من صوفر، مدينة الاصطياف الجبلية والمعبر الاكيد إلى العاصمة السورية دمشق، ظهرت واضحة آخر فصول تخلي رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط عن حركة 14 آذار( مارس) مهما حاول أركان هذه الاخيرة ان يقولوا ويرقعوا في الكلام على بقائه في الاكثرية إنما خارج 14 آذار. فأتت المصالحة بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي لتفتح احتمالات جديدة وتطرح اسئلة جديدة عن علاقة جنبلاط بقوى 14 أذار وما اذا كان خرج منها او إنها مجرد انعطافة جديدة في مسيرته

المصالحة بين الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة جنبلاط والحزب السوري القومي الإجتماعي برئاسة النائب أسعد حردان شكلت على ما يبدو قشة قصمت ظهر البعير في العلاقة بين جنبلاط وحلفائه في قوى الاكثرية. فالزعيم الدرزي لم يتردد هذه المرة في إعادة ضبط حديثه على ايقاع الكلام عن العمق العربي الذي تشكله سورية من دون أن ينسى التلميح إلى ان من لم يرَ العمق العربي المقاوم لدمشق quot;انتهى في مزبلة التاريخquot;، بالاضافة إلى التذكير quot;ببطولاتquot; الجيش السوري في لبنان، وquot;تصديهquot; للاجتياح الاسرائيلي العام 1982.

بهذا الكلام، لم يترك جنبلاط أمام رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حردان سوى التوجه إليه بصفته quot;الرفيق أبو تيمورquot;، مستعيدا نضالات الماضي المشترك وموجها quot;تحية تقدير باسم الحزبين لسورية، شعباً وجيشاً وقيادة، وعلى رأسها الرئيس الدكتور بشار الاسد، لوقوفها بجانب لبنان ومقاومته وشعبه وجيشه ومؤسساته ووحدته واستقرارهquot;. وأكد الرئيس السابق لـلحزب السوري القومي جبران عريجي لـ quot;إيلافquot; أن quot;تاريخ الحزبين، الاشتراكي والقومي، كان تاريخا طويلا من النضاال المشترك والمعارك المشتركة والشهداء المشتركينquot;، لافتًا إلى ان quot;ما جرى في صوفر كان استعادة لتاريخ نضالي يؤسس للمستقبلquot;، ومذكرًا بأن الخلاف مع الاشتراكيين لم يرتق يوما إلى مستوى الصدام أو إلى محاولة الالغاء. واشار إلى ان التباين السياسي لم يلغِ الحرص المشترك على لملمة ذيول اي حادث.

وميّز عريجي بين الخلاف مع الاشتراكيquot;وما حصل في مناطق أخرى خلال فترات التوتر، مثل مجزرة حلبا في الشمال التي ارتُكبت بدم باردquot;، لافتًا الى أن هذا الموضوع بيد القضاء quot;وننتظر أن يقول كلمته، وكلما استعجل القيام بدوره وتولي سلطته كلما أخذ هذا الموضوع اتجاها آخرquot;. وشدد على ان quot;القومي لم يبغِ أساسًا أن يكون على صدام مع أحد إلا القوى التي ترتبط بالعدو القومي وتحمل مشروعه وتحاول أن تنفذه في البلدquot;. وأكد عريجي ان التحالف ولى إلى غير رجعة بين رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع والنائب جنبلاط، خصوصًا بعدما quot;ادرك الجميعquot; انتماء جعجع إلى quot;مشروع متراجع ومنكفئ في المنطقة وواضحة تحالفاته الاقليمية والدوليةquot;.

في المقلب الآخر من المعادلة، يشير عضو الامانة العامة لقوى 14 آذار، النائب السابق الياس عطالله في حديث لـ quot;إيلاف إلى ان جنبلاط quot;انهى انتقاله من ضفة الى اخرى بكل ما للكلمة من معنىquot;، معتبرا انه بتصرفاته الاخيرة أحرج 14 آذار وأضعفها، بل هو طعنها في الظهر على غفلة من أمرهاquot;.ومن جهة اخرى يشير منسق الإعلام في quot;تيار المستقبلquot; راشد فايد في حديث إلى quot;إيلافquot; إلى ان ماجرى في صوفر لا يعد انقلابا لجنبلاط على تاريخه او حلفائه، بل ان quot;من الطبيعي جداquot; أن يكون هناك حوار بين كل القوى السياسية المتخاصمة في البلاد، والحق في الإختلاف يظل مقدسًا في ظل اي quot;ممارسة ديموقراطيةquot;.

وعند سؤاله عما إذا كان الحوار يعني العودة بجنبلاط إلى شعارات في مرحلة ولى عليها الزمن، من حيث التشديد على الدور السوري والاشادةquot;ببطولات جيشها في لبنانquot;، رأى فايد ان خطاب جنبلاط في صوفر حمل معاني تعبر عن العودة إلى الأصول بحسب الزعيم الدرزي، لكنه جزم في الوقت نفسه باستحالة عودة الامور إلى عهدها السابق، وبالتالي quot;لا وجود لتحالف استراتيجي بين جنبلاط من جهة، والحزب السوري القومي وبقية حلفاء سورية من جهة أخرىquot;.

وكانت مصالحة صوفر بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي جاءت على خلفية حادث إطلاق نار على يد الاشتراكي معين الأحمدية في 23 كانون الثاني( يناير) 2007، مما أدى إلى جرح اربعة قوميين كانوا يقطعون الطريق بالإطارات المشتعلة تلبية لدعوة المعارضة إلى الإضراب، ومن بينهم المسؤول عن منفذية منطقة عاليه في الحزب القومي حسام العسراوي. وتطوّر الحادث لاحقًا، على خلفية عدم ملاحقة الجاني واعتقاله، مما أدى إلى حادث آخر. وهذان الحادثان ليسا الوحيدين اللذين شهدتهما المنطقة بين الحزبين، بعد الاعتصام المفتوح أواخر عام 2006. فطبيعة الانتشار الجغرافي للحزب القومي في قرى قضاء عاليه أدت إلى العديد من الحوادث المتنقلة، وخصوصاً في 7 أيار( مايو) 2008، وكان quot;بعضquot; الاشتراكيين يجاهرون بأنهم لن ينسوا للقوميين تعاونهم مع quot;حزب اللهquot; في ذاك اليوم، وتحديداً في محور شملان - سوق الغرب، مما أبقى الطريق مفتوحاً بين بلدتي كيفون والقماطية الشيعيّتين.