تسعى ألمانيا لتكون رائدة في مجال التقنيات الخضراء التي تساهم بشكل واضح في حماية البيئة.

اعتدال سلامه من برلين: يعتبر البروفسور مارتين يينكيه من أفضل العارفين الالمان في سياسات البيئة، ما سمح له بتقديم الكثير من الارشادات والمعلومات المهمة لمراكز حماية البيئة والطبيعة. ولقد تحدث في ندوة عقت في برلين حضرتها ايلاف عن جوانب عديدة تناولها خبير البيئة بكل صراحة ووضوح.

التقنية في خدمة البيئة

فيما يتعلق بما سمي في المانيا بالثورة الصناعية الثالثة من أجل ملائمة خطط حماية البيئة قال الخبير الالماني منذ نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين والعالم يتواجد على مشارف نهاية التفوق الاقتصادي، فالانتاج الصناعي الوفير القائم على اساس رخص ثمن المواد الاولية يعاني اليوم من ازمة كبيرة. هذا النظام الصناعي الذي يعتمد على كثافة المواد الاولية والموارد سيطر على حياتنا تقريبا بشكل كامل، من نظام الطاقة مرورا بالنقل وحتى تقسيم العمل الدولي. ايضا الاستغناء المستمر عن قوة العمل واستبدالها بالطاقة الرخيصة هي من مظاهر هذاالنظام. كل هذا يقف على اعتاب الانهيار والتحول الى اسلوب انتاج يعتمد على كثافة العلوم وليس على كثافة المواد. ويقوم اساسا على اخضاع الموارد من مواد وطاقة ومياه وارض الى ثورة في مجال الكفاءة والفعالية في استخدامها.

وردا على سؤال ما هي التقنيات الاهم التي تقف وراء هذا التحول ردا قائلا: التحول الاكبر يتناول بالتأكيد مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة وفعالية الطاقة. واعلى معدلات النمو كانت حتى السنوات الاخيرة في القطاعات الكهروضوئية، التي تعتبر من اهم هذه المصادر المتجددة للطاقة. التقينات التي ترفع فعالية الطاقة لا تتطور بذات السرعة الا انها تتمتع بالتأكيد بافاق واسعة وباهمية متزايدة. وتتراوح الامكانيات من محرك اقتصادي الاستهلاك مرورا بالبيوت المنتجة للطاقة وحتى المحفزات البيولوجية في الكيمياء. نوع اخر من مجالات توفير الطاقة لا يحظي بالاهتمام الشديد، رغم اهميته الكبيرة، تمثله التقنيات القائمة على تخفيض استخدام المواد، وهذا يتناول على سبيل المثال التقينات الالمانية الناجحة في مجالات فصل وتصنيف القمامة. وكذلك في اعادة استخدام مواد البناء.

وتحدث العالم الالماني ايضا عن موقع المانيا في مجال التقنيات الخضراء واين تكمن نقاط القوة لديها بالمقارنة مع الدول الصناعية الاخرى فقالquot; تحتفظ المانيا لنفسها في هذا المجال بموقع الصدارة بشكل واضح. هذا ينطبق على حصتها في السوق العالمية لتقنيات البيئة وينطبق على عدد البراءات التي تصدر. كما ينطبق على الدور الذي تلعبه صناعات البيئة في الاقتصاد القومي وباية طريقة فهم المرء هذا القطاع المتنوع، فهو في المانيا اكبر منه في باقي دول الاتحاد الاوروبي، وفي الاتحاد الاوروبي اهم منه في مناطق اخرى من العالم، علما بان الصين والولايات المتحدة في طريق اللحاق بالركب. فحسب البيانات الاخيرة تصل حصة صناعات البيئة في الناتج القومي الاجمالي في المانيا للعام 2009 الى 9 في المائة ويتوقع وصولها مع حلول عام 2020 الى اكثر من 39 في المائة.

وفسر الخبير البيئي سبب هذه الديناميكية بالقول صناعات البيئة اليوم لا تقوم فقط بشكل اساسي على بيع المنقيات( الفلتر) وتجهيزات التنظيف. في السابق كانت هذه التقينة المعروفة بتقنية نهاية الخط مرتفعة الثمن ما ادى في النهاية الى خفض الانتاجية، لكن اليوم فان الصناعات البيئية الحديثة تتجلي من خلال عرض اساليب تقوم على زيادة كفاءة البيئة، وعلى منتجات وخدمات ترفع الفعالية. والى جانب النمو في الصناعات البيئية الحديثة تأتي ايضا المنفعة الاقتصادية، فهذه كانت الفكرة الجوهرية في التحديث البيئي الذي انطلق في المانيا في الثمانيات من القرن الماضي.
ومن وجهة نظره ايضا اصبح من المؤكد الان للجميع ان الفعالية البيئية اي رفع فعالية استخدام الموارد لمصلحة البيئة هي امور تحقق ربحية عالية، بل انها ربما اصبحت العنصر الاهم لسباق الابداع العالمي، هذا السباق تشارك فيه باستمرار المزيد من دول العالم، وفي مقدمها الصين والولايات المتحدة الاميركية، وتلعب المانيا هنا ايضا دور ريادي.

لكن مع كل هذه النجاحات لا يمكن القول بان العالم وصل الى الاهداف المتعلقة بحماية المناخ. فالتحولات المناخية اخطر بكثير حتى مما يتوقعه واحتسبه مجلس المناخ العالمي. وفي الواقع لا يشك اي خبير بانه يجب تحقيق المزيد من التشدد في الاهداف المتعلقة بالمناخ.

لكن هناك جانب ايجابي يراه الخبير الالماني، اذ ان التقنيات اللازمة وامكانياتها في حل المشكلة تحظي بالتقييم الصحيح الذي تستحقه. بالاضافة ا لى ذلك تاتي التجربة التي خاضتها بشكل رئيسي المانيا بعد عام 1998 والمقصود هنا اهداف مناخ متفائلة تحرك مسيرة التقدم التقني وتحقق نجاحات في اسواق المستقبل، وهذا ما تم التأكد منه حتى الان، فهدف معاهدة كيوتو تم الوصول اليه في المانيا عام 2007 وهدف رفع كمية الطاقة الكهربائية الخضراء تمت زيادته مرتين. والاثار الابداعية لسياسة مناخية متشددة متفائلة تفسح مجالات اوسع امام الحركة والحوار.

ولم يغب مشروع دزرتيك عن حديث البروفسور بينيكه حيث اشار الى ان كثرة المناقشات حول تحولات المناخ وطور اسعار الطاقة في السنوات الماضية ساعدا في الاهتمام بمشاريع بيئية ضخمة مثل هذا المشروع، لذا يمكن وصفه بانه من علامات انعطاف الطاقة التي تدور الامور حولها، اذ ان مشاركة من كان ضد الطاقة المتجددة او شركات لا علاقة لها بهذا الشان في المشروع هو دليل على هذا الانعطاف.

ومع انه ليس من مؤيدي المشاريع الكبيرة المركزية لانتاج الطاقة المتجددة لكنه قال لا شك في ان الاستفادة الاقتصادية من الصحراء في هذا العالم تتمتع بامكانيات ربحية هائلة، بشكل تتجاوز كثيرا مجرد توليد الطاقة، وبالاخص مشاركة الشعوب المحلية هناك.