يشهد السباق إلى البيت الأبيض توتراً متصاعداً، ويسري هذا التوتر على أبرز ما تنتجه هوليوود من مسلسلات ووثائقيات وأعمال الدراما.

الحملة الانتخابية الحالية هي الأكثر اضطرابا في تاريخ الولايات المتحدة، فقد تم تغيير مرشح قبل أشهر من موعد السباق الانتخابي، وشهدت مناظرة بايدن وترامب ثم مناظرة بايدن وكامالا هاريس الكثير من الدراما، بجانب ترقب لاحتمال وصول أول امرأة إلى سدة الرئاسة الأمريكية.

لكن السباق إلى البيت الأبيض جذب اهتمام صنّاع الأفلام على مدى عقود، وكان بعض النتائج مذهلا إلى حدّ ما.

ففرانك كاربا، المخرج الإيطالي الأمريكي الفائز بجوائز عن أعماله في الثلاثينيات والأربعينيات، تناول الموضوع بنظرة متشككة.

حملت بعض هذه الأعمال أسلوب الرواية الخيالية، بينما مزج البعض الأخر بين الخيال وتفاصيل واقعية عن الانتخابات، لكنه جميعا تناولت موضوعات تمسّ قلب الديمقراطية والمبادئ الأمريكية.

نعرض في ما يلي أهم الأعمال حول الانتخابات الرئاسية، بما فيها أفلام لم تحصل على التقدير المناسب.

1- ألوان أساسية (1998) إخراج مايك نيكولز

واحد من أفضل أعمال المخرج مايك نيكولز وأقلّها شهرة، بينما يعود السيناريو للكاتب إيلاين ماي. يصور هذا العمل الساخر بشكل واضح لا يمكن إنكاره رحلة بيل كلينتون خلال الانتخابات التمهيدية للسباق نحو البيت الأبيض رغم أن شخصيات الفيلم تحمل اسماء مغايرة لكلينتون وأفراد حملته.

أدى جون ترافولتا بشكل بارع غير متوقع دور جاك ستانتون الحاكم الجنوبي الذي يستطيع أن يتجاوز أي مأزق أو تحدي بفضل فطنته.

أبدع ترافولتا في محاكاة كاريزما كلينتون وتقليد نظرته المتعاطفة التي كانت تجسد شعار "أشعر بألمكم" من دون أن ينحدر الأمر إلى إلى سرد هزلي.

وتلعب إيما تومبسون دور زوجته سوزان، التي يفترض أن تكون هيلاري كلينتون، قبل أن يكون لها مسار سياسي خاص بها، لكنها تملك بصيرة حادة.

الفيلم مقتبس من رواية كتبها الصحفي جو كلاين عام 1996 (نُشرت في الأصل تحت اسم Anonymous)، ويتناول الفيلم ما يدور وراء الكواليس في الوقت الذي كانت تحاول فيه الحملة تبديد الشائعات - بعضها صحيح وبعضها غير صحيح - حول فضائح ستانتون النسائية.

هناك أيضا شخصية أدريان ليتسر، وهو مدير حملات انتخابية مثالي، يجسد فكرة البراءة المفقودة الموجودة في العديد من الأفلام التي تتناول الانتخابات الأمريكية.

نسبة الكوميديا في الفيلم كوميدي كبيرة، حتى مع طرحه لواحدة من الأسئلة الأساسية في السياسة في القرنين العشرين والحادي والعشرين: هل من الضار ممارسة القليل الخداع والتضليل إذا كان من شأن هذا أن يساعد في وضع شخص سيبذل قصارى جهده لخدمة الولايات المتحدة في البيت الأبيض؟ يقدم ستانتون في الفيلم الإجابة عن السؤال بالقول إن رئيسا بارزا على شاكلة أبراهام لينكولن قد زيف الحقيقة.

2 – جميع رجال الرئيس (1976) إخراج ألان جاي باكولا

واحد من أفضل أفلام عصرنا، الفيلم يركّز بالطبع على الصحافة، لكن إن ألقيت نظرة أخرى سترى أنه يتناول أيضاً السياسة القذرة في الحملات الانتخابية.

يجسد روبرت رديدفور وداستين هوفمان دور بوب وودوارد وكارل برنشتاين، وهما اثنين من مراسلي صحيفة واشنطن بوست، يحاولان معرفة الحقيقة خلال الفضيحة السياسية التي اشتهرت باسم ووترغيرت وأدت إلى استقالة الرئيس نيكسون.

