ترحيل الفلسطينيين واللبنانيين من الإمارات: حقيقة أم ضجة..... مفتعلة لأهداف خاصة بها

تواترت في الأسابيع القليلة الماضية أنباء متلاحقة عن إبعاد جماعي للفسطينيين من حملة وثائق السفر من دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديدا من إمارة أبو ظبي، ثم تلتها ضمن نفس السياق الأنباء الخاصة بترحيل لبنانيين من الطائفة الشيعية تحديدا، تلا هذه الأخبار تصعيد في الساحة اللبنانية نجم عنه تشكيل لجنة متابعة لأوضاع هؤلاء المبعدين تراسها حسام عليان أحد هؤلاء المبعدين، وما نشرته وسائل إعلام لبنانية من أن رئيس جهاز أمن مطار الرئيس رفيق الحريري العميد وفيق شقير المقرب من حزب الله، قد تلقى تعليمات بحصر المسافرين الإماراتيين المترددين إلى بيروت، فيما اشتكى بعض المواطنيين الإماراتيين من تعرضهم لمضايقات علنية في بعض شوارع العاصمة اللبنانية، وصل بعضها حد إشهار السلاح في وجه أحد الإماراتيين وهو يستقل سيارة أجرة.

حقيقة أم ضجة مفتعلة؟
يجيب على هذا التساؤل الرصد الدقيق لبدايات الضخ الإعلامي في هذه القضية ومحاور هذا الضخ. إذ يلاحظ أن البداية كانت من خلال ما بثته وكالة الأنباء الإيرانية (وكالة فارس)، إذ كانت بداية هذا البث نشرها خبرا يقول: quot; الدفعة الأولى من اللبنانيين أبعدت بعد الانتخابات اللبنانية التي جرت في لبنان في يونيو / حزيران، وفازت فيها الموالاة المدعومة من الغرب ومن دول في الخليج الفارسي quot;. من الواضح أن هدف الوكالة الإيرانية هو اللعب على العواطف لتمرير تسمية (الخليج الفارسي) الذي هو عند كل العرب (الخليج العربي). والتناقض المفضوح هو ربط عمليات الإبعاد المزعومة بفوز الموالاة وخسارة المعارضة المدعومة إيرانيا، فلماذا الانتقام من خلال الإبعاد طالما المعارضة قد خسرت، وربحت الانتخابات الموالاة (الأغلبية) المدعومة من الغرب ودول في الخليج العربي حسب التسمية العربية وليس الفارسية !!. ثم دخلت على الخط جريدة السفير اليومية اللبنانية الموالية لحزب الله أيضا، بربطها إبعاد بعض اللبنانيين بإبعاد بعض الفلسطينيين ومحاولة دسّ السم في ثنايا الخبر من خلال تجيير المبعدين اللبنانيين المفترضين للون طائفي معين (الشيعة) ودمغ الفلسطينيين منهم بصفة سياسية (التنظيمات الإسلامية المعارضة للسلطة الفلسطينية)، و زايد على ذلك حسان عليان بإدعائه (أن قرار الإبعاد يستهدف كل من يأتي من بيئة لها وجه مقاومة)، ومن الواضح أن هذا إدعاء يفتقر للموضوعية، إذ يستطيع التمسح بلباس المقاومة كل فاشل أو مقصر تم إنهاء عقد عمله، خاصة أن عمليات انهاء العقود تمارس كل يوم وفي (بيئات المقاومة) ذاتها، إذ أن ما قام به حزب الله عقب اجتياحه لبيروت في تموز 2008، وما قامت به شقيقته (حماس) عقب انقلابها العسكري في يونيو 2007، ليس إنهاء لعقود بعض الموظفين بل هو إنهاء كامل لاستقرار الوطن والشعب. ومن الملاحظ هو استمرار بث (وكالة فارس) لأية أنباء تتعلق بالموضوع ونشرها في صفحاتها الأولى، وكأنها أهم من المباحثات الإيرانية الأوربية المتعلقة بالملف النووي الإيراني، مع التركيز على الانتماء المذهبي الشيعي للمبعدين، و لأنه لا يوجد شيعة بين الفلسطينيين لذلك تم ضخ صفة (المقاومة) كي تشمل الفلسطيني واللبناني، وكأنه ليس بين عشرات ألاف الفلسطينيين واللبنانيين الذين ما زالوا يقيمون ويعملون في دولة الإمارات من يدعم المقاومة.


دخول حماس على الخط لمزيد من الضجيج
وعلى الفور دخلت حماس على خط الضخ الإعلامي لهذه القضية المبالغ فيها، وعلى أعلى مستوياتها الحماسية، فقد أعلن حسام أحمد مسؤول دائرة اللاجئين التابعة للحركة، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (أن الفلسطينيين في دول الخليج خاصة دولة الإمارات يتعرضون بهدوء ودون ضجيج لفصل جديد من فصول مأسىتهم عبر طردهم وترحيلهم لدواع أمنية واهية). ومن المهم ملاحظة القصد من التشويش على سمعة دولة الإمارات بتخصيصه التصريح لوكالة الأنباء الألمانية، وذكره لدول الخليج بدون أية صفة عربية أو فارسية كي يرضي أسياده في النظام الإيراني، واتهامه يطال كل دول الخليج العربي أي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان، فهذه هي الدول التي تشكل ما يعرف باسم (مجلس التعاون الخليجي). واسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة قال إنه يطلب توضيحات لهذا الأمر. أما أمر ترحيل حكومة حماس لعشرات من العائلات الفتحاوية وزج المئات منهم في السجون أو هروبهم لدولة إسرائيل، فهذا لا يستدعي توضيحات وأسئلة. هذا بينما اعترفت مصادر لبنانية وإماراتية بأن مجموع اللبنانيين الذين أنهيت عقودهم وتم إبعادهم لا يتجاوز عددهم الخمسين، وأكد مصدر إماراتي بأنهم يرتبطون بنشاطات سياسية محظورة في دولة الإمارات.


