الكتاب: ضيوف ما بعد الحداثة.
الكاتب: حسام سعد.
الصفحات: 214صفحة.
الناشر: دار الفكر، دمشق، طبعة أولى، 2008م.
الكاتب: حسام سعد.
الصفحات: 214صفحة.
الناشر: دار الفكر، دمشق، طبعة أولى، 2008م.
شكل ظهور تيار المؤرخين الجدد في المجتمع الإسرائيلي حينئذ صدمة للوعي العربي والإسلامي أكثر منه مفاجأة للنسيج الاجتماعي الصهيوني (المفكك أصلاً). فأن يتم انتقاد ممارسات الكيان الصهيوني الوحشية منذ نشأته وأن تنتقد ممارسات وأعمال (الآباء المؤسسين) لدولة الكيان الصهيوني، على ما يتمتعون به من هالة تبجيلية تصل بهم إلى درجة القداسة، فإن ذلك يمكن أن يندرج ضمن سياق quot;الديمقراطيةquot; والحريات العلمية والشخصية التي تتغنى quot;إسرائيلquot; بكونها واحة الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط.
أما أن يصل الأمر إلى حد الكشف عن مجازر ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وبعده، مثل مجزرة أهالي (الطنطورة) قضاء حيفا على الساحل الفلسطيني، وأن يتم الكشف عن مئات الملفات الصهيونية لا تزال سرية، خاصة تلك المتعلقة بالتخطيط الصهيوني لاحتلال وطرد أهالي المدن والقرى الفلسطينية بالقوة والترهيب، فضلاً عن الملفات التي تشير إلى عملية التفاوض بين الحركة الصهيونية والقوى العظمى قبل وبعد إنشاء إسرائيل في أيار 1948 فهذا من شأنه أن يخلق بلبلة في صفوف الحركة الصهيونية وسياسييها، كما فعل تيار المؤرخون الجدد.
بعد أن يشير المؤلف في مقدمته إلى تبدل موازين القوى في العالم واعتماد الكيان الصهيوني على الولايات المتحدة الأمريكية كبديل للقوتين التقليديتين (بريطانيا وفرنسا)، ينتقل في الفصل الأول لبحث المتغيرات السياسية لعبت دوراً مركزياً في صعود ظاهرة المؤرخين الجدد، ويسميهم بالانتقاديين الجدد نظراً لعدم انحصار هذه المجموعة بفئة المؤرخين وتشاركهم مع غيرهم من الباحثين في مجالات متعددة. وتتلخص رؤية هذا التيار بإمكانية قبول الحوار مع الفلسطينيين بوصفهم ذوو هوية وتاريخ في فلسطين، والقبول بإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال إعادة الاتفاق على تفاصيل التاريخ الحديث الاستقلال/النكبة.
ويحدد الكتاب أهم القواسم المشتركة لأطروحات المؤرخين الجدد رغم بعض التباينات البسيطة في عدد من النقاط، منها الشك في الرواية الصهيونية الرسمية حول حرب عام 1948. وتحديد موقف قادة الصهيونية (اليشوف) من إبادة اليهود في أوروبا. وملامح مشروع بناء الدولة الصهيونية. والأسس التي أرست صورة الهوية اليهودية في الدولة العبرية.
ويعدد المؤلف بعض نتاجات هذا التيار، ومنها كتاب quot;ولادة مسألة اللاجئين الفلسطينيينquot; لبني موريس، وكتاب quot;ميلاد إسرائيل: الأسطورة والحقيقةquot; لسمحا فلابن، وكتاب quot;بريطانيا والنزاع العربي الإسرائيليquot; لإيلان بابيه وغيرهم. إلا أن الغريب في نتاجات هذا التيار هو عدم امتلاكه الشجاعة لتحميل العصابات الإسرائيلية وبريطانيا المسؤولية التاريخية والسياسية والأخلاقية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين وعمليات الترانسفير التي حلت بالشعب الفلسطيني. بل أشار (بني موريس) في كتبه المختلفة إلى أن الحاجة لإنشاء الدولة (إسرائيل) أهم من الظلم الواقع على الفلسطينيين نتيجة اقتلاعهم، في نزعة عنصرية ضد الفلسطينيين.
ثم ينتقل المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب إلى بحث بروز ثنائيات الأنا والآخر عند الإسرائيليين، حيث يتم الاعتماد دائماً على منطق استعماري محدد بأحكام تصدر قوانين تشكل نظريات ثابتة تجاه الـquot;نحن والآخرquot; وفي حالة ما بعد الحداثة تبدو مفاهيم مثل (الوصاية) و(الانتداب) و(الاحتلال) على جانب سياسي عسكري، واستشراف وتنميط وفكر كولونيالي على جانب معرفي فكري، للسيطرة والهيمنة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدراته.
