أكثر من سبعة شهور، وقادة القوائم الانتخابية في مناورات ومداولات سمتها صحيفة أميركية بـquot;رياضة قائمة على القتلquot;، وفي جولات مكوكية لدول الجوار، والأزمة مستمرة، وربما سيرثها العام القادم. المالكي متشبث بالحكم، وهو مستعد لدفع كل ثمن باهظ من مصالح الشعب لصالح بقائه وحزبه في قمة السلطة. وهو يتحدث عن quot; الشراكةquot; في الحكومة دون تحديد معناها بدقة وما مؤداها عمليا. والمؤكد أنه يقصد حكومة بزعامته الفردية وبالنفوذ الأول لحزبه، مع تحجيم وتهميش الآخرين. وهاهو، وبعد هجوم صاخب على النظام السوري، وبرغم كل ما فعله هذا النظام الماكر المخاتل بالعراق، يستدر غفرانه، ويقدم مختلف الإغراءات، النفطية وغيرها. وبينما كان بعض المدافعين عنه يزعمون أنه ليس مع التدخل الإيراني، فإن إيران هي التي تضع وراءه ثقلها لاحتكار منصبه. والنظام الإيراني هو صاحب لعبة تشكيل quot;التحالف الوطنيquot;، حيث تم ذلك في طهران خلال أعياد نوروز، ولغرض قطع الطريق على القائمة الفائزة، أي العراقية. وقد اضطر بعض أطراف هذا التحالف لقبول الخطة تحت الضغط الإيراني برغم ما في صفوفه من تناقضات ومنافسات حادة. وحزب الدعوة لم يكن يوما مناهضا للتدخل الإيراني، بل، على العكس تماما؛ فإن مؤسسيه دعوا للجهاد دفاعا عن مشروع الإسلام المتمثل عندهم بجمهورية إيران الإسلامية بقيادة الولي الفقيه. وكان حزب الدعوة يبشر بوجوب الانقياد لأوامر الفقيه الإيراني من وجهة نظر شرعية، كما أوضح لنا ذلك مؤخرا الأستاذ ضياء الشكرجي في مقال له مهم. المالكي يتصرف وكأنه رئيس وزراء طول العمر، وهو يعقد الاتفاقيات النفطية مع أنه يرأس حكومة تصريف للأعمال لا يحق لها عقد الاتفاقيات. وهو يواصل تشجيع عبادة الفرد، وما فوق ذلك. فثمة لافتات في الشوارع العراقية تقول : quot;أنت الأمل وحيّ على خير العملquot;، وتخاطبه بما يخاطب به الشيعة الإمام عليا [ ع.] بالدعاء لله بأن quot;يوالي من والاه ويعادي من عاداهquot;- أي كما لو صار كالإمام علي، على حد وصف محرر صحيفة quot; عراق الغدquot; التي نشرت صورا لهذه اللافتات. وقد أقام المالكي حلفا quot;إستراتيجياquot; مع مقتدى الصدر، الذي سبق للمالكي أن حارب جيشه الإرهابي الإيراني الولاء والتسليح. وها هو يبادر لإطلاق سراح المجرمين المعتقلين من جيش المهدي ومن كتائب أهل الحق، فضلا عن صمته عن نشاط كتائب اليوم الموعود التابعة للصدر، علما بأن الصدريين يطالبون بوزارات أمنية وب25 بالمائة من مجموع الوزارات؟!! فعند المالكي يستساغ التحالف مع أي طرف داخلي وإقليمي، وتقديم أي ثمن، إن ضمن له ذلك البقاء رئيسا للوزراء. والمؤسف أن السياسة الأميركية راحت تلتقي، ربما بلا تنسيق، مع إيران، وسوريا أيضا، في الإبقاء على المالكي رئيسا للوزراء. ولا نعرف ما هي المصلحة الأميركية في تجاوز الاستحقاق الانتخابي العراقي والتشبث بالمالكي، وأية تعهدات ووعود قدمها المالكي لإدارة أوباما لتقف هذا الموقف، مع أنه يتحالف مع ألد أعداء أميركا في العراق، أي الصدريين؟؟!! ولكنه التخبط المألوف من هذه الإدارة، وعلى أكثر من جبهة وقضية، ولاسيما في الموقف من إيران.