يتبع الفيلم تحقيقات الصحفيين عن تورط لجنة انتخابية للحزب الجمهوري في المحاولة الفاشلة لسرقة معلومات من مقر الحزب الديمقراطي في بناية ووترغيت، فيما كان مجرد مقدمة أدت إلى الكشف عن المزيد من الممارسات البغيضة في الحملات الانتخابية.

لا يزال الفيلم مشوقاً عند كل مرة تشاهده فيها، هو يخلق صورة متسقة عن الولايات المتحدة.

الفساد الكامن وراء حملة نيكسون الانتخابية عام 1972 هو أحد الموضوعات التي يتناولها الفيلم الذي دائما ما يحذرنا من مغبة هذه الانحرافات السياسية.

3- هزّ الكلب (واغ ذا دوغ - 1997) إخراج باري لفينسون

يبدو هذا العمل الساخر من التسعينيات أكثر ملائمة للوضع الحالي من أي وقت مضى، خاصة في ظل ما نعيشه من تطور لتقنية الذكاء الصناعي والانقسامات الحادة حول الحقيقة.

أدى روبرت دنيرو أحد أفضل أدواره الكوميدية عندما جسد شخصية كونراد برين، وهو مستشار حملات انتخابية يتم استدعائه، بعد انتشارالأنباء حول علاقة الرئيس بامرأة شابة قبل أسبوعين على موعد الانتخابات التي ستبقيه في منصبه. (اللافت أن الفيلم تم عرضه للمرة الأولى قبل شهر من انتشار أخبار فضيحة كلينتون ومونيكا لوينسكي. فجاءت التطورات خلال رئاسة كلينتون بمثابة هدية بالفعل لصناع الأفلام).

لإنقاذ الحملة الانتخابية يقرر برين الاستعانة بمنتج سينمائي من هوليوود – جسّد داستن هوفمان شخصيته النرجسية بشكل مذهل – ليختلق حربا وهمية مع ألبانيا عبر الكاميرات.

كما قاموا أيضا بخلق بطل للحرب لا علاقة به بالبطولة. الصحافة صدقت والرأي العام أيضاً، ومن الذي سيكون قادرا على معرفة ما هو الحقيقي بعد الآن؟

تصوير الفيلم للعلاقة بين هوليوود والسياسة أمر مسلمّ به في زمننا الحالي. لكن الفيلم جمع بشكل مثالي بين السيناريو الذي كتبه ديفيد ماميت وإبداع باري ليفنسون في الإخراج.

4 – غرفة الحرب (1993) إخراج دي آي بينيبايكر وكريس هيجدوس

يستند هذا الفيلم الوثائقي الرائد على كواليس ترشح بيل كلينتون للرئاسة للمرة الأولى في عام 1992، ويمثل النسخة الحقيقية من فيلم "ألوان أساسية".

يظهر كلينتون قليلاً فقط. الشخصيات الأساسية هي المخطط الاستراتيجي جيمس كارفيل ومدير الاتصالات جورج ستيفانوبولوس قبل أن يصبح لاحقاً مقدم نشرات إخبارية.

اللافتة على حائط مكتب الحملة الانتخابية تحمل عبارة كارفيل الشهيرة التي صارت فيما بعد شعارا سياسيا مهما "إنه الاقتصاد يا غبي."

يقوم ستيفانوبولوس بإخماد حرائق وسائل الإعلام، بما في ذلك محادثة هاتفية يخبر فيها مراسلاً يعمل على نشر شائعة حول كلينتون أنه سيبدو أحمق ولن يكون له مستقبل إذا كتب هذه الكذبة، في طريقة تجعل الامر أشبه بسرد حقائق وليس تهديدا. (هذه الإشاعة تم دحضها في الواقع منذ زمن بعيد)

الفيلم يرصد الطاقة الشبابية خلال حملة قائمة على الأمل والأدرينالين.

فيلم الرجل الأفضل - 1964
Getty Images

5 – الرجل الأفضل (1964) إخراج فرانكلين شافنر

يستعيد سيناريو غور فيدال عصر جون كنيدي، لكن تناوله لمكائد اختيار مرشح رئاسي في مؤتمر حزبي تنقسم فيه الآراء حول المرشحين، لا يزال يمسّ العديد من القضايا الراهنة في سياسات الحملات الانتخابية، بما في ذلك المال والوعود التي تُقدّم مقابل تقديم التبرعات للمرشحين.

