يذكر الجميع عمليات المزايدة باسم الحرص على quot;السيادة الوطنيةquot; خلال المفاوضات العراقية ndash; الأميركية حول الاتفاقية الأمنية. في تلك الفترة، كثرت عبارات مثل quot;انتهى عهد الوصاية الأميركية على العراقquot;، مقرونة بتصعيد المطالب لحد حافة التعجيز، وقد ساهم في ذلك حتى شخصيات كانت للأمس القريب قبل سقوط صدام تعرض نفسها وكأنها الحليف أو الصديق الأول لواشنطن، وعن طريقها يجب أن تتم الاتصالات مع المعارضة.
إن هذه المزايدات باسم السيادة الوطنية مستمرة اليوم، وتترجم نفسها عمليا في مواقف تباعد تدريجي عن الولايات المتحدة مع إقامة أوثق العلاقات quot; الإستراتيجيةquot; مع دول إقليمية من أعداء واشنطن، دول لعبت الدور الأول في تخريب أمن العراق في السنوات الماضية، وعرقلة تطوره الديمقراطي لأن قيام الديمقراطية في العراق يحرجهم ويعريهم.
وباسم استرداد السيادة الوطنية، تصاعدت المطالبات من قبل البعض بإطلاق سراح المعتقلين لدى القوات الأميركية، فأطلق الأمريكيون الآلاف منهم، سواء من جيش المهدي أو أنصار القاعدة. وعواقب إطلاق سراح هؤلاء باتت معروفة على الوضع الأمني، حيث عادت معهم المفخخات والتفجيرات الانتحارية إلى معظم المدن العراقية وخاصة في بغداد. نقول على الهامش، وحسب ريبورتاج كبير لصحيفة التايمس اللندنية، أنه، وخلافا لما يكتبه بعض الصحفيين العرب، فإن أولئك المعتقلين كانوا يتمتعون بكامل حقوقهم، بل وأكثر، ولحد فتح صفوف القراءة والكتابة والرسم لهم ولعب التنس والسباحة. مع ذلك يدعي أحد المطلق سراحهم، ويصدق بعض الصحفيين العرب شهادته، بأن الحيوانات كانت تعامل خيرا منهم ولذا كانوا يقضون الوقت مع قراءة القرآن الكريم. فأي تناقض في الأقوال!!
إن آخر الاتفاقات المبرمة للتو، اتفاقية تشكيل مجلس أعلى سوري ndash; عراقي quot;للتعاون الاستراتيجيquot; في كل المجالات! أما إيران، فتكاد تصبح سيدة الدار، وهي تحصل على أفضل الفرص والعقود الاقتصادية والتجارية، وتمد مخالب أخطبوطها إلى مختلف مناحي الحياة العراقية، سياسية، اقتصادية، مذهبية، اجتماعية، فكرية، وحتى لغوية، ولحد أنها أيضا هي التي تبني مدارسنا، وهي التي تطبع مناهج التعليم العراقية. إيران تعلن من وقت لآخر بفرحها لأن quot;أصدقاء إيرانquot; يحكمون العراق، كما قال رفنسجاني. لكن هل كف نظام الملالي عن مطالبة العراق بالتعويضات التي يدعي أن على العراق دفعها؟ كلا، ففي 28 سبتمبر 2008 قال مقرر لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني إن إيران تحتفظ بحقها في المطالبة بالتعويضات من العراق، مستدركا أنه ليس من المصلحة أن تتم بها حاليا وأنه ستتم المطالبة بها quot;في الوقت المناسبquot;! أما الحكومة العراقية فهي تلتزم الصمت التام عن الموضوع بدلا من أن تعلن موقفها بوضوح. لهذا الحد لا يريدون إحراج إيران.
أما سوريا، فقد كانت ومنذ اليوم الأول لتحرير العراق الممر الأول لتسلل الإرهابيين العرب وغير العرب للعراق، ومن سوريا تدفق بالمئات والآلاف إرهابيون من السعودية والسودان واليمن وسوريا ولبنان وإيران وأوربا وغيرها، ومع ذلك فهي تواصل الادعاء المنافق عن quot;الحرص على أمن العراق واستقرارهquot;!
