&بعد احداث 11 ايلول / سبتمبر عام / 2001 المهولّة على مركزي التجارة العالميين والتي أذهلت العقول والأبصار وضعت اميركا خططا ايدولوجية ليست نمطية وغير متعارف عليها وأساليب مخابراتية عابرة للقارات مُحكمة التنظيم واجراءات غير مسبوقة قبلا قالت انها ناجعة ورصينة البناء لكنها رغم هذه الطرائق والأنماط التي أحكمت ترتيبها والتي اشرفت عليها& C I A والبنتاغون وأجهزة الامن والشرطة بالتنسيق مع الاجهزة الاخرى في بقية دول العالم ؛ لم تنجح الولايات المتحدة في القضاء على الارهاب بل على العكس ازداد الفكر الارهابي اتساعا وامتدت اذرعه الاخطبوطية لتنمو اشكال جديدة فاقت ما كانت القاعدة تمارسه فظهرت انماط وأسلاف للقاعدة لم نألفها من قبل مثل داعش التي اعتمدت الاكتساح العسكري والتوطين والاحتلال على عكس ما كانت تفعله القاعدة من تنفيذ عمليات ارهابية هنا وهناك دون ان ترسخ اقدامها وفق طريقة " اضرب واهرب "
الان تغير الوضع كثيرا فصارت ستراتيجية الدواعش " اهجم واحكم& " ضاربة عرض الحائط كل خطط ونوايا وطرائق العالم كله ومعالجاته العقيمة للقضاء على الارهاب حتى بلغ اليأس بالمجتمع الدولي مداه الاوسع بان الولايات المتحدة والعالم الغربي عموما ليسا جادين في القضاء نهائيا على تلك الزمر الغريبة الاطوار والمسالك التي عاثت فسادا وإفسادا ونشرت العنف في اشرس انواعه
ففي استطلاعات عديدة للرأي والتي تجريها المؤسسات المدنية المعنية والجهات التي تعنى بترسيخ السلام ومكافحة العنف ومنها مركز الدراسات العربي – الاوربي ومقره باريس في استطلاع للرأي العام جرى مؤخرا حتى ظنّ المستفتون بان الولايات المتحدة الاميركية هي مصدر الارهاب العالمي وبنسبة فاقت التصوّر ( 86% ) فهؤلاء الذين شملهم الاستفتاء لايرون بادرة نجاح ملموس في القضاء على الارهاب بعد مرور مايقرب على العقد والنصف من السنين على حادثة الحادي عشر من سبتمبر / 2001 على مركز التجارة العالمي وفي عقر دار اميركا ووصلت بهم القناعة الى ان اميركا ترعى كبار رجال الارهاب وتحت حماها وهي من قامت بتأسيسه ونشرته في حروبها الشرسة وتستطيع في وقت ما ان تقوم بتصفيتهم وإنهائهم بعدما ينتهي دورهم
في تأريخ اميركا بشاعة لاتنتهي بدءا من سرقة خيرات الشعوب وإشعال نار الحروب وخلق الاعداء واتساع اللصوصية وتغذية وتدوير مصانع السلاح لزعزعة اسس السلام ، ورأسمالية تقدّس المال والسلطة وتمتصّ الخبرات الموجودة في دول العالم والقدرات التكنوقراطية الراقية لاغرائها وتمكينها للهجرة الى بلاد العم سام وتغريبها عن اوطانها لتبقى متخلفة واهنة ، ولسنا في حاجة للتذكير بان هذا العالم الجديد سبق وان كان مكبّا لنفايات القتلة واللصوص الباحثين عن الذهب والثراء الفاحش ممن لفظتهم اوروبا وسحقت سكان البلاد الاصليين وممارسة تجارة الرقيق الاسود القادم عنوة من افريقيا وتجميعهم في بلاد اليانكي كعبيد وأرقّاء فمازالت العنجهية الاميركية تفرض قوتها العسكرية والمالية على اوروبا منذ ان بدأت تلك الهيمنة في اعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية وامتدت حتى وقتنا الحالي
اية دولة خارجة عن القانون هذه الولايات المتحدة& الكبيرة التي تسمى اميركا ؛ فمنذ انتهاء تلك الحرب قصفت 30 دولة وأطاحت بأكثر من 50 حكومة وطنية وسحقت مايزيد على 30 حركة شعبية وهذا الكلام لانقوله وحدنا انما قرأناه كثيرا في مؤلف السيد وليام بلوك الموظف السابق في الخارجية الاميركية في كتابه " الدولة المارقة " وماتدعو له اميركا رسميا وماتقوم به في السرّ والخفاء ، وأعجب كثيرا ممن لايزال البعض يعوّل عليها ويتهم من يقول الصدق ويُظهرها على حقيقتها بأنه يجاري نظرية المؤامرة ويقف موقفا سلبيا من اليانكي وأتباعه ممن عمي بصره وأغلقت بصيرته عن استشفاف واقعها على حقيقته