وفي سعي لتكريس السطوة الأيديولوجية، حاولت المؤسسات الصهيونية المختلفة منذ العام 1948 تكريس رواية تنطلق من ذاتية يهودية تحاول تفريغ الآخر العربي من تاريخه وصفاته ومكوناته المختلفة على الرغم من تشكيلهم لما يزيد عن مليون أربعمائة ألف نسمة داخل الخط الأخضر. مبرزاً معاناة فلسطيني الداخل من أشكال عديدة من التمييز على مستوى العلاقة السياسية القانونية بالدولة وضعف الثقة بهم، حيث تنظر إليهم المؤسسة الإسرائيلية أنهم طابور خامس تارة، وأنهم قضية أمنية تارة أخرى.
وفي الفصل الثالث من الكتاب يؤكد الكاتب أن الصهيونية قد أرست مفاهيمها لتكرس تعريفاً للهوية اليهودية في بعدها القومي يتماهى مع المفهوم الأوروبي ظاهرياً ويناقضه عملياً. وفي هذا السياق يرى المفكر الفلسطيني عزمي بشارة أن صراع الصهيونية مع أوروبا صراع خارجي لا تناقض فيه، فهي تدير ظهرها لأوروبا ليكون بإمكانها أن تمثل أوروبا أمام الشرق، فخارج أوروبا تسنح لها الفرصة بأن تصبح أوروبية. ويرى (أوري رام) أن وصف الصهيونية كحركة كولونيالية يعتبر نوعاً من التشويه لأنه ينطوي على النظر إلى إسرائيل باعتبارها مجتمعاً كولونيالياً، وأنه اعتراف ضمني بأن اليهود احتلوا أرضاً مأهولة واستغلوا وطردوا السكان العرب الأصليين مما يتنافى مع الصورة الذاتية التي رسمها الصهاينة عن الصهيونية باعتبارها حركة شعب بلا أرض يعود إلى أرض بلا شعب.
ثم ينتقل الكتاب لتوضيح أهم أفكار ودعوات تيار quot;ما بعد الصهيونيةquot; الهادفة إلى البحث عن تعريف جديد للهوية الإسرائيلية يصب في إطار مدني وليس ثيوتاريخي، وما يواجه ذلك من اعتراض الادعاء بدفن التاريخ المؤسس لتاريخ الدولة، أي دفن الصهيونية ذاتها. فيرى أحد أهم رجالات هذا التيار (إيلان بابيه) أن هناك ثلاث تيارات متعارضة: الصهيونية التقليدية التي يمثلها حزباً العمل والليكود وتمثل التيار السائد، والصهيونية الجديدة التي تعتبر تفسيراً متطرفاً للصهيونية، وتمثل التحالف بين الحاخامات الأرثوذكس والمستوطنين القوميين المتطرفين. أما ما بعد الصهيونية فهي ظاهرة يهودية تمثل مرحلة انتقالية للخروج من الصهيونية، نشأت في أوساط الطبقة المتوسطة بين التجمع الاستيطاني في إسرائيل. ليصل المؤلف إلى تحديد تقاطعات بين تيار ما بعد الصهيونية وتيار المؤرخين الجدد من خلال ثلاثة محاور من الأفكار المناقضة الصهيونية، وهي انتهاء دور الصهيونية في الحياة العملية، وتصفية حسابات الصهيونية مع التاريخ، والاعتراف بكولونيالية الحركة الصهيونية المدعومة من الفكر الاستعماري الأوروبي الحديث.
أما أن يصل الأمر إلى حد الكشف عن مجازر ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وبعده، مثل مجزرة أهالي (الطنطورة) قضاء حيفا على الساحل الفلسطيني، وأن يتم الكشف عن مئات الملفات الصهيونية لا تزال سرية، خاصة تلك المتعلقة بالتخطيط الصهيوني لاحتلال وطرد أهالي المدن والقرى الفلسطينية بالقوة والترهيب، فضلاً عن الملفات التي تشير إلى عملية التفاوض بين الحركة الصهيونية والقوى العظمى قبل وبعد إنشاء إسرائيل في أيار 1948 فهذا من شأنه أن يخلق بلبلة في صفوف الحركة الصهيونية وسياسييها، كما فعل تيار المؤرخون الجدد.
بعد أن يشير المؤلف في مقدمته إلى تبدل موازين القوى في العالم واعتماد الكيان الصهيوني على الولايات المتحدة الأمريكية كبديل للقوتين التقليديتين (بريطانيا وفرنسا)، ينتقل في الفصل الأول لبحث المتغيرات السياسية لعبت دوراً مركزياً في صعود ظاهرة المؤرخين الجدد، ويسميهم بالانتقاديين الجدد نظراً لعدم انحصار هذه المجموعة بفئة المؤرخين وتشاركهم مع غيرهم من الباحثين في مجالات متعددة. وتتلخص رؤية هذا التيار بإمكانية قبول الحوار مع الفلسطينيين بوصفهم ذوو هوية وتاريخ في فلسطين، والقبول بإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال إعادة الاتفاق على تفاصيل التاريخ الحديث الاستقلال/النكبة.
ويحدد الكتاب أهم القواسم المشتركة لأطروحات المؤرخين الجدد رغم بعض التباينات البسيطة في عدد من النقاط، منها الشك في الرواية الصهيونية الرسمية حول حرب عام 1948. وتحديد موقف قادة الصهيونية (اليشوف) من إبادة اليهود في أوروبا. وملامح مشروع بناء الدولة الصهيونية. والأسس التي أرست صورة الهوية اليهودية في الدولة العبرية.
