من مفكرة سفير عربي في اليابان
يبدو أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد لفتت نظر شعوب العالم لما تسببه الصراعات والحروب من عبئ على ميزانيات دولها في الدفاع العسكري. كما وعت حكوماتها لخطورة تكنولوجية الميكروشبس، التي حولت آليات جيوشها التقليدية لقوة مترهلة، أمام عنف الفئات الصغيرة المتطرفة والمتناثرة. واقتنعت دول الغرب بأن مشاكل أمنها الخارجي متشابكة بشكل معقد مع الصراع العربي الإسرائيلي. ولذلك إمتلئت مكتبات الغرب بمؤلفات جديدة تناقش صيغ عملية لسلام شامل ودائم في الشرق ألأوسط. ومن خيرة هذه المؤلفات كتاب للكاتب الأمريكي أرون ديفيد ميلر. فمن هو هذا الكاتب؟ وما هي أفكاره؟
يعتبر أرون ديفيد ميلر من خيرة مفكري السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد كان مسئولا بارزا في الإدارات الأمريكية الثلاث السابقة. وقد صدر له مؤخرا كتاب بعنوان، الأرض الموعودة للكثيرين والبحث الأمريكي المرواغ لسلام عربي إسرائيلي، يقول في مقدمته: quot;لقد وعدت أرض فلسطين، على الأقل، أربع مرات لساكنيها: ففي المرة الأولى وعد إله اليهود والمسيحيين والمسلمين بنفس الأرض ومقدساتها للمؤمنين من عباده، وفي المرة الثانية وخلال الحرب العالمية الأولى، وعدت بريطانيا الصهاينة والعرب بنفس الأرض من أجل المحافظة على إمبراطوريتها. وفي المرة الثالثة في عام 1947، وعد مجلس الأمن بتقسيم فلسطين لدولة فلسطينية وأخرى يهودية. أما في المرة الرابعة، فقد وعدت الولايات المتحدة بتنفيذ ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 242، والذي وعد بسلام شامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتقسيم فلسطين لدولتين أحدهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية. وقد أصبح هذا القرار الموجه الفعلي للدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط.quot; كما يناقش الكاتب قرار 242، فيصف صيغته بأنها مبهمة، ورسالته الرئيسية بالواضحة، والتي تؤكد بأن مبادلة الأرض بالسلام ممكنة من خلال التفاوض، كما وعدت الولايات المتحدة والدول الأخرى بالمساعدة في تنفيذه. وكان الوعد الأمريكي بدون ضمانات، ولكن بمفهوم أن الفلسطينيين والإسرائيليين سيتحملون مسئوليتهم في الحوار لبناء مستقبلهم، وستساعد الولايات المتحدة ببرغماتيتها ومثاليتها وبقوتها لكي يتحقق هذا السلام. ويعتقد ميلر بأن هذا الوعد قد تكرر على المستوى الخطابي، ولكن على مستوى الواقع، فلم يحدث إلا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي لفي أشكول: quot;لقد وعدت، ولكن لم أقل بأني سأحافظ على وعدي.quot; وقد ناقش الكاتب هذه الوعود منذ بدأ دبلوماسية هنري كيسينجر والرئيس كارتر، وحتى الفترات التالية حينما كان مسئولا في الإدارات الأمريكية الثلاث السابقة. وينتقد حوارات السلام بأنها لم تكن مرتبطة بمعيار ذهبي لموضوعية النقاش حول الصراع العربي الإسرائيلي، لذلك اتهم خبراء هذا الصراع من قبل الطرفين بأنهم ضد اليهود أو ضد العرب، أو بأنهم عرب أو يهود أو إسرائيليون، quot;بل لتصل كمية التضليل في هذا المجال لنسب هزلية.quot; كما يعلق على أصوله اليهودية بقوله: quot;لقد سألني فلسطيني ذات مرة إن كنت إرهابيا يهوديا، وطبعا لا يمكن أحد منا تجنب هذا التصنيف، فنحن لن نكون شيئا، إن لم نكن خلاصة خبراتنا وتحيزنا وإجحافنا وخلفيتنا العرقية والدينية. وأنا كأمريكي، صدف أن يكون يهوديا، قد جمعت تحيزي على مدى زمن طويل، فقلقي على سلامة إسرائيل أصبح جزء من مورثاتي. وخير ما يمكن أن أفعله هو أن أتعرف على هذا التحيز، وأضعه في الجانب، لكي أستطيع أن أتفهم إدراك الآخرين، ولأقوم بما أعتقد بأنه صحيحا.quot;