هناك قوى وشخصيات سياسية ومثقفون يدعون لإعادة الانتخابات كحل للمشكلة، حسبما يتوهمون. والحال، وكما كتبت، أكثر من مرة، وفي أكثر من مكان، فإن إعادة الانتخابات اليوم تعني الطعن بنتائج الانتخابات السابقة، والرضوخ لإرادة المالكي وحزبه. كما أننا لا نعتقد أن جمهرة المواطنين سيندفعون للانتخابات بنفس الزخم السابق بعد أن رأوا ما حصل من تجاوز لإرادتهم الانتخابية. وثالثا من يضمن أن المالكي، وله كل ما في يديه من مواقع سلطة، وبيده هيئة المساءلة، سوف يقبل بنتائج أية انتخابات إن لم تكن نتيجتها فوز قائمته بالصدارة؟! المالكي سوف يظل يداور ويناور، ويزور العواصم الإقليمية، ويقوم بالاتصالات الداخلية الشكلية، حتى نهاية العام، وربما سوف يأتي بعد ذلك للقول إنه فشل في تشكيل الحكومة بسبب رفض العراقية، وإن الحل هو في انتخابات جديدة يعد لها خلال شهور طويلة من العام المقبل، وبحيث يستطيع حزبه والأجهزة التي تحت تصرفه تعبيد الطرق لفوزه في أية انتخابات قادمة. قد يكون هذا مجرد تصور لا دليل عليه، ولكنني أراه من الاحتمالات الواردة رغم أن مهمة حزب الدعوة وزعيمه لن تكون سهلة.إن الوضع خطير جدا، والأزمة مستحكمة، ولو صحت هذه التوقعات الكالحة، فقد ينتظر العراق حملة جديدة من الاغتيالات السياسية التي تطال زعماء العراقية وآخرين من منافسي حزب الدعوة، ومحاولات تصفية قادة الصحوات على أيدي مليشيات الصدر والقاعدة وبعض أجهزة السلطة. كما قد يكون من بين ما وعد به المالكي إيران تصفية معسكر أشرف بالقوة العسكرية وتسليم المطلوبين من إيران إليها. هذا ولا نعتقد أن مليشيات الصدر ستكف عن مناوشة القوات الأميركية والتحرش بها. إن شهورا ساخنة قادمة قد تنتظر شعبنا المنكوب، الذي لا يزال ربع سكانه تحت خط الفقر برغم أن وفرة ميزانية العام الماضي تبلغ 17 بليونا من الدولارات، ورغم ارتفاع احتياطي العراق النفطي ليصبح ثالث بلد، قبل إيران، وبعد السعودية وفنزويلا. شعب منكوب بزعمائه؛ منكوب بالخدمات المتدنية؛ منكوب بالعبوات اللاصقة والاغتيالات بكواتم المسدسات؛ منكوب بالفقر والبطالة والقمامات؛ منكوب بكون العراق يمثل ثاني أعلى معدل في وفيات الأطفال مقارنة بدول المنطقة؛ منكوب بالملايين من أرامله وأيتامه؛ منكوب بمطاردة أقلياته واضطهادها؛ منكوب بنهب ثرواته وبالفساد المستشري من فوق ومن تحت، وعرضا وطولا؛ منكوب بالتدخل الإيراني واسع النطاق، وعلى كل الجبهات، وفي جميع أنحاء العراق. وأخيرا: ما القائدة من الانتخابات أصلا إن كانت نتائجها صعود زعماء مستبدين لأحزاب دينية طائفية، لا يؤمنون بالديمقراطية والدولة المدنية، ويحرّمون الفن والثقافة، ويناهضون حربة المرأة، والحرية الدينية، وحرية الفكر؟؟!!! فهل نصرخ من القلب: تبا للانتخابات كلها، وليحكمنا رجل كعبد الكريم قاسم أو فيصل الأول؟؟!! ولكن، أين عبد الكريم؟؟!! وأين فيصل؟؟!! بل حتى، أين ذلك الرعيل من الساسة من أمثال رضا الشبيبي وسعد صالح وطه الهاشمي ومحمد الصدر وعبد اللطيف الشواف ومحمد حديد وفيصل السامر وإبراهيم كبة وغيرهم؟إيلاف في 18 أكتوبر
- آخر تحديث :
التعليقات