بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، احتفل السوريون ومعهم العرب وكل محب بهذا النصر العظيم، حيث نال الشعب السوري حريته بعد عقود من المعاناة والكفاح على كافة الأصعدة. وبعد تضحيات جليلة وصلت إلى مليون ما بين شهيد وجريح و12 مليونًا من المهجرين واللاجئين، وصل الشعب السوري لمبتغاه من الحرية والعودة إلى حضن الوطن المفقود. ألتأم الشمل، وخاب وخسر كل عميل ومحتل.

بالرغم من تعرض الشعب السوري لنكبات مريعة ومجازر مرعبة وظروف معيشية صعبة جدًا من عوز وفقر وقتل وتشريد، عاد الشعب السوري من تحت الأنقاض ومن المنفى ليقول كلمته ويفرض إرادته. واليوم تعلو تكبيرات الفرح فوق كل مآذن دمشق وحلب وحمص وحماة.

نعم، من حق الشعب السوري أن يفرح، ونحن كذلك من حقنا أن نفرح بفرحهم وزوال أقذر حكم بشري ديكتاتوري عامل الناس بالنار والحديد والملفات والمراكز الأمنية والسجون السيئة السمعة. في تلك السجون، ارتُكبت شتى أنواع التعذيب والتنكيل والسلخ البشري، والمآسي بوجود سفاحين وجلاّدين ينفذون أوامر نظام طاغٍ ظالم ذاق منه الشعب السوري أنواعًا وأصنافًا من العذاب والقهر والتسلط والجبروت. اعتمد النظام أساليب أمنية صارمة وأعمال رقابة وتجسس على الجميع، حتى إن الأخ كان يخاف من أخيه أن يكون عميلًا للأجهزة الأمنية، فيتورط بتهمة يخسر معها نفسه وربما أسرته.

إقرأ أيضاً: حلب وشتاء سوريا الساخن

كان هذا النظام الدكتاتوري يقدم الشك على اليقين، وكان الشخص متهمًا حتى تثبت براءته، والقرائن تُعوّض عن الإثبات. وكان أتباعه من الجلادين ينهجون نهجه ويدفعهم كذلك الخوف منه والتقصير في أي تكليف. أصبحت لغة الرعب والخوف هي المتحكمة في كل حديث وعمل. ولم يسلم لبنان وشعبه من شره، فتسبب لهم بحروب أهلية واغتيالات وانعدام للأمن والاستقرار. وآخر من رأينا من ضحاياه اللبنانيين ذلك الشيخ الذي اختُطف قبل 40 عامًا من لبنان، حتى يئس أهله من مصيره، فتم إطلاق سراحه من أحد سجون الأسد.

ومهما طال أمد الحكم بالحديد والنار، فلا بد له من يوم يصبح في مزبلة التاريخ، كما حدث يوم الثامن من كانون الأول (ديسمبر) 2024.

أبارك للأخوة السوريين، ولتحتفل سوريا، ولتحذر من أن تأكل الثورة أبناءها. وليتم تقديم مصلحة سوريا الوطنية على ما سواها، والبعد عن الحزبية والمناطقية والطائفية. وليُعمل على أن تعود سوريا الموحدة الحرة الأبية دولة ذات سيادة على كافة أراضيها ومياهها وأجوائها وحدودها، بجيش وطني موحد يحافظ على وحدة وسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وثرواتها، والمطالبة بعودة الجولان المحتل.

إقرأ أيضاً: فصل الشتاء فلكياً وأرصادياً

ولتكن عملية الإحلال السياسي واضحة المعالم تخدم الشعب السوري من الساحل إلى البادية، ومن درعا إلى عين العرب، وفق قرار الشعب السوري نفسه بدستور جديد يضمن كافة الحقوق ويحدد كافة السلطات والاختصاصات والصلاحيات التشريعية والقضائية والتنفيذية. وتعود كافة الوزارات والأجهزة الحكومية للعمل وفق رؤية مُقننة، وتسريع عملية عودة كافة اللاجئين وتعويض المتضررين، ووضع خطة إعمار شاملة لتعود الحياة إلى سوريا بعد عقود من الحرمان والبؤس.