وتساءل الكاتب: هل ممكن أن تساعد الولايات المتحدة الطرفين لكي يتوصلوا الى حل دائم في الأرض الموعودة من الكثيرين؟ وهل نستطيع من خلال الحوار والمساومة والتنازلات أن نساعدهم لكي يحققوا ما لم تستطع دياناتهم ولا بريطانيا العظمى ولا الأمم المتحدة أن تحققه؟ ويجيب الكاتب على هذه الأسئلة بنعم بعد خبرته بالعمل لأكثر من ثلاثين عاما في الدراسة والتحليل والحوار في الصراع العربي الإسرائيلي، كما يقلل من إمكانية الولايات المتحدة تحقيق السلام والمصالحة، ولكنه يعتقد بأنها تستطيع بقيادتها أن تكون سمسار لاتفاقات سياسية وأمنية تعطي الفرصة لطرفي الصراع لتحقيق أهدافهم.
وناقش الكاتب أسباب الاهتمام الأمريكي بهذا الصراع، فربطه بالإيمان بأرض الميعاد في الديانات السماوية، والتي يؤمن بها معظم الشعب الأمريكي. وتقدر الإحصائيات بأن هناك خمسة ملايين يهودي أمريكي، وثلاثة ونصف مليون عربي أمريكي، وما يقارب الخمسة مليون مسلم غير عربي أمريكي. كما أن معظم الشعب الأمريكي يدين بالمسيحية، وبينهم ما يتراوح الأربعين مليون وحتى الثمانين مليون مسيحي - ايفانجليك، لهم استثمارات كبيرة في إسرائيل بسبب عقيدتهم وعلاقاتهم العائلية، وبالإضافة لذلك هناك التزام أمريكي مع إسرائيل ومع أصدقائها العرب. ويعتقد الكاتب بأنه لم يعد الخطر السوفيتي وأزمة النفط ذا أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، بل الأهم من ذلك هو تعرض أمنها واقتصادها للخطر نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي، والذي سيحتاج لعمل دبلوماسي جاد لإيجاد صيغ عملية لحله.
ويطرح الكاتب تصوراته للحل بقوله: quot;ونحتاج لسياسة جديدة للتعامل مع من يكرهوننا بسب سياساتنا الخاطئة، تعتمد على جذب عقول أهل المنطقة قبل عواطفها. ومسئوليتنا نحو مواطنينا، أن ندعم أصدقائنا بكل ما نملك، ونهمش أعدائنا، ونزيد من الثقة فينا لنقوي تأثيرنا. وسنبقى في المنطقة لأجيال عديدة قادمة، وعلينا التعامل مع تحدياتها بحكمة، وعلينا المساعدة في هذا الصراع الذي أصبح معقدا في خطورته وصعوبة حله. وهناك عدة عوامل مهمة يجب فهمها، فمنطقة الشرق الأوسط هي منطقة خطرة دائما، فهناك القاعدة وحماس وإيران وحزب الله، ومشكلة السنة والشيعة في العراق، وطالبان في باكستان وأفغانستان، بالإضافة لمختلف الخلافات القبلية والعشائرية. كما فقدت المنطقة قياداتها المؤثرة في صنع القرارات الخطيرة، وبرزت مكانها الفئات المتطرفة الصغيرة والمخربة، بالإضافة لمشكلة الحدود والقدس واللاجئين، كما ليس هناك الجرأة اللازمة والرغبة الجادة من القيادات والشعوب لمحاولة حل هذه المشاكل، والتي على رأسها الانسحاب الكامل لحدود 1967.quot;
