تشهد مناطق عراقية ظهور حيوانات لم يعرفها العراقيون من قبل فيما انقرضت أخرى كانت مشهورة بينهم.


وسيم باسم من بغداد: يشير إعلان وزير البيئة العراقي سركون لازار صليو الأسبوع الماضي عن تشكيل لجنة للحد من التعامل مع الحيوانات الدخيلة إلى العراق، إلى التأثير الكبير للحكايات والمشاهدات التي تتردد بين الأوساط الشعبية والنخب عن دخول كائنات حية إلى العراق لم يعهد بها من قبل.

و تؤكد وزارة البيئة العراقية على أنها شكلت لجنة للتحقيق في الموضوع لاسيما ما يتردد من حقائق أو ربما أوهام عن أفعى سيد دخيل التي تسببت في مقتل عدد المواطنين، اضافة الى حيوانات غريبة أخرى.

لكن الباحث وطالب الماجستير في جامعة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) أحمد عبيد يشير إلى ان القضية لا تتعلق بكائنات حية دخيلة، لان هذه المنطق مرفوض من الناحية العلمية، لكن المسألة ترتبط بالتنوع البيئي في العراق وتأثيره على انقراض بعض الحيوانات ومقابل ذلك هجرة بعض الكائنات الحية من والى العراق، بحسب الظروف البيئة المناسبة.

ويتابع : لا يمكن القول ان هناك كائن غريب دخل الى العراق، واغلب ما يقال هو شائعات، ترتبط في الغالب بالظرف الاجتماعي والسياسي وحتى الاقتصادي، ولا يمكن ان توجد كائنات حية طارئة على البيئة لان ذلك يخالف منطق العلم.

ويدعو عبيد الى زيادة الوعي البيئي فيما يتعلق بالتعامل مع الحيوانات النادرة التي غالبا ما تقتل حين يكتشف أمرها.
ويشير عبيد الى التعامل الخاطئ مع تماسيح الديوانية الهاربة والتي قتلت وكان يفترض ان تنقل الى مكان امن لإجراء التحليلات والفحوص.

وعلى نفس الصعيد يشير أبو بشير (مزارع ) من الهاشمية (جنوب بابل ) عن قتل الناس لتمساح صغير في شط الحلة.

وفي اغلب الاحيان يفتك البشر بالسلاحف الكبيرة التي تظهر على الشاطيء ويتفاخرون باصطيادها.

ويعترف محسن السلطاني انه يقتل سنويا نحو أربعة إلى خمسة سلاحف كبيرة بمجرد ظهورها على الشاطئ. ويفسر السلطاني ذلك الى انها تفتك بالانسان عند السباحة في النهر.

كما يشير الطبيب البيطري ثامر الحلي الى ان الأولوية يجب ان تكون لزيادة الوعي البيئي في العراق الذي يخسر سنويا المئات من الأنواع الحيوانية النادرة بحجة انها حيوانات غريبة وتفتك بالانسان.
ويشير ايضا الى سخرية الاشاعات التي ينشرها البعض حول وجود أفاعي وحيوانات غريبة نشرتها القوات الاميركية في البراري العراقية لغرض افساد البيئة.
ويصدق كثيرون ذلك، فأبو محسن وهو فلاح شمال مدينة الحلة يعتقد ان كثرة الأفاعي يعود الى ملايين البيوض التي نشرها الاميركان في الأراضي العراقية.

ويدعو الحلى الى بث الوعي ايضا في كيفية التعامل مع هجمات الحيوانات لاسيما الأفاعي عبر وضع الخطط، وتطوير الإسعافات الأولية لعلاج لدغة الأفعى وعضات الحيوانات المفترسة و الكلاب الضالة.

الجدير بالذكر ان عام 2011 شهد قصصا للعديد من حوادث هجوم الحيوانات (الغريبة ) على الناس في المدن والقرى ومن ذلك الهجوم الذي أوضحه مدير شرطة الرميثة العقيد سعران عبيد حيث قال ان حيوانات مفترسة مجهولة هاجمت احدى قرى بني عارض القريبة من مقام السيد ابراهيم (7 كم شمال غرب قضاء الرميثة)، وأصابت عددا غير قليل من أبناء القرية بجروح بليغة نقلوا على أثرها الى المستشفى.