أما في موضوع التسلح، فالحكومة تريد الاتفاق مع روسيا لتزويدها بالسلاح، مع إطلاق إشاعات بأن أميركا غير راغبة في تسليح العراق، وهو ما وجد صداه في تقرير نشرته إيلاف للتو. إن إلحاح العراقي الرسمي المستمر على quot;السيادةquot; لا يقصد به، كما يبدو، غير العلاقات مع أميركا، أما إيران، فلتفعل ما تشاء، لأن البيت بيتها!!
إن السيادة الوطنية غالية على كل وطني غيور، واع لمصالح العراق وشعبه، ولكن ما يجب رفضه تفسير السيادة بالابتعاد التدريجي عن الجهات الدولية التي حررت شعبنا بدماء أبنائها، والاقتراب الكلي، المستمر والمبرمج من الجهات التي عملت على عرقلة أية خطوة تقدمية، واحتضنت فصائل الإجرام التي دخلت العراق للتفجير وقطع الرؤوس، من قاعدة ومن عناصر الحرس الثوري الإيراني ومخابرات quot; اطلاعاتquot; التابعة للحرس المذكور، ناهيكم عن تدريب وتسليح جيش المهدي- جهات تعمل أيضا على تخريب امن لبنان ومصر والأردن ولبنان والقضية الفلسطينية، وما مؤامرة حزب الله على مصر إلا مثل واحد.
بهذه المناسبة أيضا نرى البعض ممن كانوا أقرب أصدقاء أميركا قبل التحرير يدبجون المقالات اليومية لإلقاء كل مسئوليات التعثر والخراب بعد التحرير على عاتق أميركا ممثلة في بريمر. إن هذه الشخصيات كانت تعمل مع بريمر، فهل كانت تحت وصايته؟ إن كان الأمر كذلك، فلم وافقوا يا ترى على أن يكونوا والعراق تحت الوصاية؟! إنهم اليوم يتهمون بريمر بحل الجيش الذي كان منحلا أصلا، كما أوضح الدكتور عبد الخالق حسين وغيره من كتابنا، ولكن هل اقترح أحدهم على بريمر دعوة العسكريين للثكنات، ما عدا كبار الضباط، وصرف مرتبات من لا يريدون الالتحاق؟؟!!
لقد لعب الدكتور أحمد الجلبي في سنوات المعارضة دورا إيجابيا كبيرا في تجميع المعارضة والحشد ضد نظام صدام، وهو اليوم يكاد يتهم الجانب الأميركي بمسئولية كل ما واجهه شعبنا بعد السقوط من مثبطات وفشل وأخطاء، وكأن القادة العراقيين كانوا عباقرة وذوي نظر بعيد، سوى أن بريمر سد عليهم الطريق. ونقول للتذكير بأن مجلس الحكم في عهد رئاسة السيد عبدالعزيز الحكيم هو الذي أصدر قرار فرض أحكام الشريعة على الأحوال الشخصية وبموافقة الدكتور الجلبي وآخرين، ولكن بريمر هو الذي رفض التوقيع على القرار، وأصر على العمل بقانون الأحوال الشخصية السابق. ووفقا لما كتبه بريمر، فإنه من جانبه يلقي المسئولية على القيادات العراقية نفسها وخلافاتها وصراعاتها، بل ويذكر بعض الأسماء بعينها. نشير أيضا إلى أن محاولات التبرؤ اليوم من الطائفية والمحاصصة لا يمكن أن تطمس حقيقة دور قيام quot;الإتلاف الشيعيquot; الطائفي في تأجيج الطائفية وفي تثبيت نظام المحاصصة.
إن عراق ما بعد التحرير قد واجه عقبات وحملات إرهاب ومحاولات عزل، وانزلق في مطب المحاصصة، وسن دستورا شبه إسلامي، يقزّم صلاحيات المركز ويهضم حقوق المرأة، وإن كل تشخيص للمسئوليات يجب أن يكون موضوعيا عادلا، فإذا كان الجانب الأميركي يتحمل قسطا مهما من المسؤولية جراء سوء التخطيط لما بعد صدام، فإن القيادات العراقية برهنت، مع الأسف، على القصور وعلى حرص كل طرف على قنص الامتيازات والمناصب وعلى نظام المحاصصة المذهبية، وهو النظام الذي عرقل انتخاب رئيس للبرلمان لمدة ثلاثة شهور. أما المسئوليات الأخطر، فتقع على تركات صدام، وعلى القاعدة، وعلى التدخل الإقليمي، لاسيما الإيراني والسوري.
