عام 2010 الاكثر دفئا منذ أكثر من 200 سنة

بالرغم من استمرار تساقط الثلوج طوال الشهر الأخير من العام 2010 في معظم الدول الأوربية وتسببه بتعطل حركة النقل الجوي والبري فيها بشكل كبير إلا أن عام 2010 يعتبر، وفق بيانات مراقبي وخبراء المناخ الأكثر دفئا منذ العام منذ 1880 وهو العام الذي شهد حفظ سجلات الطقس. وتسبب كذلك بارتفاع درجة حرارة الأرض الشديد وانتشار الجفاف في مناطق عديدة من العالم لعل المنطقة العربية أبرزها مما أدى لتراجع الانتاج الزراعي بشكل لافت.

أمستردام: يرى خبراء المناخ أن سبب هذا التغير المناخي السيء هو ظاهرة النينو التي تعد المسؤول الأول عن ارتفاع درجات الحرارة في العالم خاصة في النصف الأول من العام 2010. وبالرغم من انتهاء هذه الظاهرة لكنها تسببت بالارتفاع الكبير في درجة الحرارة في المحيط الهاديء خاصة.

وتعتبر ظاهرة النينو تيارا مائيا دافئا يتحرك شرقا في المحيط الهادئ المداري بحركة راجعة غير اعتيادية يستغرق وصوله بحدود ثلاثة أشهر مقتربا من سواحل الاكوادور و بيرو مسببا توقف تيار المياه البارد وحركات التقلب الراسي السائدة عموما في هذا المكان.

وقد أطلق على هذه الظاهرة صيادو الأسماك اسم الطفل المسيح ( Chris Child) في منطقة المحيط الهاديء بسبب حدوثها الشائع في فصل الشتاء والذي يتزامن مع أعياد الميلاد.

ويطلق عليها اسم الطفل المذكر تمييزا لها عن الاسم الأخر للنينو الذي يدعى الطفل المؤنث ( اللانينيا ) والتي تمثل حالة شذوذ أخرى في المنطقة نفسها.

إن هذه الظاهرة بشقيها تمثل الوجه الأخر للنوسان الجنوبي الذي يعني التأرجح في نظام الضغط الجوي في المنطقة الجنوبية من المحيط الهادي.

ومن أبرز التأثيرات التي تتسبب بها النينو تغير درجات الحرارة والضغط الجوي و التفاوت الكبير في كميات تساقط الامطار إلى جانب حرائق الغابات وموجات الجفاف والتاثير على امتدادات وحركات الأمواج العليا للغلاف الغازي.

وسجلت ارتفاعات درجة الحرارة بدرجات عير طبيعية في مناطق واسعة في كندا وإفريقيا والمحيطات الاستوائية ومناطق في الشرق الأوسط في حين تعاني المناطق الشمالية في تايلاند جفافا هو الأشد منذ 20 عاما.
اما في بريطانيا فإن هذا العام كان الأكثر جفافا منذ عام 1929 كما سجل ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي مستويات قياسية في شهر حزيران الماضي.

جفاف طويل ومطر متأخر

ومع اشتداد وطاة الجفاف حتى شهر ديسمبر من العام 2010 خاصة في منطقة الشرق الاوسط على غير المتوقع من كل عام شهدت الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر سقوط كميات من الأمطار والثلوج مصطحوبة بعواصف شديدة تسببت بخسائر مادية في منطقة بلاد الشام.

ويحذر خبراء البيئة من استمرار الجفاف ومساهمة الانسان فيها التي ستزيد من المساحات غير الخضراء التي قد تتسبب بشكل غير مباشر بوفاة مئات الالاف سنويا نتيجة سوء التغذية التي يتسبب بها الجفاف واشتداد أمراض الملاريا والاسهال.

وبالرغم من اتفاق دول العالم في ختام مؤتمر كانكون في المكسيك في نهاية العام 2010 على مجموعة من الإجراءات منها تحديد تعهدات التخفيف من آثار التغير المناخي في إطار رسمي مع ضمان زيادة المساءلة عن تنفيذ تلك التعهدات، واتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الغابات في العالم. وإنشاء صندوق لتمويل جهود مواجهة التغير المناخي على المدى البعيد لدعم الدول النامية، وتعزيز التعاون التكنولوجي وقدرة الفئات المستضعفة من السكان على التكيف مع المناخ المتغير. الا أن تطبيق هذه الاتفاقات يبقى رهينا بمدى تطبيق هذه الدول لاتفاقاتها حيث ينظر للبيئة نظرة غير متحمسة في عدد من دول العالم وهو مايقلق خبراء البيئة الذين يرفعون صوتهم دائماً بضرورة انقاذ البيئة التي ستنقذ الناس أيضاً.

