"طاش ما طاش" تألق خليجيا... والسوريون بالتاريخ
من فاز ومن خسر في حرب المسلسلات الرمضانية

الحور العين
محمد عبد الرحمن من القاهرة: كل عام وانتم بخير .. انتهى شهر رمضان وانحسر معه طوفان المسلسلات العربية الذي يجتاح الفضائيات في هذا الموعد من كل شهر . والملاحظ أن قوة هذا الطوفان تزداد كل عام، وإن منابعه تتغير وتتطور من مكان إلى آخر . ولطوفان المسلسلات ثلاثة منابع رئيسية هي مصر وسوريا ودول الخليج ، ولا يمكن القول اي منبع أقوى على الاطلاق من الآخر ، فكلها قدمت في رمضان هذا العام ايجابيات وسلبيات على حد سواء. ومن المنتظر أن تزداد المنافسة في العام المقبل بعدما أصبح الكل يسعى للتميز والمرتبة الأولى وعدم الاكتفاء بالتمثيل المشرف. ويمكننا الآن ان نرصد أهم ملامح دراما رمضان في النقاط التالية:

ريا وسكينة
•كانت القضية الأولى بالنسبة للدراما المصرية هذا العام هي المستوى الذي ظهرت فيه مسلسلات يسرا و يحي الفخراني بالتحديد ، فالفخراني نجم كبير ولم يفشل له منذ سنوات طويلة أي مسلسل بهذا الشكل الذي فشل فيه مسلسل " المرسى والبحار" .وكنا في ايلاف قد أثرنا قضية سوء اختيار النجوم لأدوارهم والاعتماد على أسمائهم قبل المضمون بشكل جعل الجمهور يتعجب من المستوى الذي يتابعه عبر الشاشة الصغيرة .وفي هذا السياق كانت الاشادة بمسلسل "ريا وسكينة " لأنه اعتمد عى قصة واقعية، اضافة الى ان الممثلين ادوا ادوارهم دون النظر لاعتبارات أسمائهم. كذلك الامر بالنسبة لمسلسل "أنا وهؤلاء "الذي قدم دراما اجتماعية كوميدية هادفة ،وهو ما لا يحدث في باقي الأعمال للأسف. ففي مسلسل يسرا "أحلام عادية " كان الجمهور يشاهد يسرا وليس الشخصية، وفي "المرسى والبحار " اقتنع الفخراني، أو هناك من أقنعه، بأنه قادر على أداء شخصية شاب في الثلاثينات من عمره، لكن ثبت ان ذلك خطأ. وقد اكدت الصحف المصرية هذا الامر طوال الشهر الكريم ، وبشكل واضح ومعلن. ونورد هنا أمثلة من جريدتي روز اليوسف اليومية والدستور الأسبوعية . ففي الأولى جرى استطلاع رأي بين 8 من كبار النقاد عن أفضل وأسوأ أعمال رمضان ،فجاء مسلسل "ريا وسكينة" الأفضل و"أحلام عادية "الأسوأ ، وحصلت عبلة كامل مع محسنة توفيق على لقب أفضل ممثلة، وفازت يسرا بلقب الأسوأ، وحصل مخرج مسلسلها مجدي أبو عميرة على نفس اللقب ، بينما فاز المخرج نادر جلال بلقب المخرج الافضل، والممثل هشام سليم بلقب الممثل الافضل عن "أماكن في القلب " .هذا عن استطلاع النقاد . اما صحيفة الدستور فكتبت تعلق على مسلسلات رمضان بالقول:" يسرا..عفوا ،لقد أوشك رصيدكم ،عند الجمهور على النفاذ ".وقالت لعبلة كامل انها " دقيقة في كل شئ حتى في طريقة اللبس والوشم والحركة لأنها تمثل من الداخل ". وفي عنوان اخر قالت ان " سامي العدل وصلاح عبد الله ورياض الخولي وأحمد ماهر اتولدوا من جديد في ريا وسكينة ". وعن مسلسلات فيفي عبده قالت: " بتغني نعم يا حبيبي وما تزوقيني يا ماما وكمان مكافحة وجدعة وبتربي 3 رجالة ..ليس على فيفي عبده حرج ".
ملوك الطوائف
هذا رأي الصحافة بينما رأي الجمهور لم يختلف كثيراً .ففي استطلاع رأي لموقع "في البلد " جاء مسلسل "أنا وهؤلاء " في المركز الأول بفارق كبير ، وحصل مسلسل "العميل 1001 " على الأفضل في استطلاع محطة راديو النجوم . ولم تحقق المسلسلات التي انتقدها الصحفيون نسب مرتفعة على الاطلاق، وربما يساعد هذا الاجماع في تحسين مسار الدراما المصرية في الفترة المقبلة ، مع الوضع في الاعتبار أن هناك مسلسلات لم تأخذ حقها في المشاهدة والتقييم مثل "للثروة حسابات أخرى " لعرضه على قناة "الراي" فقط ، و"سارة "لنفس السبب ايضا . وهناك مسلسلات أخرى احتوت مجهودا جيدا لكنها عانت من عيوب كبيرة مثل "أماكن في القلب" الذي قدم قصة جديدة تماما على المشاهد العربي حول نظرة الغرب لنا بعد أحداث 11 سبتمبر لكنه عانى من اختفاء الكثير من العوامل الفنية المساعدة ، وكذلك مسلسل "الشارد " لحسين فهمي وجومانا مراد .