ألم تعِد اميركا العاقّة والكاذبة العراق بإعادة اعماره وبنائه بعد غزوها له في العام /2003 ولم تفِ بوعدها ؟؟
أطاحت بالدكتاتورية الصدامية بحجة مكافحة الارهاب وتنظيف البلاد من اسلحة الدمار الشامل المزعومة والتي لم يظهر منها ايّ شيء مما كان يتذرع به البنتاغون والبيت الابيض وكانت النتيجة انْ لم تجف منابع الارهاب بل ازدادت فيضا بفعل الدواعش ومن انضم اليهم من معتوهي امراء النزاعات وتجار الحروب المحليين ومن شيوخ قبائل وزعماء اثنيات مذهبية ورؤوس مليشيات وأبدلتها بدكتاتوريات الاحزاب الاثنية والمذهبية الدينية وفرضت نظم المحاصصات فهذا لك وتلك لي وكأن العراق قطعٌ وأشلاء موضوعة على مائدة النهمين والجائعين لتحقيق ثروات وإنتاج قطط سمان وولائم للذبح والسلخ تعمّ مدنه ومما يسمونه أقاليمه وأجزاؤه في مساعي لتقطيع أوصاله وتفتيت شعبه وبثّ الكراهية والعداء بين ابنائه ليضعف شعبه وينهك اهله تمهيدا لتجزئته أربا اربا والقادم أسوأ مما لايخطر على البال
فمازالت الولايات المتحدة تتخبط خبط عشواء في كيفية مواجهة الارهاب وبدلا من ان تجتثّ بؤره& او على الاقل تضييق الخناق عليه لكننا نراه يتسع اكثر فأكثر ولا من معالجات جذرية وحاسمة رغم انها استنزفت مايفوق على اربعة تريليون دولار في غضون السنوات السابقة ولا من نتائج مرضية وليس ادل على ذلك انها رفضت جديا ان تحدد من هم الارهابيين ولم تحدد الى الان صيغة متفق عليها لتعريف الارهاب خوفا من الاتهامات التي قد تلصق بها وبجيوشها من خروقات وأخطاء كثيرة وفادحة يقوم بها المارينز ولإبعاد ارهاب الدولة عنها وعن الدول التي تسير في ركابها ومنها اسرائيل التي مازالت تزيد من اساءاتها وعنتها وظلمها الفادح للسكان الفلسطينيين اضافة الى الخلط الاهوج غير السليم مابين الاسلام والمتأسلمين الذين يسيئون للإسلام وكان من نتيجة ذلك تفاقم العداء للمسلمين ككل دون التفريق بين من يركب الاسلام لتمرير فكره المتطرف واستخدام طرق العنف وبين من يعتقد بالإسلام طريقا للعبادة السويّة ويمشي في مساره معتدلا مسالما لادخل له فيما يعتقد الناس نائيا بنفسه عن الممارسات الغريبة الاطوار التي يمارسها المتطرفون لكنه يلقى العداء والكراهية بسبب تكاثر الظواهر العنصرية التي اشتعل أوارها في الوقت الحاضر مما أتاح لليمين الاوربي ان يستغل هذه الظاهرة ليعزز نفوذه وتكثر صفوفه وتنامي الفكر العنصري ويقف موقفا راسخا على حساب القوى الليبرالية وذوي العقول والقلوب المفتوحة واليسار الذي انحسر دوره وضعف تأثير الليبرالية نظرا لما يمارسه المتأسلمون من ظواهر عنف وترويج الكراهية مما انعكس سلبا على المسلمين المعتدلين الذين لاناقة ولاجمل لهم مع اية اجنحة ارهابية وشنّت عليهم حملات اعلامية ظالمة دفعوا ثمنها على المستوى العالمي لمجرد كونهم منحدرين من منابت اسلامية مع انهم مسالمين ابرياء حتى ان بعضهم تعرض للأذى والتحرش والاستهجان والنعت بأبغض الصفات وألصقت عليهم شبهات هم ابعد ما يكونون عنها ، كل ذلك قد نتج بسبب الشحن العنصري من قبل احزاب اليمين المتطرف وهيئات دينية ضيقة الافق ومنظومات مشبوهة غايتها بثّ الكراهية والعداء للأطراف المخالفة عقيديا وعنصريا ووصل التوتر والبغضاء مداه الاقصى حتى بدأت الافكار النازية والشوفينية تتنفس الصعداء وتنتشي زهوا في بعض بلدان اوروبا وتعيث فسادا وقتلا بالمهاجرين الجدد والقدماء بين الحين والآخر وكلما حدثت عمليات تخريبية وإرهابية وكأن هؤلاء المهاجرين هم من يقوم بتنفيذها دون فرز المسبب والقائم والمخرب ، فكل عقيدة دينية او فكر معين تجد فيه المعتدل والمتطرف ويتعيّن الفصل والفرز والتحقيق الدقيق المنصف للكشف عن الجهات الراعية للعنف ونشر العداء