ويعتقد الكاتب بأن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه حكومة الرئيس كلينتون هو محاولتها إقناع العرب بالقبول بأقل من 100%، بل كان من المفروض أن تقول لعرفات والأسد: quot;نعم، أن كنتم تريدون 100%، ولكن هناك قائمة لما تحتاجه إسرائيل، فكونوا جادين للمساعدة، وستعمل أمريكا معكم، وفي وقت ما، قد توفر الجسر اللازم للحل النهائي.quot; وأكد بأن هناك رغبة أمريكية جادة لحل هذا الصراع، وستحتاج لقوانين لوضع إستراتيجية تجمع بين السلوك والسياسات، ولفريق كامل الصلاحية، وللوقت الكثير وضمن مراحل مختلفة. وحينما يحين الوقت للنقاش النهائي، يجب تجنب إسراع الساعة السياسية أو المعالجة السريعة للتحديات، فهناك الحاجة للصبر، فليس هناك حل سريع لهذا الصراع، بل العكس هناك حلول طويلة بل هي أطول مما نتصور. ويجب أن يتعاونا الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وعلى الرئيس الأمريكي أن يخاطب الكونجرس والمجتمع اليهودي والمجتمع العربي في الولايات المتحدة بكل صراحة وصدق عن العلاقة بين المصالح الأمريكية لحل هذا الصراع وأمنها الخارجي، وحينما يحصل الرئيس على الدعم الشعبي ستتوقف الخلافات الأمريكية وسيقل تأثير اللوبيات المضادة. كما أن وقوف الولايات المتحدة كوسيط مستقل لن يؤثر على علاقتها مع إسرائيل، بل سيساعدها لأن توازن تعاملها مع الطرفين، وحينها يمكن أن تنجح المفاوضات في بيئة ملائمة، وحينما يحصل كل طرف على ما يريد، بالاعتماد على المصالح المتزنة للطرفيين، وليس على حساب الطرف الأضعف بقوة الطرف الإسرائيلي وبواقع احتلاله. وعلى الولايات المتحدة أن تكون قاسية مع إسرائيل في موضوع احتلالها لأراضي الغير، وعليها أن تكون مستعدة للضغط والتحذير والنذير في نفس الوقت الذي تحاول أن تطمئن وتدعم، وبأن تكون خشنة وذكية وعطوفة ومتواضعة، كما عليها أن تتفهم بان ذلك موضوع حياة أو موت للطرفيين العربي والإسرائيلي. وينهي ميلر نقاشه بالقول: quot;وبإلقاء نظرة على طريق الطويل للسلام، أجد أمامي الجيد والسيئ والقبيح، فالجيد هم القيادات والأفراد الذين يطالبون ويعملون لتحقيق السلام، والسيئ هي الدول والمجموعات المتطرفة التي تحاول أن تعيق هذه الخطوات، وأما القبيح، فيشمل الفئات الصغيرة التي تستطيع وضع الألغام في طريق السلام، بالإضافة للجبل الذاتي الفلسطيني الإسرائيلي الذي يضم الأمور التي تفرق بين الشعبين. ويقلقني فلسطين المنقسمة والغير منضبطة وبدون قوانين ولا قيادة، وبتزاوج ذلك مع نظام سياسي إسرائيلي متمزق وغير متأكد من قناعته بالسلام وبدون قيادات حازمة، والذي سيخلق بيئة ثقافية وسياسية يفقد الإسرائيليين الثقة بالسلام. ومن المؤسف أن تكون الولايات المتحدة في وسط فوضى حرب العراق وأفغانستان، وأزماتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، والذي سيصعب من دورها في دفع دفة السلام.quot;
والسؤال عزيزي القارئ هو: هل ستستفيد دول المنطقة من هذه البيئة الجديدة، لتشارك في تحقيق سلام دائم وشامل، لتتفرغ حكوماتها لتطوير إنتاجية قواها البشرية، وتنفيذ خطط تنميتها الاجتماعية والاقتصادية؟ وهل ستراجع المعارضة السياسية فلسفتها، لتتحول لمعارضة أصلاحية بنائه معاصرة، لكي تشارك في بناء مستقبل الأجيال القادمة؟ ولنا لقاء.