يؤدي هنري فوندا دور ويليام راسل، وزير الخارجية المخضرم الذي وصفه أحد أنصاره بالمثقّف. يسأله أحد المراسلين: "هل تعتقد أن الناس لا يثقون في أمثالك من المثقفين في عالم السياسة؟".

كليف روبرتسون يلعب دور السيناتور جو كانتويل، المنافس الشاب الذي يعتمد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. كل من المرشحين على دراية بفضائح منافسيه، لكن هل سيلجأ أحدهم إلى استخدام ذلك الأمر؟

ينتقد فيدال رهاب المثلية في ذلك العصر من خلال الإشارة إلى مزاعم عن علاقة مثلية على أنها واحدة من تلك الأسرار، ويتعقد الأمر أكثر عندما يتبين أن الأمر لا يعدو كونه إشاعة كاذبة.

تبدو النهائية الأخلاقية السعيدة وكأنها مقحمة على الفيلم، الذي رغم نهايته تلك يبدو مليئا بالمؤامرات وأسئلة البحث عن الذات.

فيلم ولاية الإتحاد 1948
Getty Images

6 – خطاب حالة الاتحاد (1948) إخراج فرانك كابرا

عمل درامي قوي لكنه غير معروف، بطولة سبنسر ترايسي وكاثرين هيبورن. سخريته اللاذعة من العمل السياسي يجعل منه أحد أقل أعمال المخرج سخافة.

غرانت ماثيو رجل أعمال ناجح متزوج من ماري، لكنه على علاقة بكاي ثورندايك، مالكة مجموعة صحفية وذات طوح سياسي كبير.

تريد كاي استخدام مالها وتأثيرها لتضع غرانت في البيت الأبيض، لكنهما يحتاجان إلى ماري لتلعب دور الزوجة المخلصة.

تصاب ماري بإحباط وخيبة أمل عند إدراكها أنها كانت تستخدم كأداة.

غرانت، وهو رجل طيب في الأساس، ينخرط بشكل متزايد في الطموح والاستغلال السياسي.

مثل أي فيلم لكابرا، نهاية هذا العمل مثالية، لكن ما يجعل هذا الفيلم مهما لنا اليوم هو تناوله بوضوح إغراء السلطة والتسويات التي تدخل في انتخاب الرئيس.

7- الرئيس الأمريكي (1995) إخراج روب راينر

كتب آرون سوركين سيناريو هذا العمل الرومانسي ذا الصبغة السياسية، والمستوحى من قصة من لروب راينر عن أندرو شيبرد، الذي يلعب دوره مايكل دوغلاس بشكل ساحر، فهو الرئيس الأرمل والأب العازب الذي يترشح لإعادة انتخابه.

وحين يقع الرئيس في حبّ ناشطة بيئية اسمها سيدني إلين وايد (قامت بدورها آنيت بينينغ)، يطلب منه مستشاروه لأن يجعلها بعيدة عن أعين العامة، بينما يبدأ منافسوه في مهاجمتها.

يلعب مارتن شين دور مدير موظفي الرئيس وصديقه الحميم.

يحمل العمل لمحة من المسلسل التلفزيوني (ذا ويست وينغ) خاصة فيما يتعلق بالصراع للحصول على الأصوات اللازمة بهدف إقرار مشروع قانون الجريمة، الذي اقترحه شيبرد في الكونغرس، إلى جانب السؤال حول ما إذا كان سيعرّض إعادة انتخابه للخطر من خلال دعم مشروع قانون بيئي.

لكنّ العنصر الأكثر تميزاً في فيلم سوركين، هو المثالية الوردية حول إمكانية أن تحقق السياسة بعض الخير، وهي فكرة تجعل هذا الفيلم غريباً ومبهجاً بين الأفلام السياسية الأكثر واقعية في التسعينيات.

8 – اليوم المشؤوم (2011) إخراج جورج كلوني

فيلم ديناميكي من بطولة ريان غوسلينغ وجورج كلوني الذي أخرجه أيضاً. لم يترك الفيلم تأثيراً كبيراً عند إصداره في زمن أوباما، إذ أن تلميحه إلى فضائح كلينتون الجنسية بدا مملا ومستهلكا بشكل كبير.

