الفلسطيني وقيادة عرفات آنذاك رغم أنهم يعانون من احتلال مماثل أرحم بدرجات من احتلال صدام الذي خرّب دولة الكويت وحرق آبار نفطها ونهب بنوكها ووزارتها ومكتبات جامعاتها. أليس هذا تناقض غريب عجيب يؤشر على ذلك الخلل في العقلية العربية الإسلامية ؟
وتستمر جرائم الاحتلال الفارسي
وقد توّج الاحتلال الفارسي جرائمه بحق الشعب العربي الأهوازي الأيام القليلة الماضية بتنفيذ حكم الإعدام بثلاثة من الناشطين الأهوازيين هم: عبد الرضا النواصري، والشقيقين جعفر و محمد علي السواري على خلفية نشاطاتهما ضد مشروع قصب السكر العنصري الاستيطاني الرامي لتفريغ القرى والبلدات العربية من سكانها العرب حسب ما أوضح بيان حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي الذي انفردت إيلاف بنشره يوم 12 سبتمبر الحالي، وصعدّ قوات الاحتلال الإيراني عملياتها الهمجية فتصدت بالرصاص للمظاهرات التي خرجت احتجاجا على تلك الإعدامات فقتلت شخصا واحدا وجرحت العشرات. وكما أوضح بيان الحزب فإن ( ظلم السلطات الحاكمة في إيران لا يقف عند حد فهي تمنع ذوي الشهداء من إقامة مراسم تأبين عامة لهم وتدفنهم في مقابر بلا معالم تقع في منطقة البرومي يحمل كل قبر فيه رقما محددا و تطلق عليها اسم مقار اللعنة )، وهذا ما لا تفعله سلطات الاحتلال الإسرائيلي فعلا، ورغم ذلك يتجاهل العرب والمسلمون نهائيا جرائم الاحتلال الإيراني هذه، بينما يخطبون ويصدرون عشرات البيانات والتصريحات ضد أي عمل من أعمال الاحتلال الإسرائيلي، والدليل على ذلك أن قتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة في الثلاثين من سبتمبر لعام 2000، شهد عشرات ألاف القصائد والبيانات والمقالات والتحقيقات باللغة العربية وكافة اللغات المستعملة في الدول الإسلامية بما فيها إيران، إلا أن القتل اليومي لأطفال العراق وأهلهم من قبل الإرهابيين العرب والمسلمين، يشهد سلوكا مخزيا وهو تمجيد هؤلاء القتلة الإرهابيين باسم المقاومة واعتبار قتلاهم شهداء موعودين بالجنة والحور العين ويشفع بعضهم لثمانين من مريديه كما قال الإخوان المسلمين في الأردن بحق المجرم المقبور الزرقاوي.
لذلك ليس مستغربا من العرب والمسلمين هذا السكوت المخزي على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الفارسي الإيراني ضد عرب الأهواز، وأساسا نسيان هذا الاحتلال وعدم ذكره لا في الثقافة الشعبية اليومية ولا المناهج الدراسية وبالتالي فمن ( يهن يسهل الهوان عليه )، ولا عزاء لشعب الأهواز إلا بالاعتماد على الذات فلا أمل يرجى من عرب ومسلمين يتحالفون مع النظام الفارسي أو يسكتون على احتلاله وجرائمه، وهو الذي يهدد علنا بإعادة احتلال دولة البحرين العربية، وبحرق وتدمير دول الخليج العربي إن هو تعرض لهجوم غربي، وسيظل العرب تحديدا يتحالف بعضهم مع هذا النظام ويسكت بعضهم على جرائمه إلا أن يتيقنوا عمليا أنه فعلا أخطر من إسرائيل ولكن بعد فوات الأوان وعندما لا ينفع الندم.
[email protected]
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه
التعليقات