يعتبر أرون ديفيد ميلر من خيرة مفكري السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد كان مسئولا بارزا في الإدارات الأمريكية الثلاث السابقة. وقد صدر له مؤخرا كتاب بعنوان، الأرض الموعودة للكثيرين والبحث الأمريكي المرواغ لسلام عربي إسرائيلي، يقول في مقدمته: quot;لقد وعدت أرض فلسطين، على الأقل، أربع مرات لساكنيها: ففي المرة الأولى وعد إله اليهود والمسيحيين والمسلمين بنفس الأرض ومقدساتها للمؤمنين من عباده، وفي المرة الثانية وخلال الحرب العالمية الأولى، وعدت بريطانيا الصهاينة والعرب بنفس الأرض من أجل المحافظة على إمبراطوريتها. وفي المرة الثالثة في عام 1947، وعد مجلس الأمن بتقسيم فلسطين لدولة فلسطينية وأخرى يهودية. أما في المرة الرابعة، فقد وعدت الولايات المتحدة بتنفيذ ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 242، والذي وعد بسلام شامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتقسيم فلسطين لدولتين أحدهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية. وقد أصبح هذا القرار الموجه الفعلي للدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط.quot; كما يناقش الكاتب قرار 242، فيصف صيغته بأنها مبهمة، ورسالته الرئيسية بالواضحة، والتي تؤكد بأن مبادلة الأرض بالسلام ممكنة من خلال التفاوض، كما وعدت الولايات المتحدة والدول الأخرى بالمساعدة في تنفيذه. وكان الوعد الأمريكي بدون ضمانات، ولكن بمفهوم أن الفلسطينيين والإسرائيليين سيتحملون مسئوليتهم في الحوار لبناء مستقبلهم، وستساعد الولايات المتحدة ببرغماتيتها ومثاليتها وبقوتها لكي يتحقق هذا السلام. ويعتقد ميلر بأن هذا الوعد قد تكرر على المستوى الخطابي، ولكن على مستوى الواقع، فلم يحدث إلا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي لفي أشكول: quot;لقد وعدت، ولكن لم أقل بأني سأحافظ على وعدي.quot; وقد ناقش الكاتب هذه الوعود منذ بدأ دبلوماسية هنري كيسينجر والرئيس كارتر، وحتى الفترات التالية حينما كان مسئولا في الإدارات الأمريكية الثلاث السابقة. وينتقد حوارات السلام بأنها لم تكن مرتبطة بمعيار ذهبي لموضوعية النقاش حول الصراع العربي الإسرائيلي، لذلك اتهم خبراء هذا الصراع من قبل الطرفين بأنهم ضد اليهود أو ضد العرب، أو بأنهم عرب أو يهود أو إسرائيليون، quot;بل لتصل كمية التضليل في هذا المجال لنسب هزلية.quot; كما يعلق على أصوله اليهودية بقوله: quot;لقد سألني فلسطيني ذات مرة إن كنت إرهابيا يهوديا، وطبعا لا يمكن أحد منا تجنب هذا التصنيف، فنحن لن نكون شيئا، إن لم نكن خلاصة خبراتنا وتحيزنا وإجحافنا وخلفيتنا العرقية والدينية. وأنا كأمريكي، صدف أن يكون يهوديا، قد جمعت تحيزي على مدى زمن طويل، فقلقي على سلامة إسرائيل أصبح جزء من مورثاتي. وخير ما يمكن أن أفعله هو أن أتعرف على هذا التحيز، وأضعه في الجانب، لكي أستطيع أن أتفهم إدراك الآخرين، ولأقوم بما أعتقد بأنه صحيحا.quot;
وتساءل الكاتب: هل ممكن أن تساعد الولايات المتحدة الطرفين لكي يتوصلوا الى حل دائم في الأرض الموعودة من الكثيرين؟ وهل نستطيع من خلال الحوار والمساومة والتنازلات أن نساعدهم لكي يحققوا ما لم تستطع دياناتهم ولا بريطانيا العظمى ولا الأمم المتحدة أن تحققه؟ ويجيب الكاتب على هذه الأسئلة بنعم بعد خبرته بالعمل لأكثر من ثلاثين عاما في الدراسة والتحليل والحوار في الصراع العربي الإسرائيلي، كما يقلل من إمكانية الولايات المتحدة تحقيق السلام والمصالحة، ولكنه يعتقد بأنها تستطيع بقيادتها أن تكون سمسار لاتفاقات سياسية وأمنية تعطي الفرصة لطرفي الصراع لتحقيق أهدافهم.