•أما الدراما السورية فقد حققت خطوات للأمام في رمضان هذا العام واستطاعت الفوز بفئات جديدة من الجمهور العربي وخاصة المصري بعدما تلقت الدراما السورية دعما من مثقفين ونقاد لم يروق لهم مستوى بعض المسلسلات المصرية وخصوصا مسلسل "الظاهر بيبرس " الذي تعرض لانتقادات عديدة ساهم فيها زيادتها وجود مسلسل سوري بنفس الأسم والمضمون . ويمكن القول أن السوريين برعوا هذا العام في اتجاهين ، أولهما أنهم كانوا الأكثر اهتماما بظاهرة الإرهاب من خلال مسلسلي "الحور العين " و" الطريق الوعر ". ورغم بعض الانتقادات الموجهة للعملين بخصوص المضمون فأنهما يدلان على وعي صناع تلك الدراما بقضايا معاصرة لا تتطرق لها معظم الأعمال الفنية العربية. ويحسب للحور العين مشاركة فنانين من جنسيات عربية عديدة الأمر الذي نحتاجه بشدة في المرحلة المقبلة، فربما تحققت الوحدة العربية من خلال الدراما حسب وصف صحيفة مصرية ، أما الاتجاه الثاني فكان المجال الذي برع فيه السوريون خلال السنوات الأخيرة ، الدراما التاريخية .
جومانا مراد
ويمكن بحق اعتبار صناع مسلسل "ملوك الطوائف" بأنهم ملوك الدراما في رمضان هذا العام ، فالمسلسل باختصار لوحة تشكيلية وشعرية رائعة. ولا شك بأن المؤلف وليد سيف والمخرج حاتم علي هما علامة مسجلة تضمن نجاح هذا النوع من المسلسلات ،وهو من بطولة أيمن زيدان وجمال سليمان وسلاف فواخرجي وتيم حسن . وبرز كذلك مسلسل "المرابطون والأندلس "، وحتى على مستوى التاريخ الحديث كان لمبادرة انتاج مسلسل نزار قباني دور في تسخين الموسم الدرامي هذا العام رغم غضب أسرة الشاعر الذي يستحق الاحترام . وجاء اختيار هيثم حقي لاخراج مسلسل "أحلام في البوابة" لسميرة أحمد وترشيح حاتم علي لإخراج فيلم "محمد علي " ليحي الفخراني هو دليل اخرعلى المستوى المميز الذي وصلت له الدراما السورية ، ولكن يبقى عليهم زيادة قاعدة الممثلين منعا للتكرار الملحوظ والاهتمام أكثر بالنجم بجانب المضمون والإخراج فأسماء النجوم تشكل حافزاً مهما لجذب الجماهير العربية .
•وفي السياق نفسه لا يمكن اغفال التطور الذي حققته الدراما الخليجية –خاصة السعودية والكويتية – هذا العام والمستوى المميز الذي ظهر به العديد من الممثلين سواء في أدوار كوميدية أو تراجيدية، كما تراجعت إلى حد ما تيمة المرآة المقهورة والأسرة المفككة التي طاردت أعمال الخليج لفترة طويلة وجعلت كل المسلسلات تتشابه . ويأتي في المقدمة مسلسل "طاش ما طاش " الذي نجح في زيادة قاعدته الجماهيرية حتى خارج الخليج ، والتصدي لكل محاولات ضرب هذا المسلسل الكوميدي المميز ، ويأتي بعد ذلك مسلسل "جبروت آمراة " للفنانة القديرة حياة الفهد التي ادت دور المرآة التي تعشق القسوة حتى على أبنائها ، وللفهد أيضا مسلسل "عندما تغني الزهور " مع عبدالعزيز جاسم ،محمد الصيرفي ، هبة الدري وهو من تأليف وداد الكواري التي يعتبرها بعض النقاد الأفضل على مستوى الخليج بين المؤلفين ، أما المخرج فهو أحمد المقلا، وقدم المسلسل قصة السيدة زهور التي تواجه صعاب الحياة وحيدة بعد أن تخلى عنها زوجها، وترك في عهدتها سبعة أبناء أكبرهم في التاسعة عشرة، فتخرج من البيت لتجد سبيلاً لإعالة أسرتها.
سلاف فواخرجي
والمسلسل آلاخر الذي لفت الانتباه لجرأة موضوعه هو "عديل الروح " وهو من تأليف فجر السعيد وأخراج رمضان علي وبطولة خالد النفيسي ، بدرية أحمد ، عبير أحمد ، شجون ، محمود بوشهري ، أبراهيم الحربي. ويتحدث عن مشاكل الأسرة الخليجيه من ناحية الجمع بين الثراء والمناصب من خلال شخصية الوزير وهي المحوريه في العمل ، كذلك مسلسل "اللقيطة "لهيفاء حسين وحسن البلام .
ومسلسل " صحوة زمن " لسعاد عبد الله الذي تجسد فيه شخصية «نورية» التي تتمحور حولها الأحداث وتواجه مشكلات في إطار الأسرة مع الزوج والأولاد، كما تختلف في كثير من أمور الحياة المعيشية مع إخوتها. وعانى هذا المسلسل من التكراروالتطويل بسبب تكرار القصص في أعمال خليجية أخرى .

[email protected]