اختلف الفنانون العراقيون في مقدار الاستفادة من المخرج العربي لتطوير الدراما العراقية، فهناك من يرى أنه لم يقدم أي فائدة، فيما رأى آخرون أنه أفادها بخبرته وتقنيات العمل وتعامله المثالي مع الممثلين.


بغداد: على الرغم من وجود عدد كبير من المخرجين العراقيين الا أن القنوات الفضائية والجهات الانتاجية المتمثلة بالشركات الفنية استعانت بعدد من المخرجين العرب لاخراج المسلسلات التلفزيونية، في محاولة لضخ خبرات مختلفة والاستفادة من تجارب وكفاءات عربية من اجل اضافة تفاصيل ابداع وابتكار جديدة للاعمال العراقية التي عانت من اشكالات عديدة.

لكن هذه الاستعانة اصطدمت، كما يرى البعض، بعقبات عديدة منها عدم معرفة المخرج العربي طبيعة المجتمع العراقي وعدم اعتماده على البيئة وعدم فهمها، وجهله باللهجة المحلية الذي يؤدي الى تفكك الايقاعات لديه، فضلاً عن الازياء وغيرها من الشؤون التي تدخل في العمل الفني، ويعتقد آخرون أن المنتجين ومن وراء القنوات الفضائية لم يعتمدوا الا على مساعدي مخرجين لأسباب مختلفة.

يؤكد الفنان طارق شاكر على اخفاق المخرجين العرب في رفع مستوى الدراما العراقية، ويقول: لم يقدموا أي فائدة لها بدليل أن في العام الماضي كان هناك كم كبير من المخرجين العرب وخصوصًا من السوريين الذين أتى بهم المنتجون لرفع الدراما العراقية الى مصاف الدراما في البلدان المجاورة، ولكن هؤلاء اخفقوا بدليل ما رأيناه من مسلسلات، وبدليل أن المخرج العربي وخصوصًا السوري لا يفهم اللهجة العراقية اولاً، ولا يعرف ماهية العادات العراقية، ولا يعرف حتى جغرافية المكان الذي يصور فيه ، فيأتي يعمل ومن ثم يأخذ فلوسه ويذهب، وهناك مسألة أخطر وأهم وهي أن المنتج العراقي يوفر له جميع الامتيازات التي يحلم بها من مبالغ مالية مغرية الى فاتورة مفتوحة لهاتفه الجوال الى السكن المريح والخدمات التي تقدم له ووسائل الراحة، ولا يقدم للمخرج العراقي نصف ما يقدمه للمخرج العربي، واعتقد أن المخرج العراقي مبدع ورائع ولو توفرت له هذه الظروف الانتاجية المريحة لظهرت هذه الأعمال بصورة رائعة جدًاquot;.

اما الفنانة نسرين عبد الرحمن فأشارت الى اخطاء يقع فيها العرب لعدم معرفتهم بطبيعة المجتمع، وقالت: quot;المخرج العربي من ناحية تعامله مع الممثل العراقي يستخدم تقنيات متطورة من ناحية الاجهزة وطريقة الاخراج، وطبعًا ليس الجميع لديهم هذه الخاصية، فقسم من المخرجين العرب اخفقوا لأنهم لا يعرفون مفردات الطبيعة والواقع والبشر العراقي، على عكس المخرج العراقي الذي يعرف كل هذه الاشياء، إنهم ينقلون مفردات تختلف عمّا عندنا، وكان من المفروض أن يتواجد معه مخرج منفذ أو مخرج مساعد كي يتلافى بعض الأخطاء، ولكن من ناحية أخرى هم استخدموا أجهزتهم الجيدة المتطورة غير المتوفرة عندناquot;.

فيما اكد الفنان اسعد مشاي أن لكل مخرج مواصفاته فقال: المخرج لديه قراءة للنص، وهناك مخرجون عرب جيدون وهناك من لدينا ملاحظات على عملهم ، لذلك يمكن القول إن هناك مخرجين خدموا الدراما العراقية بخبرتهم التي يوظفونها في اعمالهم سواء من عملوا في دمشق أو بغداد ولديهم مقومات، وهناك مخرج هادئ يعطيك الملاحظة بشكل شفاف وعلمي وهناك مخرج تحسه فوضى، وبالتالي ينعكس هذا على نفسية الممثل، في نظرة متوازنة نجد أنهيوجد مخرجون عرب جيدون مثلمايوجد مخرجون عراقيون جيدون، ولا اعتقد أن أي مخرج يمكن أن يفيد الممثل العراقي، ولكن تبقى القضية المتعلقة بالمخرج هو كيف يوجّه الفنيين وطبيعة اختياره لمدير التصوير من اجل أن تتكامل هذه الحلقةquot;.