وناقش الكاتب أسباب الاهتمام الأمريكي بهذا الصراع، فربطه بالإيمان بأرض الميعاد في الديانات السماوية، والتي يؤمن بها معظم الشعب الأمريكي. وتقدر الإحصائيات بأن هناك خمسة ملايين يهودي أمريكي، وثلاثة ونصف مليون عربي أمريكي، وما يقارب الخمسة مليون مسلم غير عربي أمريكي. كما أن معظم الشعب الأمريكي يدين بالمسيحية، وبينهم ما يتراوح الأربعين مليون وحتى الثمانين مليون مسيحي - ايفانجليك، لهم استثمارات كبيرة في إسرائيل بسبب عقيدتهم وعلاقاتهم العائلية، وبالإضافة لذلك هناك التزام أمريكي مع إسرائيل ومع أصدقائها العرب. ويعتقد الكاتب بأنه لم يعد الخطر السوفيتي وأزمة النفط ذا أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، بل الأهم من ذلك هو تعرض أمنها واقتصادها للخطر نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي، والذي سيحتاج لعمل دبلوماسي جاد لإيجاد صيغ عملية لحله.
ويطرح الكاتب تصوراته للحل بقوله: quot;ونحتاج لسياسة جديدة للتعامل مع من يكرهوننا بسب سياساتنا الخاطئة، تعتمد على جذب عقول أهل المنطقة قبل عواطفها. ومسئوليتنا نحو مواطنينا، أن ندعم أصدقائنا بكل ما نملك، ونهمش أعدائنا، ونزيد من الثقة فينا لنقوي تأثيرنا. وسنبقى في المنطقة لأجيال عديدة قادمة، وعلينا التعامل مع تحدياتها بحكمة، وعلينا المساعدة في هذا الصراع الذي أصبح معقدا في خطورته وصعوبة حله. وهناك عدة عوامل مهمة يجب فهمها، فمنطقة الشرق الأوسط هي منطقة خطرة دائما، فهناك القاعدة وحماس وإيران وحزب الله، ومشكلة السنة والشيعة في العراق، وطالبان في باكستان وأفغانستان، بالإضافة لمختلف الخلافات القبلية والعشائرية. كما فقدت المنطقة قياداتها المؤثرة في صنع القرارات الخطيرة، وبرزت مكانها الفئات المتطرفة الصغيرة والمخربة، بالإضافة لمشكلة الحدود والقدس واللاجئين، كما ليس هناك الجرأة اللازمة والرغبة الجادة من القيادات والشعوب لمحاولة حل هذه المشاكل، والتي على رأسها الانسحاب الكامل لحدود 1967.quot;
ويعتقد الكاتب بأن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه حكومة الرئيس كلينتون هو محاولتها إقناع العرب بالقبول بأقل من 100%، بل كان من المفروض أن تقول لعرفات والأسد: quot;نعم، أن كنتم تريدون 100%، ولكن هناك قائمة لما تحتاجه إسرائيل، فكونوا جادين للمساعدة، وستعمل أمريكا معكم، وفي وقت ما، قد توفر الجسر اللازم للحل النهائي.quot; وأكد بأن هناك رغبة أمريكية جادة لحل هذا الصراع، وستحتاج لقوانين لوضع إستراتيجية تجمع بين السلوك والسياسات، ولفريق كامل الصلاحية، وللوقت الكثير وضمن مراحل مختلفة. وحينما يحين الوقت للنقاش النهائي، يجب