معاناة غزة لا حدود لها وتذكر بما حدث في الحرب العالمية الثانية من دمار، بل ربما زادت في تفاصيلها لصغر مساحة غزة وكثافتها السكانية. وما جرى فيها من قتال كان الأكثر دموية على مدار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وما أوصلته بعض وسائل الإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي، على قلتها، نقلت الوضع الحقيقي المروع كشهادة للعصر على ما ارتكبته إسرائيل في حق سكان غزة من جرائم تعد جرائم كبرى بحق الإنسانية جمعاء.

وللأسف، أغلب وكالات الأنباء والإعلام الميداني لم تكن تغطيتهم مطابقة للواقع وللأحداث الجارية ومدى المأساة وحجم المعاناة. حتى أن بعض القنوات الإعلامية ذات الثقل، عندما تشاهدها، تعتقد أن المعارك الجارية في غزة تجري "الند بالند"، لكن الواقع عكس ذلك.

ومع تقصير وسائل الإعلام العالمية الداعمة للموقف الإسرائيلي والمنساقة خلف روايات الإعلام الإسرائيلي، هناك تخاذل من القوى العظمى وقصور في دورها تجاه ما يحدث في غزة. ومن الواجب عليها اليوم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهذه ليست أمنية شخصية أو رغبة خاصة، بل أصبحت ضرورة ملحة ومطلبًا إنسانيًا عالميًا.

إقرأ أيضاً: يحيى السنوار.. الفلسطيني الذي أفاد إسرائيل حياً وميتاً

وأصبح الوضع في غزة وما يمر به سكانها من معاناة بحاجة إلى تدخل دولي عاجل ومساعٍ فوق العادة. ومنها زيادة الضغوط على القيادة السياسية في إسرائيل للوصول إلى حل دبلوماسي وفصل قضية غزة عن معركتها مع إيران، وفتح الباب لوصول المساعدات الإغاثية والطبية الدولية لسكان غزة. ومن الضروري عقد مؤتمر دولي لإنقاذ غزة وتنشيط الدور السياسي للدول المؤثرة على الخارطة الدولية، خصوصًا الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وتنشيط دور الأمم المتحدة الدبلوماسي والإغاثي.

قيام إسرائيل بإعاقة جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في غزة، ووضع أمينها العام البرتغالي أنطونيو غوتيريش على قائمة الأشخاص غير المرغوب فيهم، وإعاقة جهودها الإغاثية والطبية في غزة، يعتبر جريمة كبرى أخرى تضاف لجرائم إسرائيل.

إقرأ أيضاً: الثالوث المرعب: الفساد والمخدرات والإرهاب

تشكل زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الحالية لمنطقة الشرق الأوسط بارقة أمل لإنهاء الحرب في غزة وإيصال المساعدات بشكل عاجل وتخفيف معاناة سكانها. ومع تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الحرب في غزة مستمرة، ومع تضافر الجهود الدولية، خصوصًا الدور الأميركي، يبقى الدور العربي بقيادة السعودية ومصر والدول العربية المساهمة في عملية السلام هامًا وحاسمًا للوصول إلى حل عاجل لأزمة غزة. أما إيران فما زال دورها صب الزيت على النار، غير مكترثةٍ بضحايا الحرب في غزة.