من جانبه، رأى المخرج نزار شهيد الفدعم أن الاستعانة بمساعدي مخرجين عرب هو لتدمير الدراما العراقية بالتواطؤ مع القنوات الفضائية، وقال: quot;عندما جاء ابراهيم جلال في سبعينيات القرن الماضي اضاف للدراما العراقية، لأن الناس الذين كانوا يديرون الدراما العراقية لم يستعينوا اقل من الموجودين، جاء وقتها ابراهيم عبد الجليل وجاء مخرج اردني عباس ارناؤوط، لكن الذي حدث بعد عام 2003 أن المنتجين استقدموا مساعدي مخرجين ليس لهم حضور في بلدانهم، يا ليتهم أتوا بمخرجين بمستوى جيد ويسلمونهم النصوص لأن العملية الفنية لا تحتكرها حدود، فهي عملية مفتوحة، نحن محتاجون لمخرجين ومصورين وفنيين وكتّاب في كل مفاصل العملية الفنية، ولكن نحتاج الناس الذين يملكون كفاءات عالية والذين يضيفون للعملية الفنية، نحن لا نحتاج للاستعانة بمساعدي مخرجين كي يساعدوا على تدمير الدراما العراقية ونهبها بتواطؤ مع قنوات معروفة لانها تأخذ حصة من المنتج، هناك عملية تخريب وتهميش مقصودة لدور المخرج العراقي من قبل القائمين على هذه القنوات والعملية الانتاجية لأنهم مستفيدون من هذا الوضع بتواطؤهم مع المنتجين المنفذينquot;.

واضاف: quot;المخرجون العرب لم يفيدوا الدراما العراقية، وفي السنة الماضية شاهدت أحد الاعمال على احدى القنوات، كانت مأساة، المخرج اساء للعمل والفنان العراقي لأنه لا يعرف كيف يوجهه، والمأساة أنه لا توجد جهة تراقب الانتاج الدرامي وتحافظ على الفنان والعاملين في التمثيل، نعيش فسادًا عامًا في السياسة وفي المال والآن في الفن، وهو آخر مفصل لأن الفنانين ينتبهون على حالهم ودائمًا هم السباقون في كشف الكثير من المفاسدquot;.

اما الفنانة آسيا كمال فقد اشارت الى ضرورة الاستفادة من الخبرات وقالت: quot;أعتقد أنه أفادها، ثم اننا نحتاج الى تزاوج خبرات واضافة خبرات من الفن العربي الى الفن العراقي، ولا ضير أن يخرج مخرج عربي اعمالاً عراقية بمشاركة كادر فني عراقي يعطيه معلومات عن البيئة وعن الصيغة العراقية للعملquot;.

واضافت: quot;من خلال عملي مع بعض المخرجين العرب وجدت أنهم افادوا الدراما العراقية جدًا، لأنهم يعملون ضمن اختصاصهم، هناك نكهة عراقية كما في عمل المخرج تامر إسحق (شناشيل) حيث شاهدنا تفاصيل عراقية كاملة، اما تعاملهم مع الممثلين فهم يتعاملون باحتراف ونجوميةquot;.

أما الفنان الكوميدي ناهي مهدي فرأى أن المخرجين العرب لم يفيدوا الدراما العراقية، وقال: quot;لم يفد المخرج العربي الدراما العراقية، بل أن المخرج العراقي افضل بكثير منه، ولكن يمكن القول إن الفنيين العرب افادوها، وانا ارى أن الدراما العراقية ظهرت بالفنيين وليس بالمخرجين، لأن امكانية الفنيين العرب اعلى من امكانيات الفنيين العراقيين، لم يقدم المخرج العربي لنا شيئًا، لكن الاعلام الذي يقدم للمخرج العربي اكبر مما يقدم للمخرج العراقي، لهجتنا تختلف عن لهجته لذلك هو لا يعطيك المزاج الذي أنت فيه خلال الحواريات، أي أنه لا يفهم لهجة التحاور المحلية بمفرداتها الشعبية ولا يحس بها كالمخرج العراقيquot;