تجنب إسراع الساعة السياسية أو المعالجة السريعة للتحديات، فهناك الحاجة للصبر، فليس هناك حل سريع لهذا الصراع، بل العكس هناك حلول طويلة بل هي أطول مما نتصور. ويجب أن يتعاونا الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وعلى الرئيس الأمريكي أن يخاطب الكونجرس والمجتمع اليهودي والمجتمع العربي في الولايات المتحدة بكل صراحة وصدق عن العلاقة بين المصالح الأمريكية لحل هذا الصراع وأمنها الخارجي، وحينما يحصل الرئيس على الدعم الشعبي ستتوقف الخلافات الأمريكية وسيقل تأثير اللوبيات المضادة. كما أن وقوف الولايات المتحدة كوسيط مستقل لن يؤثر على علاقتها مع إسرائيل، بل سيساعدها لأن توازن تعاملها مع الطرفين، وحينها يمكن أن تنجح المفاوضات في بيئة ملائمة، وحينما يحصل كل طرف على ما يريد، بالاعتماد على المصالح المتزنة للطرفيين، وليس على حساب الطرف الأضعف بقوة الطرف الإسرائيلي وبواقع احتلاله. وعلى الولايات المتحدة أن تكون قاسية مع إسرائيل في موضوع احتلالها لأراضي الغير، وعليها أن تكون مستعدة للضغط والتحذير والنذير في نفس الوقت الذي تحاول أن تطمئن وتدعم، وبأن تكون خشنة وذكية وعطوفة ومتواضعة، كما عليها أن تتفهم بان ذلك موضوع حياة أو موت للطرفيين العربي والإسرائيلي. وينهي ميلر نقاشه بالقول: quot;وبإلقاء نظرة على طريق الطويل للسلام، أجد أمامي الجيد والسيئ والقبيح، فالجيد هم القيادات والأفراد الذين يطالبون ويعملون لتحقيق السلام، والسيئ هي الدول والمجموعات المتطرفة التي تحاول أن تعيق هذه الخطوات، وأما القبيح، فيشمل الفئات الصغيرة التي تستطيع وضع الألغام في طريق السلام، بالإضافة للجبل الذاتي الفلسطيني الإسرائيلي الذي يضم الأمور التي تفرق بين الشعبين. ويقلقني فلسطين المنقسمة والغير منضبطة وبدون قوانين ولا قيادة، وبتزاوج ذلك مع نظام سياسي إسرائيلي متمزق وغير متأكد من قناعته بالسلام وبدون قيادات حازمة، والذي سيخلق بيئة ثقافية وسياسية يفقد الإسرائيليين الثقة بالسلام. ومن المؤسف أن تكون الولايات المتحدة في وسط فوضى حرب العراق وأفغانستان، وأزماتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، والذي سيصعب من دورها في دفع دفة السلام.quot;
والسؤال عزيزي القارئ هو: هل ستستفيد دول المنطقة من هذه البيئة الجديدة، لتشارك في تحقيق سلام دائم وشامل، لتتفرغ حكوماتها لتطوير إنتاجية قواها البشرية، وتنفيذ خطط تنميتها الاجتماعية والاقتصادية؟ وهل ستراجع المعارضة السياسية فلسفتها، لتتحول لمعارضة أصلاحية بنائه معاصرة، لكي تشارك في بناء مستقبل الأجيال القادمة؟ ولنا لقاء.
سفير مملكة البحرين في اليابان
التعليقات