توصلت دراسة جديدة تناولت طفرة وراثية نادرة تحمي الأشخاص ضد مرض الزهايمر الى أقوى دليل حتى الآن على ان المستويات المرتفعة بافراط لمادة طبيعية في الدماغ تُسمى بيتا اميلويد هي القوة المحركة وراء المرض. ويعزز ذلك الآمال بأن العقاقير المضادة لهذه المادة التي يجري تطويرها حاليا قد تغير مسار المرض أو حتى توفر وقاية منه.

لم تتكلل العقاقير المضادة لمرض الزهايمربالنجاح حتى الآن. ولكن علماء لا علاقة لهم بالدراسة الجديدة قالوا انها تشير الى ان رهان شركات الأدوية الكبير على العلاجات المضادة لمادة اميلويد يمكن ان يسفر عن نتيجة ايجابية.وقال الدكتور ديفيد التشولر الخبير بدراسة الجينومات في كلية الطب بجامعة هارفرد ان دلالات تطوير مثل هذه العلاجات quot;ذات اهمية هائلةquot;.
واعتبر الدكتور صامويل غاندي مدير مركز ماونت سايناي للصحة المعرفية ان ما توصل اليه الباحثون أهم انجاز في هذا المجال منذ عشرين عاما حين اكتشف العلماء لأول مرة طفرة تؤدي الى المرض. وتعتبر الطفرة الوقائية التي نُقل اكتشافها على الانترنت في مجلة نيتشر العلمية نادرة للغاية. فهي ليست السبب في ان غالبية الأشخاص لا يصابون بمرض الزهايمر ولكن ما يحير الباحثين هو كيف تعمل على حماية الدماغ.
وتؤدي الطفرات التي تسبب مرض الزهايمر الى كميات مفرطة من مادة بيتا اميلويد في الدماغ. وعلى النقيض من ذلك فان الطفرة الوقائية تؤخر انتاج بيتا اميلويد.ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الدكتور التشولر ان الدراسة الجديدة تقدم دليلا قويا على ان ذلك سينفع عامة الناس إذا طُبق بصورة صحيحة. واتفق علماء في شركات الأدوية مع هذا الرأي.
وقال الدكتور ريتشارد موهز وهو من كبار الأطباء في العلوم العصبية ، ان نتائج الدراسة تبين انه رغم الفشل الأولي فان استراتيجية التركيز على العقاقير لخفض مستويات بيتا اميلويد quot;طريق منطقي لتطوير علاجات فاعلة يمكن ان تُبطئ تقدم المرضquot;. وتبقى أسئلة كثيرة ماثلة بطبيعة الحال. فان غالبية الأشخاص ليس لديهم الطفرة الجينية الوقائية ولكن غالبية الأشخاص لا يُصابون بمرض الزهايمر رغم انه من الأمراض الشائعة.
وتحقق اكتشاف الطفرة الوراثية الوقائية عندما فحص الباحثون إشعاعيا كامل الحمض النووي لـ 1795 ايسلنديا. وكانت لدى ما يقرب من 1 بين كل 100 شخص طفرة في الجين الخاص ببروتين كبير يتقطع لتكوين مادة بيتا اميلويد. ثم درس الباحثون اشخاصا مصابين بمرض الزهايمر ومجموعة من الأشخاص في سن 85 عاما وأكثر. وبدا ان مَنْ لديهم الطفرة الجينية محميون من المرض.
ويشكل الاكتشاف فصلا من قصة مستمرة تذهب الى ان مادة بيتا اميلويد هي اللاعب المركزي والأساسي في هذا المرض المدمر للدماغ. وبدأت الفكرة قبل عقدين مع اكتشاف طفرات جينية نادرة للغاية دائما تسبب الزهايمر في مَنْ يرثونها ، وعادة في متوسط العمر. وكانت الطفرات مختلفة في الأسر المختلفة لكنها كلها كانت لها نتيجة واحدة هي ازدياد كمية بيتا اميلويد في الدماغ. ويعني هذا ان تراكم مادة اميلويد كان كافيا للتسبب في المرض.
وكانت لدى كبار السن المصابين بالزهايمر الذين ليست لديهم عادة هذه الطفرات الجينية ، كمية مفرطة من اميلويد في الدماغ. وخلص الباحثون الى ان هذا قد يعني ان وجود الأميلويد الزائد كان يسبب المرض فيهم ايضا.
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الى اكتشاف أدلة اضافية على دور مادة بيتا اميلويد في مرض الزهايمر نُشرت في مجلة نيو انغلاند الطبية. واكتشف الباحثون ان الأشخاص الذين لديهم واحدة من الطفرات المسببة لمرض الزهايمر يبدأون بانتاج بيتا اميلويد بكميات كبيرة قبل 20 عاما على ظهور اعراض المرض عليهم.
ويقدم اكتشاف الطفرة الجينية الوقائية مفاتيح قوية للاجابة عن السؤال المتمثل في ما إذا كانت مادة اميلويد حقا هي التي تسبب الزهايمر في كبار السن. فان الأشخاص الذين لديهم الطفرة ينتجون كمية اقل بكثير من بيتا اميلويد وما عدا ذلك لا يختلفون عن أي شخص آخر ، ولا يُصابون بالزهايمر. وتركز الاستراتيجية الحالية على استخدام فحوص الدماغ الإشعاعية الحديثة وغيرها من الطرق لإيجاد علاج للأشخاص قبل ظهور اعراض التدهور الذهني عليهم. وشدد الباحث راين واتس الذي شارك في الدراسة الجديدة على ضرور البدء بالعلاج في وقت مبكر ليكون مجديا.