ولايخفى ان الكثير منا وفي الشرق الاوسط خاصة من يشير الى الولايات المتحدة ويتهمها بأنها هي من تصنع الحركات الارهابية لغاية في نفس يعقوب وهي من تقبرها اذا اقتضت الضرورة لذلك حتى تبرّر دخولها هذه البقعة او تلك والاّ مامعنى هذا الانتشار الواسع المرعب المخيف واستخدام الوسائل العنفية الشرسة جدا والغريبة الاطوار التي تمثلها داعش في الشرق الاوسط وبوكو حرام في افريقيا وطالبان في افغانستان ، حقا لقد تصاعد الارهاب وتعددت اشكاله وقويت شكيمته وتنوعت مصادر تمويله حتى بات من الصعب تتبع خطوط امداده وملاحقة مصادر تمويله اللوجستي وتغذيته بكل تلك الامكانيات الهائلة من الاموال والأسلحة المتنوعة ناهيك عن الدعم الاعلامي الذي يبدأ من اصغر باحة مسجد ومن صفوف الصغار في المدارس الدينية ومناهجها التي تركّز على الجهاد ومحاربة الكافرين وعودة نظم الخلافة وتنشيط اساليب الفتوحات الاولى مروراً بهيئات دينية تقوم بجمع الاموال الطائلة بذرائع الزكاة والتبرعات لنصرة الاخوان المجاهدين ودخول شركات صناعة السلاح وتجار الحروب على الخط ووصل الامر الى أن تخضع قدرات البترودولار المالية الهائلة كي تكون مصدرا اساسيا لتمويله ناهيك عن المتاجرة بالآثار المسروقة التي تدر ربحا وفيرا لتعزيز ماكنة الحروب وتشغيلها وزعزعة اسس السلام وتخريب مبادئ التعايش السلمي واستيعاب الاطراف الاخرى المخالفة ، عدا عن ترخيص الاعلام بكل اصنافه من قنوات تلفزيونية وشراء ذمم وتأجير قدرات الكتّاب والمثقفين اللامعين ورجال الفكر بمغريات المال الهائل لجعلهم يبثون السموم في العسل ويلوثون الأجواء الصافية ويشوّهون ملامح المحبة بين العقائد وتعكير صفو مياهها ولاننسى استخدام خدمات الاتصال الواسعة والشبكة العنكبوتية لإشاعة مفاهيمهم ونشر قناعاتهم السقيمة في المواقع الالكترونية واستقطاب المزيد من قليلي الوعي وضعاف النفوس والجاهلين وما اكثرهم في مجتمعاتنا المتخلفة لحشو ادمغتهم فكرا متخلفا مستغلين مساحات الحرية التي اتاحها التقدم التقني في عالمنا المعاصر
غير ان كل هذا التشعب والتوسع الذي يستخدمه الارهاب من اجل امتداده ونشر اذرعه الاخطبوطية فليس عصيا على الولايات المتحدة الاميركية ان تلاحقه وتصل الى منابعه فقد بات من الواضح انها من تساهم في صنعه ان لم تصنعه وحدها وتمدّه طولا وعرضا نظرا لامكانياتها الهائلة قوة وسلاحا ومالا وأذنابا وعملاءً وحلفاءَ منتشرين في عموم المعمورة بابتكارها نظرية الفوضى الخلاّقة التي غازلت قوى الاسلام المتطرف ونفخت فيه الروح ليثير غبار الاضطراب ، يبدأون التحرك من الشرق الآسيوي حيث المنابت الاولى بدءا من الباكستان ولاّدة القاعدة وافغانستان منشأ طالبان مرورا بالجزيرة العربية والخليج الغني بثرواته وكثرة دعاته الدينيين ذوي الالسن الكريهة النافثة كراهية ونرجسية دينية حتى وصل هذا الطوفان الى اوربا وأميركا دون ان نجد من يتصدى له ويوقف سيله العارم
أكاد أوقن ان القوة العظمى المتمثلة في اميركا لم تكن جادة ومصممة تماما في مواجهة ومحاربة الارهاب بكل عدّتها وأعدادها من الاتباع والحلفاء حتى وان جلبت كل قواتها الجوية وطائراتها المقاتلة وأمطرت ارضنا وسماءنا نارا وقذائف وصواريخ ، وماذا يعني موت مجموعات من الاجلاف والأوغاد والقتلة المرعبين امام مدد من السيول البشرية التي تتوطن فينا وتتكاثر كالطحالب يوما بعد يوم

[email protected]
&