عند مشاهدته الآن، نرى أنّه يستغل بذكاء الفكرة المستمرة المتمثلة في البراءة السياسية المفقودة، التي تتجسد في شخصية ستيفن مايرز، التي يؤديها ريان غوسلينغ، وهو شاب يتمتع بالذكاء ويعمل في استراتيجيا الحملات الانتخابية.

يقرر مايرز العمل مع مايك موريس (كلوني)، حاكم موهوب في السياسة يترشح للرئاسة.

لعب فيليب سيمور هوفمان دور رئيس ستيفن المتعب، ولعب بول جياماتي دور مدير حملة منافسه، في فريق يضمّ جيفري رايت وماريسا تومي.

تلعب إيفان رايشيل وود، دور متدربة شابة لدى موريس، ويكفي ذكر هذا الدور لتعرف إلى أين تتجه الحبكة.

لكنّ الخداع بين المرشحين، وبين الحملات والصحافة، ذكي ومتقن إلى الحد الذي يجعل القدرة على التنبؤ بالنتائج غير ذات أهمية.

9 – تغيير اللعبة (2012) إخراج جاي روش

هذا الفيلم من نوعية الأعمال التي قد تدفعك إلى الضحك عوضا عن الانخراط في البكاء نتيجة للحقائق التي يرويها.

الفيلم يتناول اختيار حملة جون ماكين لحاكمة ألاسكا سارة بالين، ليعينها نائبة له في الانتخابات الرئاسية لعام 2008، وهي خطوة ساخرة وعشوائية أدت إلى نتائج عكسية بكل الطرق الممكنة.

تبقى الكوميديا التي يقدمها جاي روش، والتي تشوبها أخطاء، قريبة من الواقع. الفيلم مقتبس من كتاب لجون هيلمان ومارك هالبرين، وفي بعض الأحيان نرى مشاهد لسياسيين حقيقيين مع الممثلين.

ويلعب وودي هارلسون دور ستيف شميدت، الخبير الاستراتيجي الذي يصرّ على أن على ماكين (إد هاريس) أن يفعل شيئاً يغيًر من قواعد اللعبة، مثل اختيار امرأة، ليحظى بفرصة التغلّب على أوباما. مع نفاد الوقت، والقليل من التدقيق، يختارون بالين الجذابة عديمة الخبرة.

لعبت جوليان مور دور بالين بواقعية ملحوظة مع بعض التعاطف. هي جاهلة للغاية بالشؤون الخارجية لدرجة أن نيكول والاس (لعبت دورها سارة بولسون)، مديرة الاتصالات التي تحاول إرشادها، تستسلم للواقع.

قد يكون هذا الفيلم، الواقعي والمرح، هو الجانب المشرق الوحيد في كارثة بالين.

10 – رأس الدولة (2003) إخراج كريس روك

كانت أمريكا تحتفي برئاسة أوباما حين كتب وأخرج وقام كريس روك بدور البطولة في هذا العمل. ميس غيليام سياسي متواضع محلي في واشنطن، يتبناه الديمقراطيون للترشح للرئاسة بعد وفاة مرشحهم قبل وقت قصير من موعد الانتخابات.

لكن الأمر برمتّه خدعة، فما يريده الديمقراطيون هو ادعاء الفضل في الدفع بمرشح أسود لا شك أنه سيخسر، على أن يرشحوا أحد ساستهم البارزين في الانتخابات التالية.

سينقلب الأمر عليهم بالطبع. ميس رجل صريح، على اتصال بالعاملين ومستعد لإخبارهم بالحقيقة الواضحة حول كل شيء، مشيرا إلى عدم المساواة وجاعلاً الجماهير تهتف، "هذا ليس صحيحا!".

غالبًا ما تكون كوميديا كريس روك الارتجالية ساخرة، لكن هذا الفيلم كوميدي على نطاق أوسع - يلعب بيرني ماك دور شقيق ميس الصاخب - وأكثر جدية.

يردد الفيلم السؤال الذي طرحه فيلم "خطاب حالة الاتحاد" عام 1948: هل يمكن لمن يقول الحقيقة أن يفوز؟

لم يحظ هذا العمل بنجاح كبير.