فكيف أصبح اللبناني والفلسطيني مقدسين،
من حقهما ممارسة ما يشاءون في الدول الأخرى دون أن تمارس هذه الدول حقها في ابعاد من يخل بأمنها ؟. نعم من حق دولة الإمارات العربية المتحدة وأية دولة أن تحمي بلادها من نشاطات تنظيمات خربت أوطانها خاصة في لبنان وقطاع غزة، فمن لم يكن حريصا على بناء وطنه لن يكون حريصا على أوطان الآخرين. خاصة أن دولة الإمارات العربية المتحدة من حقها الافتخار بأمرين:
الأول: أنها لم تتدخل مطلقا في الملفات الداخلية لأي قطر عربي، ورغم المحاور التي أوجدها الصراع في قطاع غزة ولبنان، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة ظلت مواقفها دوما حيادية تدعم الدولة والحكومة الشرعية في كل بلد، غير ملتفة مطلقا لإقامة أية علاقة مع أي فريق من فرقاء الأزمة، وبالتالي لم تطرح وساطتها لعدم وجود أية علاقات مع أولئك الفرقاء المتصارعين على السلطة والنفوذ وليس بناء الوطن وتعميره.
الثاني: إن المساعدات الإماراتية للحكومتين اللبنانية والفلسطينية لا يمكن لأي جحود أن ينكرها بما فيها المساعدات العسكرية للجيش اللبناني التي كان من بينها تسع طائرات مروحية من نوع quot;فوما quot; أسقط حزب الله واحدة منها وقتل قائدها اللبناني قبل شهور قليلة.

أما مساعدات دولة الإمارات للشعب الفلسطيني،
فيكفي شهادات أبناء فلسطين ومسؤوليها:
الدكتور عكرمة صبري،
رئيس الهيئة الإسلامية العليا في فلسطين وخطيب المسجد الأقصى، أشاد بدور دولة الإمارات قائلا: (إن الشعب الفلسطيني لم ير من القيادة الإماراتية سوى الخير والدعم والتأييد والمؤازرة في أوقات الشدة والمحن، فالمساعدات الإماراتية المادية والعينية لم تنقطع ولولاها لاشتدت على شعبنا ويلات الحصار الجائر. إن المدن والمدارس والمستشفيات والطرق والمرافق التي شيدتها دولة الإمارات في الضفة وقطاع غزة هي أبلغ حديث عن الموقف الايجابي لدعم القضية الفلسطينية).
هشام السراج،
مؤسس صندوق التكافل الاجتماعي الفلسطيني في أبو ظبي قال: (إن دولة الإمارات تقف تاريخيا إلى جانب الشعب الفلسطيني وتساند قضيته العادلة، ولها مواقف مشرفة في تخفيف معاناة أبناء شعبنا المحاصر في قطاع غزة. إن نشر مثل هذه الشائعات هدفه الحاق الضرر بالعلاقات الاماراتية الفلسطينية. إن قيادة الامارات الحكيمة لا يمكن أن تنساق وراء الاشاعات التي تأتي من طهران).
خيري الدين العريدي،
سفير فلسطين في دولة الإمارات العربية المتحدة أكدّ: (أنّ الأخبار التي نشرت وتناولتها وكالات الأنباء والصحف عن طرد الفلسطينيين عارية عن الصحة تماما ولا أساس لها). ونفى الدكتور خيري العريدي (أي استهداف متعمد للمعلمين الفلسطينيين وانهاء خدماتهم، مؤكدا أنه جرى انهاء خدمات جنسيات أخرى أيضا بهدف التوطين واحلال الكوادر الاماراتية الشابة دون أبعاد أخرى).
والعديد من الفعاليات الشعبية الفلسطينية،
نفت وجود هذا الطرد المتعمد للفلسطينيين أيا كانت وظائفهم، وأعلنت استنكارها لمحاولات بث الفرقة بين الشقيقين الاماراتي والفلسطيني، وما يروج له الاعلام الإيراني ومناصريه مجرد حملة ظالمة لا أساس لها من الصحة.

إذن ما هو الهدف من هذه الحملة
التي يقودها الإعلام الإيراني ومواليه في حزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية ؟. هل هي للتغطية على فضيحة افلاس رجل الأعمال اللبناني عز الدين اسماعيل المقرب والموجه من حزب الله ؟ وذلك لأن كافة الشواهد ومواقف حزب الله من القضية والرجل، تؤكد ضلوع الحزب في هذه الاستثمارات، وستكون أم الفضائح صفقة الماس التي يقال أن عز الدين اسماعيل وقع ضحية صفقتها الخاسرة، وأن الدولة الإسرائيلية كانت وراء تلك الصفقة...فلننتظر ! إن غدا لناظره قريب.
[email protected]