زلزال هاييتي

ولم يكن الجفاف واشتداد الحرارة هو ما ميز العام 2010 مناخيا فقط بل شهد أكبر زلزال فاق توقعات الجيولوجيين الذي كان عبارة عن هزة أرضية بلغت قوتها 7.0 درجة على

زلزال هاييتي حصد اكثر من 230 ألف ضحية

مقياس ريختر، وكان مركزها يبعد نحو 10 أميال (17 كيلومتر) جنوب غربي العاصمة الهايتية بورتو برنس. حيث وقع الزلزال في يوم الثلاثاء 12 يناير 2010 في تمام 16:53:09 بالتوقيت المحلي. وعلى عمق 6.2 ميل (10.0 كم).

وقد سجلت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS) سلسلة من الهزات الإرتدادية عشر منها زادت قوتها عن 5.0 درجة بينها واحدة بقوة 5.9 وأخرى بقوة 5.5 كلها بنفس العمق.الزلزال الذي استمر لما يزيد عن دقيقة واحدة خلف دماراً هائلا حيث أظهرت مشاهد تلفزيونية التقطت عقب الزلزال مباشرة سحب كثيفة من الغبار ارتفعت من مدينة بورتو برنس ناتجة عن انهيار المباني جراء الزلزال.

وقدر الصليب الأحمر الدولي أعداد المتأثرين بالزلزال بثلاثة ملايين شخص بين قتيل وجريح ومفقود. وقد قتلت شخصيات عامة بارزة عديدة جراء الزلزال، فيما أعلنت الحكومة الهايتية في 9 فبراير عن دفن أكثر من 230.000 قتيل في مقابر جماعية.

وانهارت معظم معالم مدينة بور أو برنس أو تضررت بشدة جراء الزلزال بينها القصر الرئاسي ومبنى الجمعية الوطنية (البرلمان) وكاتدرائية بور أو برنس، كذلك انهار السجن الرئيسي ومستشفى واحد على الأقل. كما أعلنت الأمم المتحدة أن مقر قيادة قوات حفظ السلام الدولية في هاييتي والموجودة في هذا البلد منذ 2004، قد لحقت به أضرار كبيرة بعد مقتل العشرات من موظفيهم بما فيهم مبعوث الأمم المتحدة و نائبه.

وعلى الرغم من تحذيرات وتوقعات الجيولوجيين بالزلزال الا أن تقديراتهم كانت دون مستوى الحادث بكثير، حيث صدقت التوقعات وأخطات التقديرات.

الرماد البركاني

الرماد البركاني شل حركة الننقل الجوي في أوربا

ولم تكن ظاهرة الجفاف وزلزال هاييتي أهم معالم العام الماضي بل كان للغبار البركاني حصته في العام 2010 الذي شكل كابوسا حقيقيا للمسافرين وملاحي الطائرات مما تسبب في اضطراب رحلات الطيران في العالم وفي إغلاق المجال الجوي لعدة دول مثل بريطانيا وفرنسا وفنلندا وألمانيا والدانمارك وإسبانيا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا والنمسا وسلوفاكيا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والمجر وسويسرا ورومانيا وبلغاريا خشية أن يؤدي الغبار المنبعث منه إلى إلحاق الضرر بمحركات الطائرات.

فتم إغلاق مطارات تلك الدول لأيام عدة دون أن تتعطل في الدولة التي انطلق منها الغبار البركاني وهي ايسلنده حيث كانت الريح تقوده خارج حدود البلاد التي ظل بركانها ينفث غباره نحو السماء حتى وصل للشرق الأوسط في شهر نيسان أبريل الماضي.

لكن غبار بركان إيسلندا لم يتسبب بضحايا بسبب الحذر الذي اتخذه الطيارون وسلطات الطيران في تلك الدول لكنه تسبب بخسائر مالية جمة لشركات الطيران بسبب إلغاء المئات من الرجلات الجوية.

ثلوج أوربا

ثلوج أوربا حالت دون احتفال الكثيرين بأعياد الميلاد

ولم يشأ العام 2010 أن يلفظ آخر ساعاته دون أن يسجل بصمة جديدة له بيضاء هذه المرة من خلال كميات الثلوج التي لما تزل تتساقط بشكل كثيف على الدول الأوربية معيقة احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية فيها حيث قضى بعض المسافرين ليلة الميلاد في المطارات بدلا أن يقضونها مع احباء لهم كانوا في الطريق اليهم فحالت الثلوج دون وصولهم في الوقت المناسب.

وتسببت هذه الثلوج بالكثير من حوادث السير وسقوط عدد من الأشجار على روؤس المارة بسبب كمات الثلوج التي سقط عليها وشدة هبوب الرياح.

لقد كان عام 2010 عام التغييرات المناخية بجدارة وفق تسمية منظمة الأمم المتحدة له.

لعل هذه التغييرات تعود لسابق عهدها بعيداً عن الغبار البركاني وظاهرة النينو والزلازل البعيدة نتائجها عن تقديرات خبراء الجيولوجيا.