تُطِلُّ علينا المؤتمرات quot;النسويةquot; العربية على إيقاعِ واقعٍ أقلُّ ما يُقال فيه بأنه يكرس الدونيّة بحق المرأة ويسوّغ العنف. وكان آخر هذه quot;الكرنفالاتquot; المؤتمر الثاني لمنظمة المرأة العربية الذي عُقِد في قصر الإمارات quot; في العاصمة الإماراتية أبو ظبي تحت شعار quot;المرأة في مفهوم وقضايا أمن الإنسان...المنظور العربي والدولي quot; وذلك بحضور معظم زوجات رؤساء الدول العربية، والذي أول ما نتج عنه اطلاق استراتيجية إعلامية ؛ مما يوحي بِأن وَضع المرأة على أحسن مايرام ولم يتبقى إلا معالجة quot;الاعلام quot; واستراتيجياته حتى تكتمل الأمور في نصابها وتنال المرأة حقوقها!
فquot;الأمنquot; كمفهوم مازال غائبًا عن معظم الدول العربية، التي مازالت ترزح تحت احتلالات من أنواعٍ شتى سواء كانت احتلالات quot;عسكريةquot;، او احتلالات quot;جهلquot; تخضع لها الجباه ولم تخرج من نفقها منذ عصور، أوكانت إحتلالات quot;الزعيم quot; وزبانيته الذين كمّوا أفواه الشعوب وأودعوا شبابهم الزنازين والمعتقلات في ظلّ غياب quot;الديموقراطيات والحريات الفاعلة وإحترام الانسان ! علاوة على احتلالات فكر التطرف و quot;رجال الدينquot; الذين يطلقون فتاوى quot;ارضاع الكبيرquot; وتزويج quot;القاصرquot; و تحريم quot;الميكي ماوسquot;، وإهدار دم أصحاب الفضائيات quot;الماجنة...!
وفي الوقت الذي تشير فيه التقارير الى وجود 100 مليون أمي في المنطقة العربية نسبة 64 في المئة منهم من النساء، تطلق لنا quot;السيدات العربيات الأولquot; سلسلة توصيات quot;فضفاضة quot; تصلح لسيدات quot;الصالونات المخملية quot; اللواتي يتنقلن بين موناكو وجنيف، وأهم هذه التوصيات هي: (استمعن جيدًا يا معشر النساء)!
أولا: فتح باب الحوار مع اللجنة العالمية لأمن الإنسان للفت النظر إلى الرؤية العربية للأمن الإنساني للمرأة وتضمينها في التعاطي الدولي لهذا المفهوم.
ثانياً: بلورة مرجعية بحثية عن الأمن الإنساني للمرأة في الوطن العربية مع استحداث مؤشرات واضحة قابلة للقياس وتكوين دليل قياسي لأمن المرأة الإنساني.
ثالثا: رفع الوعي بالقانون الدولي الإنساني ونشر ثقافته وعلاقته بالمرأة وإحداث الآليات الملائمة لتجسيده على أرض الواقع.
رابعاً: ربط إستراتيجية منظمة المرأة العربية لمفهوم أمن الإنسان والعمل على ترسيخ أبعاده في برامج وسياسات المنظمة.
خامساً:استثمار الإستراتيجية الإعلامية لمنظمة المرأة العربية في إرساء فكرة الأمن الإنساني للمرأة العربية.
سادساً: دعم دور المرأة كصانعة للأمن والاستقرار، وليس فقط كطالب للأمن والحماية.
هذه هي التوصيات! فنمن على حرير يا سيدات غزّة والعراق والصومال ودارفور...!
فالتوصية الثانية سترفع من وعيكن quot;بالقانون الدولي quot;! لأن أمهاتنا العربيات قد quot;فهمن قانون دولهن وخبرنه وشبعن منه وشاركن في صنعه quot; وهو تمام وممتاز ولا يحتاج لنقاش ولا من يحزنون! فالقوانين في الدول العربية على درجة عالية من التطور والديموقراطية والحرية! ولم يتبق لكنّ الآن إلا الوعي بالقانون الدولي لتستقر أوضاعكن!
الغريب أن أحدًا لم يتناول خلال هذا المؤتمر quot;الضخم quot; quot;قانون الاحوال الشخصية quot; في الدول العربية الذي يُعدّ من كارثة كوارث التي ترتكب بحق الانسانية، فالقوانين مازالت إلى الآن تكرس الاضطهاد والعنصرية والعنف، فتجيز زواج الطفلة القاصر، ولا تسمح للبالغة بأن تزوج نفسها دون ولي، وتبرر قتل المرأة تحت ستار quot;جرائم الشرفquot;، وتحرم الأنثى من أبسط حقوقها المدنية الطبيعية كقيادة السيارة، وتجبر السيدات على الحجاب......
العجيب ان هذا المؤتمر قد تزامن مع فوز الطفلة اليمنية quot;نجود عليquot; ذات العشرة أعوام على جائزة quot;امرأة العامquot; في الولايات المتحدة، بعدما اشتهرت عالمياً بعد رفعها دعوى قضائية لتطليقها من رجل يكبرها بثلاث مرات تقريباً، وقد جعلها تمردها على الزواج القسري شخصية دولية شهيرة، وأبرزت قصتها في العديد من المجلات و الفضائيات الدولية.
ونجود إحدى كثيرات في الوطن العربي (وليس اليمن وحسب)، ممن يجبرن على ترك مقاعد الدراسة ويتم تزويجهن لرجال يمارسن quot;ذكوريتهم المفرطة quot; بحقهن وهن قاصرات، ويُعتدى عليهن جنسيًّا تحت شعار quot;الزواج!
إذن جملة لا يُستهان بها من الاسئلة ينبغي طرحها ولا يتسع لها المقام، غير انها ملّحة:
أليس من الأجدى أن تُكرّم quot;نجود quot; في quot;أبوظبي quot; يا سيدات quot;الصف الأولquot; وعلى أيديكن بدلاً من تكريمها في نيويوك!!؟؟
أليس من الأفضل طرح توصيات أكثر تواضعًا وأكثر عونًا في رفع quot;النكباتquot; بدلا من إطلاق توصيات quot;تبريريةquot;!
أليس من الاجدى بناء مدرسة quot;لمحو الجهل والامية quot; في الصومال عوضًا عن إطلاق quot;استراتيجية إعلامية quot; ضخمة؟؟؟
أليس من الأفضل مسح دمعة quot;أمٍ ثكلى quot; فقدت أبنائها في زنازين quot;السلطات quot; ورفع الظلم عنها بقانون يمنع حبس quot;القاصرquot; وتعذيبه بدلا من الحديث عن quot;سياسات منظمة المرأة وإحداثياتها؟
أليس من الأفضل إرسال متطوعات متخصصات وانشاء مخيمات ميدانية للتوعية الصحية في مناطق النكبات بدلا من انفاق ميزانية ضخمة في مؤتمرات لملئ quot; الأجنحة الملكية في فنادق السبعة نجومquot;!
أسئلة لا تحصى، نعم! غير ان هذه المؤتمرات لا تشكّل أكثر من عملية نفاق فكريّ وتواطؤٍ سياسي،تكاد تكون توصياتها أشبه بآثام تطلق بحق الانسانية وهي في أحسن الاحوال مجرد تبريرات للمكانة المتدنية للمرأة العربية القائمة على أساس نقصان quot;العقل quot; والدين quot;، وهي لا تغدو أكثر من مدائح متبادلة بين زوجات الرؤساء الاكارم يبخرن من خلاله سلطة quot;أزواجهنquot;!
[email protected]
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com