إيلاف من لندن: يحملنا سيناريو مسلسل "220 يوماً"، إلى حكاية زوجين يعيشان في وئام وسعادة، قبل أن تهبط الصدمة على حياتهما: إصابة الزوج أحمد (كريم فهمي) بورم سرطاني في المخ، في الوقت ذاته الذي تحمل فيه زوجته مريم (صبا مبارك) بطفلتهما الأولى.

الفكرة الأساسية للمسلسل تكتسب تميزها من قرار الزوج الكاتب أن يوثّق، عبر خياله، حياة كاملة مع ابنته التي لم تولد بعد، ليترك لها إرثًا أدبيًا يتيح لها التعرف على أبيها بعد رحيله المحتمل.

هنا، لا نتحدث عن سرد مأساوي فحسب، بل عن مزاوجة بين الخيال والأمل في مواجهة الخوف من الموت.

الكتابة… بين الأدب والفلسفة
الكاتب محمود زهران يغامر بتركيب نص داخلي مزدوج: كاتب يكتب عن كاتب. حيلة سردية معقّدة لكنها تُضيف صدقًا وعمقًا، ربما لأن المؤلف يعرف جيدًا شعور أن تخلق عالمًا بالكلمات، لا لتقاوم الواقع فقط، بل لتعيد تشكيله.

الفكرة لا تخص الأدباء وحدهم، بل تمتد لتُذكّر بأن قوة الأفكار والكلمات قادرة على التأثير في حياتنا الفعلية.

فما نتخيله أو ندوّنه بإصرار قد يتحول إلى واقع، وكأن الكتابة ليست مأوى للألم فحسب، بل فعل مقاومة وصناعة حياة بديلة.

صورة مختلفة للزوجين
يعيد المسلسل الاعتبار لصورة الزوجين المحبين بعد موجة من الأعمال التي كرّست صورة المرأة المقهورة والرجل الظالم. في "220 يوماً"، العاطفة ليست ترفًا، بل محورًا أساسيًا للعمل.

الإخراج والأداء
أخرج العمل كريم العدل بإيقاع سريع، وأضاف لمسات كوميدية خفيفة خفّفت من ثقل التراجيديا.

وركز على لغة العيون التي تجيدها صبا مبارك وكريم وفهمي، والذي أظهر نضوجا كبيرا في اداءه، كما شهد المسلسل حضورًا محبّبًا لوجوه افتقدها الجمهور مثل محسن محيي الدين، عايدة رياض، وحنان سليمان.

أما الأداء اللافت فكان من علي الطيب في شخصية "كرم"، حيث قدّم دورًا ثانويًا لكنه غني بالحرفية، مع استخدام بارع للغة الجسد واندماج كامل مع الشخصية.

ملاحظات نقدية
رغم قوة قصة المؤلف (محمود زهران) وعمقها، إلا أن هناك مأخذين:
• زجّ العنصر اللبناني جاء غير مبرر دراميًا، وكأنه مجرد إضافة بلا داعٍ.
• إخفاء أحمد مرضه عن زوجته، ثم إخفاؤها لاحقًا لتدهور حالته، بدا تكرارًا غير ضروري لخلق التشويق، وكان يكفي أن يحدث مرة واحدة.

الصورة والإحساس
الديكورات والألوان جاءت دافئة وحميمة، مما منح المشاهد إحساسًا بالدفء العاطفي المطلوب.

أما النهاية، فكانت "مربط الفرس"، إذ صوّرها كريم العدل بشكل فاجأ المشاهد، وأضافت عمقًا إيمانيًا كبيرًا، عبر رسالة أن الرضا بما يكتبه الله هو أعظم أشكال الطمأنينة.

في محصلته، يقدّم "220 يوماً" نموذجًا دراميًا يمزج بين التراجيديا والأمل، ويؤكد أن الخيال قد يكون أحيانًا أقوى من الألم نفسه.