إن هذه المزايدات باسم السيادة الوطنية مستمرة اليوم، وتترجم نفسها عمليا في مواقف تباعد تدريجي عن الولايات المتحدة مع إقامة أوثق العلاقات quot; الإستراتيجيةquot; مع دول إقليمية من أعداء واشنطن، دول لعبت الدور الأول في تخريب أمن العراق في السنوات الماضية، وعرقلة تطوره الديمقراطي لأن قيام الديمقراطية في العراق يحرجهم ويعريهم.
وباسم استرداد السيادة الوطنية، تصاعدت المطالبات من قبل البعض بإطلاق سراح المعتقلين لدى القوات الأميركية، فأطلق الأمريكيون الآلاف منهم، سواء من جيش المهدي أو أنصار القاعدة. وعواقب إطلاق سراح هؤلاء باتت معروفة على الوضع الأمني، حيث عادت معهم المفخخات والتفجيرات الانتحارية إلى معظم المدن العراقية وخاصة في بغداد. نقول على الهامش، وحسب ريبورتاج كبير لصحيفة التايمس اللندنية، أنه، وخلافا لما يكتبه بعض الصحفيين العرب، فإن أولئك المعتقلين كانوا يتمتعون بكامل حقوقهم، بل وأكثر، ولحد فتح صفوف القراءة والكتابة والرسم لهم ولعب التنس والسباحة. مع ذلك يدعي أحد المطلق سراحهم، ويصدق بعض الصحفيين العرب شهادته، بأن الحيوانات كانت تعامل خيرا منهم ولذا كانوا يقضون الوقت مع قراءة القرآن الكريم. فأي تناقض في الأقوال!!
إن آخر الاتفاقات المبرمة للتو، اتفاقية تشكيل مجلس أعلى سوري ndash; عراقي quot;للتعاون الاستراتيجيquot; في كل المجالات! أما إيران، فتكاد تصبح سيدة الدار، وهي تحصل على أفضل الفرص والعقود الاقتصادية والتجارية، وتمد مخالب أخطبوطها إلى مختلف مناحي الحياة العراقية، سياسية، اقتصادية، مذهبية، اجتماعية، فكرية، وحتى لغوية، ولحد أنها أيضا هي التي تبني مدارسنا، وهي التي تطبع مناهج التعليم العراقية. إيران تعلن من وقت لآخر بفرحها لأن quot;أصدقاء إيرانquot; يحكمون العراق، كما قال رفنسجاني. لكن هل كف نظام الملالي عن مطالبة العراق بالتعويضات التي يدعي أن على العراق دفعها؟ كلا، ففي 28 سبتمبر 2008 قال مقرر لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني إن إيران تحتفظ بحقها في المطالبة بالتعويضات من العراق، مستدركا أنه ليس من المصلحة أن تتم بها حاليا وأنه ستتم المطالبة بها quot;في الوقت المناسبquot;! أما الحكومة العراقية فهي تلتزم الصمت التام عن الموضوع بدلا من أن تعلن موقفها بوضوح. لهذا الحد لا يريدون إحراج إيران.
أما سوريا، فقد كانت ومنذ اليوم الأول لتحرير العراق الممر الأول لتسلل الإرهابيين العرب وغير العرب للعراق، ومن سوريا تدفق بالمئات والآلاف إرهابيون من السعودية والسودان واليمن وسوريا ولبنان وإيران وأوربا وغيرها، ومع ذلك فهي تواصل الادعاء المنافق عن quot;الحرص على أمن العراق واستقرارهquot;!
أما في موضوع التسلح، فالحكومة تريد الاتفاق مع روسيا لتزويدها بالسلاح، مع إطلاق إشاعات بأن أميركا غير راغبة في تسليح العراق، وهو ما وجد صداه في تقرير نشرته إيلاف للتو. إن إلحاح العراقي الرسمي المستمر على quot;السيادةquot; لا يقصد به، كما يبدو، غير العلاقات مع أميركا، أما إيران، فلتفعل ما تشاء، لأن البيت بيتها!!
