رغم هدوء الاوضاع في لبنان مع تشكيل الحكومة الجديدة إلا أن نذير اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل لا زال قائمة خاصة إذا لم تتدخل الولايات المتحدة وأوروبا لتهدئة الأوضاع في المنطقة، وتعتقد صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن حزب الله لازال يمثل القوة المهيمنة على الصعيدين العسكري والسياسي في لبنان، كما أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة لم يعمل بشكل أو بآخر على إبعاد شبح الدخول في حرب أخرى ضد إسرائيل.

القاهرة: في تقرير لها تحت عنوان quot;لبنان، إسرائيل، وصراع الشرق الأوسطquot;، تقول صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن أجندة عمل كل من إسرائيل ولبنان باتت تحتوي على أولويات أكثر إلحاحا ً من الدخول في حرب ضد كليها الآخر، لكن المشاحنات التي تحدث بين الجانبين قد تتصاعد وتحرض على نشوب الحرب إذا لم تتدخل الولايات المتحدة وأوروبا في المسألة. وتشدد الصحيفة على ضرورة استمرار صناع القرار والساسة الغربيون في ايلاء الاهتمام بلبنان، تلك الدولة الصغيرة التي ظلت تشكل ساحة انطلاق للحروب بالوكالة في الشرق الأوسط، حتى مع هدوء الأوضاع بتشكيل الحكومة الجديدة.

وفي مستهل حديثها، تلفت الصحيفة إلى الدور البارز الذي يلعبه حزب الله في الشأن الداخلي اللبناني، فتقول إنه لازال يمثل القوة المهيمنة على الصعيدين العسكري والسياسي، وتشير إلى أن بيده مفتاح الاستقرار الداخلي والخارجي بلبنان. وتؤكد في ذات السياق على أن حكومة الحريري لن تحظى بتأثير على قوات حزب الله وأسلحته المتراكمة بامتداد حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل ndash; التي تعتبر المنطقة الحدودية الأكثر تقلبا ً في الشرق الأوسط اليوم. وتقول الصحيفة إنه إذا ما تجدد الصراع على الحدود، فإنه سيكون نكسة كارثية بالنسبة للاستقرار في المنطقة. وبالتالي يتوجب على أوروبا وأميركا أن يتدخلا للعب دورا ً من شأنه أن يحول دون وقوع ذلك.

تمضي الصحيفة بعدها لتؤكد على أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة لم يعمل بشكل أو بآخر على إبعاد شبح الدخول في حرب أخرى ضد إسرائيل. وترى أن المشكلة تكمن هنا في أن حزب الله يقوم باتخاذ قرارات من الممكن أن تؤدي لنشوب الحرب دون الرجوع للدولة اللبنانية، وذلك في الوقت الذي سبق وأن هدد فيه نيتنياهو بتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية الأعمال المسلحة التي تقع من الجانب اللبناني. وهو الأمر الذي رأت الصحيفة أنه سيضع سعد الحريري في موقف صعب، كما سيجعله أكثر اعتمادا ً على ادراة أوباما بغية الإبقاء على إسرائيل في وضعية حرجة.

لا مصلحة مباشرة لكليهما في بدء الحرب

تلفت الصحيفة إلى الحقيقة التي تقول إن إسرائيل منشغلة أكثر بإيران عن حزب الله، رغم أنه إذا ما قامت إسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، فمن المحتمل أن يكون لحزب الله دورا ً في ردّ إيران الانتقامي. بينما ينصب اهتمام حزب الله الآن بالشأن السياسي الداخلي ولا يتحمل أن يُنظر إليه باعتباره محرضا ً على الدخول في حرب أخرى مع إسرائيل. وترى الصحيفة أن خطر الضجيج والحشد العسكري يكمن في أن الحوادث التي تقع على الحدود بصورة محدودة قد تخرج عن نطاق السيطرة. وتشير هنا إلى حادثتين وقعتا خلال الأشهر الأخيرة، هما حادثة إطلاق الصواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان، وهذين الانفجارين الذين وقعا بمخابيء للأسلحة.

وفي هذا الإطار، تقول الصحيفة إنه وطبقا ً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي أنهى حرب عام 2006، فمن المفترض أن تتدخل قوات الأمم المتحدة كي تعترض سبيل شحنات الأسلحة غير المشروعة وتشن غارات على مواقع تخزين الأسلحة في جنوب نهر الليطاني، لكنها لا تقوم بذلك إلا فيما ندر. وفي الوقت الذي يواصل فيه حزب الله تكديس الأسلحة، قامت إسرائيل أيضا ً بخرق القرار رقم 1701 بالسماح مرارا ً وتكرارا ً لطائراتها بخرق الأجواء اللبنانية، وبزرعها أجهزة للمراقبة على الأراضي اللبنانية.

ماذا الآن ؟

في الوقت الذي أبدا فيه حزب الله استعداده للتكيف والتطور من الناحية السياسية، إلا أنه من غير المرجح أن تتخلى الحركة عن أسلحتها ndash; أو عن فكرة المقاومة الدائمة ndash; من دون التوصل لتسوية سياسية بين الغرب وراعي حزب الله الرئيسي، إيران. وترى الصحيفة في محور آخر أن بإمكان إدارة أوباما أن تساعد في الحيلولة دون نشوب حرب جديدة بإبقاء تركيزها مستمر على لبنان، ومواصلتها في تقديم الدعم لحكومة الحريري، والمساعدة في تقوية المؤسسات الحكومية مثل الجيش اللبناني. لكن الصحيفة تشدد في هذا السياق على ضرورة أن يتواصل المسؤولون الأميركيون في الأخير مع حزب الله، الذي تعتبره الخارجية الأميركية تنظيما ً إرهابيا ً. وتقول إن بإمكان واشنطن البدء في ذلك عبر قنوات اتصال غير مباشرة من خلال فرنسا وغيرها من الدول الغربية التي تفتح خطوط اتصال دائمة مع الحزب الشيعي.