لكن الطبيب الحلي يرى ان تجربته عبر السنوات الماضية مع هكذا قصص، يشوبها الكثير من المبالغة والمغالطات شأنها شأن الكثير من الأقاويل التي تلوكها الألسن.
وأضاف : اغلب الظن ان هذه الحيوانات كلابا ضالة او ذئابا تهاجم في حالات نادرة، المواشي في القرى والمدن الصغيرة، فينسج الناس حولها الكثير من القصص.

ويتابع : التنوع البيئي في العراق لا يتيح نسج مثل هكذا حكايات لهجمات شبة اسطورية، فالبيئة العراقية حافلة بأنواع الكائنات الحيوانية المعروفة التي تعيش بصورة متوازنة مع بيئتها.
ويتابع : لم نلحظ إلى الآن هجرات او هجرات معاكسة من والى العراق في دلالة الى ان البيئة العراقية متوازنة، وهي امتداد للبيئة في الدول المجاورة التي تشابه في ظروفها البيئة العراقية الى حد كبير.

وفي عام 2007، قال شهود عيان في البصرة ( 545 كم جنوب بغداد)، ان حيوانا افترس أشخاصا في قرى نائية في عمق الأهوار.
ووصف مواطنون الحيوان المتوحش بأنه يشبه الكلب لكنه أكبر منه، وله مخالب طويلة، ورأسه مثل رأس الدب لكنّ يديه قصيرتان، لا يخرج في النهار بل في الليل.

وعلى رغم شهود العيان فان الدكتور في علم الأحياء ابراهيم طاهر، يرى ان ظهور حيوان غريب بمواصفات لا تحددها فصيلة حيوانية معينة، يبدو اقرب الى الخيال منه الى الحقيقة.
و يضيف : تواتر القصص ووجود شهود عيان لا يعني حقيقة وجود هذا الكائن لاسيما وان الجميع يتحدث عن شكل غريب لحيوان يختلف كثيرون حول مواصفاته وصفاته.

وفي الكثير من مدن العراق، يسمع المرء عشرات القصص حول الحيوانات الغريبة.

ويشير ابراهيم ان المشكلة في العراق هي عكس ما يتصوره الناس فالمشكلة ليس في ظهور حيوانات غريبة بل انقراض واختفاء الكثير من الأنواع الحيوانية والنباتية في العراق.
ويضيف: مساحات الحروب تسببت في هجرة الكثير من الحيوانات عن أماكنها الأصلية في البراري التي أصبحت مسرحا لحروب طويلة.

ويتابع : انحسار المناطق الزراعية، ونقص المياه، إضافة إلى طغيان المساحات العمرانية واكتساحها للبساتين والمزارع سيتسبب في كارثة كبيرة على التنوع البيئي الذي عرف به العراق لازمان طويلة.
ويضيف : من المحتمل انقراض انواع جديدة في العراق كما انقرض الأسد الذي كان سائدا بشكل كبير جدا في العراق.

ويأمل إبراهيم من وزارة البيئة في العراق ان توضع الخطط الكفيلة بحماية التنوع الحيوي، عبر نشر الوعي وجعل الإنسان يتعامل حتى مع الحيوانات المفترسة بطريقة تتيح لهذه الحيوانات العيش في بيئة آمنة، فمن غير المعقول - بحسب إبراهيم - ان الإنسان العراقي يقتل أي حيوان في طريقه، لمجرد انه مفترس مثلا.

الجدير بالذكر ان مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع الحيوي الذي انعقد في عام 2010 دعا الى وقف انقراض الحيوانات بشكل كامل.
بحلول عام 2010، لكن ذلك لم يتحقق. وبحسب مصادر المؤتمر فان الانقراض لا زال مستمراً وبشكل كبير، وما زالت مساحات المجال الحيوي للحيوانات والنباتات، تنخفض بشكل مستمر في مختلف أنحاء العالم.