إن السيادة الوطنية غالية على كل وطني غيور، واع لمصالح العراق وشعبه، ولكن ما يجب رفضه تفسير السيادة بالابتعاد التدريجي عن الجهات الدولية التي حررت شعبنا بدماء أبنائها، والاقتراب الكلي، المستمر والمبرمج من الجهات التي عملت على عرقلة أية خطوة تقدمية، واحتضنت فصائل الإجرام التي دخلت العراق للتفجير وقطع الرؤوس، من قاعدة ومن عناصر الحرس الثوري الإيراني ومخابرات quot; اطلاعاتquot; التابعة للحرس المذكور، ناهيكم عن تدريب وتسليح جيش المهدي- جهات تعمل أيضا على تخريب امن لبنان ومصر والأردن ولبنان والقضية الفلسطينية، وما مؤامرة حزب الله على مصر إلا مثل واحد.
بهذه المناسبة أيضا نرى البعض ممن كانوا أقرب أصدقاء أميركا قبل التحرير يدبجون المقالات اليومية لإلقاء كل مسئوليات التعثر والخراب بعد التحرير على عاتق أميركا ممثلة في بريمر. إن هذه الشخصيات كانت تعمل مع بريمر، فهل كانت تحت وصايته؟ إن كان الأمر كذلك، فلم وافقوا يا ترى على أن يكونوا والعراق تحت الوصاية؟! إنهم اليوم يتهمون بريمر بحل الجيش الذي كان منحلا أصلا، كما أوضح الدكتور عبد الخالق حسين وغيره من كتابنا، ولكن هل اقترح أحدهم على بريمر دعوة العسكريين للثكنات، ما عدا كبار الضباط، وصرف مرتبات من لا يريدون الالتحاق؟؟!!
لقد لعب الدكتور أحمد الجلبي في سنوات المعارضة دورا إيجابيا كبيرا في تجميع المعارضة والحشد ضد نظام صدام، وهو اليوم يكاد يتهم الجانب الأميركي بمسئولية كل ما واجهه شعبنا بعد السقوط من مثبطات وفشل وأخطاء، وكأن القادة العراقيين كانوا عباقرة وذوي نظر بعيد، سوى أن بريمر سد عليهم الطريق. ونقول للتذكير بأن مجلس الحكم في عهد رئاسة السيد عبدالعزيز الحكيم هو الذي أصدر قرار فرض أحكام الشريعة على الأحوال الشخصية وبموافقة الدكتور الجلبي وآخرين، ولكن بريمر هو الذي رفض التوقيع على القرار، وأصر على العمل بقانون الأحوال الشخصية السابق. ووفقا لما كتبه بريمر، فإنه من جانبه يلقي المسئولية على القيادات العراقية نفسها وخلافاتها وصراعاتها، بل ويذكر بعض الأسماء بعينها. نشير أيضا إلى أن محاولات التبرؤ اليوم من الطائفية والمحاصصة لا يمكن أن تطمس حقيقة دور قيام quot;الإتلاف الشيعيquot; الطائفي في تأجيج الطائفية وفي تثبيت نظام المحاصصة.
إن عراق ما بعد التحرير قد واجه عقبات وحملات إرهاب ومحاولات عزل، وانزلق في مطب المحاصصة، وسن دستورا شبه إسلامي، يقزّم صلاحيات المركز ويهضم حقوق المرأة، وإن كل تشخيص للمسئوليات يجب أن يكون موضوعيا عادلا، فإذا كان الجانب الأميركي يتحمل قسطا مهما من المسؤولية جراء سوء التخطيط لما بعد صدام، فإن القيادات العراقية برهنت، مع الأسف، على القصور وعلى حرص كل طرف على قنص الامتيازات والمناصب وعلى نظام المحاصصة المذهبية، وهو النظام الذي عرقل انتخاب رئيس للبرلمان لمدة ثلاثة شهور. أما المسئوليات الأخطر، فتقع على تركات صدام، وعلى القاعدة، وعلى التدخل الإقليمي، لاسيما الإيراني والسوري.
التعليقات