ويعدد المؤلف بعض نتاجات هذا التيار، ومنها كتاب quot;ولادة مسألة اللاجئين الفلسطينيينquot; لبني موريس، وكتاب quot;ميلاد إسرائيل: الأسطورة والحقيقةquot; لسمحا فلابن، وكتاب quot;بريطانيا والنزاع العربي الإسرائيليquot; لإيلان بابيه وغيرهم. إلا أن الغريب في نتاجات هذا التيار هو عدم امتلاكه الشجاعة لتحميل العصابات الإسرائيلية وبريطانيا المسؤولية التاريخية والسياسية والأخلاقية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين وعمليات الترانسفير التي حلت بالشعب الفلسطيني. بل أشار (بني موريس) في كتبه المختلفة إلى أن الحاجة لإنشاء الدولة (إسرائيل) أهم من الظلم الواقع على الفلسطينيين نتيجة اقتلاعهم، في نزعة عنصرية ضد الفلسطينيين.
ثم ينتقل المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب إلى بحث بروز ثنائيات الأنا والآخر عند الإسرائيليين، حيث يتم الاعتماد دائماً على منطق استعماري محدد بأحكام تصدر قوانين تشكل نظريات ثابتة تجاه الـquot;نحن والآخرquot; وفي حالة ما بعد الحداثة تبدو مفاهيم مثل (الوصاية) و(الانتداب) و(الاحتلال) على جانب سياسي عسكري، واستشراف وتنميط وفكر كولونيالي على جانب معرفي فكري، للسيطرة والهيمنة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدراته.
وفي سعي لتكريس السطوة الأيديولوجية، حاولت المؤسسات الصهيونية المختلفة منذ العام 1948 تكريس رواية تنطلق من ذاتية يهودية تحاول تفريغ الآخر العربي من تاريخه وصفاته ومكوناته المختلفة على الرغم من تشكيلهم لما يزيد عن مليون أربعمائة ألف نسمة داخل الخط الأخضر. مبرزاً معاناة فلسطيني الداخل من أشكال عديدة من التمييز على مستوى العلاقة السياسية القانونية بالدولة وضعف الثقة بهم، حيث تنظر إليهم المؤسسة الإسرائيلية أنهم طابور خامس تارة، وأنهم قضية أمنية تارة أخرى.
وفي الفصل الثالث من الكتاب يؤكد الكاتب أن الصهيونية قد أرست مفاهيمها لتكرس تعريفاً للهوية اليهودية في بعدها القومي يتماهى مع المفهوم الأوروبي ظاهرياً ويناقضه عملياً. وفي هذا السياق يرى المفكر الفلسطيني عزمي بشارة أن صراع الصهيونية مع أوروبا صراع خارجي لا تناقض فيه، فهي تدير ظهرها لأوروبا ليكون بإمكانها أن تمثل أوروبا أمام الشرق، فخارج أوروبا تسنح لها الفرصة بأن تصبح أوروبية. ويرى (أوري رام) أن وصف الصهيونية كحركة كولونيالية يعتبر نوعاً من التشويه لأنه ينطوي على النظر إلى إسرائيل باعتبارها مجتمعاً كولونيالياً، وأنه اعتراف ضمني بأن اليهود احتلوا أرضاً مأهولة واستغلوا وطردوا السكان العرب الأصليين مما يتنافى مع الصورة الذاتية التي رسمها الصهاينة عن الصهيونية باعتبارها حركة شعب بلا أرض يعود إلى أرض بلا شعب.
ثم ينتقل الكتاب لتوضيح أهم أفكار ودعوات تيار quot;ما بعد الصهيونيةquot; الهادفة إلى البحث عن تعريف جديد للهوية الإسرائيلية يصب في إطار مدني وليس ثيوتاريخي، وما يواجه ذلك من اعتراض الادعاء بدفن التاريخ المؤسس لتاريخ الدولة، أي دفن الصهيونية ذاتها. فيرى أحد أهم رجالات هذا التيار (إيلان بابيه) أن هناك ثلاث تيارات متعارضة: الصهيونية التقليدية التي يمثلها حزباً العمل والليكود وتمثل التيار السائد، والصهيونية الجديدة التي تعتبر تفسيراً متطرفاً للصهيونية، وتمثل التحالف بين الحاخامات الأرثوذكس والمستوطنين القوميين المتطرفين. أما ما بعد الصهيونية فهي ظاهرة يهودية تمثل مرحلة انتقالية للخروج من الصهيونية، نشأت في أوساط الطبقة المتوسطة بين التجمع الاستيطاني في إسرائيل. ليصل المؤلف إلى تحديد تقاطعات بين تيار ما بعد الصهيونية وتيار المؤرخين الجدد من خلال ثلاثة محاور من الأفكار المناقضة الصهيونية، وهي انتهاء دور الصهيونية في الحياة العملية، وتصفية حسابات الصهيونية مع التاريخ، والاعتراف بكولونيالية الحركة الصهيونية المدعومة من الفكر الاستعماري الأوروبي الحديث.
التعليقات