تعد المهرجانات العربية من أكثر الفعاليات إثارة للجدل فيما خص التخلي عن الموضوعية على حساب المحاباة.


الرياض: دائماً ما يكون مجال المنافسة العالمية بين الأعمال الفنية فسحة حقيقية للجان التحكيم للاختيار على أسس إبداعية صرفة، من دون إغفال عامل الجمهور والمشاهدة، ليكون التقاطع بين الإبداع الفني من جهة وذوق المتابعين من جهة أخرى هو العامل الأساسي في إطلاق الأحكام ومنح الجوائز، ولكن الأمر مختلف في عالمنا العربي، فكثيراً ما تواطأت لجان التحكيم مع عمل معين على حساب آخر، إما عن جهل أو لمصلحة معينة، مما يؤثر على موضوعيتها، وهذا الأمر دائماً ما يضع اللجان في دائرة الاتهام والشك.

ولعبت الاعتبارات غير الإبداعية دوراً كبيراً في منح العديد من الجوائز في المهرجانات العربية على مر العقود الأخيرة، وساهمت بشكل كبير في تحول المهرجانات الإعلامية والدرامية إلى ظاهرة استثنائية لا مثيل لها في كافة أرجاء العالم، نحن لا نغفل التواطئ والمحاباة في بعض المهرجانات العالمية، ولكن ما يحدث في عالمنا العربي يفوق كل ذلك ويتخطاه إلى أنواع المحاباة، ويلغي الحالة الكرنفالية التي يجب أن تكون عليها هذه التظاهرات.

الأمثلة كثيرة على هذه الظاهرة، وأخيرًا وزعت الكثير من الجوائز على الأعمال العربية منها quot;تايكيquot; الأردنية، وجوائز مهرجان quot;الغديرquot; العراقي.

تايكي - كما غيرها من التظاهرات - لقيت العديد من الاعتراضات، ووجهت للجانها الكثير من الانتقادات، فكان لاعتبارات الدولة المنظمة مكانة هامة في الحدث، ولاعتذار عدد من النجوم عن الحضور دوراً أيضاً، كما ذكرت بعض المراجعات إن كانت هذه الجوائز وطريقة توزيعها تشكل مجالاً للجدل، ولكن من المؤكد أن النقاد والمتابعين سيختلفون على شفافية هذه الجوائز، وعلى شرعيتها، وسيختلفون على أحقية عمل ما أو ممثل، دون أن نغفل أن الاعتبارات التي تحدثنا عنها لاشك أنها لعبت دوراً ما في النهاية.

ولكن السؤال ما المبرر أن يحصل مسلسل quot;رفة عينquot; للمخرج المثنى الصبح وتأليف وبطولة أمل عرفة على جائزة أفضل عمل في مهرجان الغدير السادس للإعلام، فإذا كانت هناك اعتبارات معينة موجودة في جوائز quot;تايكيquot;، فما هي الاعتبارات التي دفعت لجنة تحكيم مهرجان الغدير لاختيار مسلسل مثل quot;رفة عينquot; من بين أكثر من 100 عمل عربي عرضوا في الموسم الرمضاني المقبل، خصوصًا أن هذا المسلسل يعاني من الكثير من المشاكل بداية من النص المترهل الذي يقدم حلولاً طفولية وغير منطقية وبعيدة عن الواقع، مروراً بالإخراج الذي ظهر على شكل تأدية الواجب من دون أي إبداع ولمسة فنية، وانتهاءً بالتمثيل المتواضع لمعظم النجوم المشاركين، ولو كانت لجان تحكيم هذا المهرجان من طلاب التمثيل أو الإخراج لما قبلت أساساً بوجود مثل هذا المسلسل في ترشيحاتها.

وبين وجود المبررات وعدمها يتهدم الإبداع الفني على جدران المهرجانات، وتتحول القضية إلى محسوبيات ومصالح، فإلى متى سيبقى الإبداع محكوماً بعقليات انتهازية ووصولية تسعى لتحقيق أجنداتها الشخصية على حساب الآخرين؟