يحاول العراقيون قدر الإمكان استعادة بعض ما افتقدوه من فولكلور وتقاليد رمضانية انقطعوا عنها لسنوات بسبب الحروب والفوضى الأمنية .


رغم ان الكثير من العراقيين يستعيدون ذاتهم في رمضان من جديد عبر محاولة إحياء الكثير من العادات والتقاليد التي انقطعوا عنها لسنين بسبب الفوضى الأمنية التي ما زالت تتجسد عبر السيارات المفخخة في كل رمضان منذ عام 2003 الا أن هذه المحاولات تصطدم أيضا بتبدل المجتمع نفسه بسبب الانفتاح الاقتصادي والإعلامي الذي سلب (رمضان) صبغته المحلية العراقية وجعله شهرا مثل باقي الشهور لدى كثيرين. ويعتقد أحمد عبيد ( معلم ) أنه يتوجب اليوم الكثير لنفعله لاستعادة رمضان الذي نعرفه ، رغم الحذر الكبير لدى كثيرين من الفوضى الامنية التي يخرج مردها فجأة بين الحين والآخر لاسيما في الشهر الفضيل . لكن كل فعالية يشرع بها العراقي يشوبها الحذر بسبب أعمال التفجير لاسيما السيارات المخففة التي لم تنقطع من عام 2003 الى حد الآن .

إحياء الفولكلور

ويرى احمد النجفي ان من الضروري إحياء الفولكلور الرمضاني بعدما حصل شبه انقطاع بين الجيل القديم والجديد . ويعترف ان ليالي رمضان في الماضي أكثر حميمية مما هي عليه الآن لأسباب كثيرة . ويقول: أبذل ما بوسعي لاستعادة جزء من هذا المجد الغابر عن طريق تذكير الشباب بالكثير من الممارسات الإيجابية التي كان الناس يحرصون عليها في رمضان لاسيما أعمال الخير .

ويرى النجفي ان التقنيات الحديثة جعلت من ليالي رمضان أقل نكهة ، ويتابع: أغلب أبنائي بعد الفطور يذهبون في اتجاهات مختلفة ، فيقضون الليل مع الأصدقاء في المقاهي ، أو يجلسون خلف الحاسوب لساعات طويلة . الجانب السلبي في فعاليات رمضان في الوقت الحاضر هو عزوف الاسر عن اللقاءات بسبب زحمة العمل وعدم توفر الوقت اضافة الى ازدحام التلفزيون بالقنوات الفضائية . وفي المدن التي توجد فيها المراقد المقدسة فان الكثير من الناس تفضل قضاء ليالي رمضان في تلك المراقد ، حيث يبقى الناس لساعات متأخرة من الليل .

وتكمل ام مروة حديث رمضان متألمة : تندر في الوقت الحاضر الزيارات بين الأقارب والجيران ، ولم تعد هناك دعوات إفطار متبادلة مثل السابق . و تتساءل : أين هي الألفة والمحبة بين العوائل ، وهل كان هذا بسبب الحروب ام نتيجة للانفتاح غير المتزن على العالم .

وتعتقد ام مروة ان رمضان صار عادة إجتماعية اكثر من مناسبة دينية ، وبدأ الناس يتصرفون خلاله وكأنه شهر للمتعة والليالي الحمراء ربما . وتتألم لانحسار فعاليات رمضان في البيوت ذاتها فتجد ان الجميع يصوم رمضان شكلا وينشغل بأمور أخرى قالبا . وتتابع : تتآكل صورة رمضان التقليدية مع مرور الوقت ، ومن أمثلة ذلك انحسار صنع الحلويات والمعجنات ، الى جانب انحسار جلسات السمر بين الاسر والجيران .

رمضان آخر

ومن الظواهر الملفتة للانتباه في رمضان هذا العام ، انحسار الكثير من الفعاليات الاجتماعية الرمضانية مثل لعبة (المحيبس) الفولكلورية لتحل محلها ألعاب رقمية جديدة ، فلم تعد هذه اللعبة الشعبية تمارس في الأحياء والمقاهي الشعبية ، ولم تعد محلات بغداد القديمة مثل الكاظمية والأعظمية والجعيفر والرحمانية تصطبغ بالحلة الرمضانية الخاصة. ويفسر الشاب حيدر المؤمن من بغداد ذلك الى شيوع مقاهي النت ، اذ يلجأ الشباب اليها بعد الإفطار لساعات ، وكذلك ازدهار الكازينوات التي تقدم المشروبات و النارجيلة . وأسهمت القنوات الفضائية في انحسار التواصل بين الاسر حتى في الأحياء والبيوت نفسها .

ويقول الشاب تحسين علي إنه بعد الإفطار يقضي نحو ثلاث ساعات في كازينو قريب ، مدخنا النارجيلة وممارسا الألعاب . وتتميز مدن العراق لاسيما المقدسة منها بتواجد المساجد التي تتحول ساحاتها الى اجتماعات للصائمين . كما تتميز بانتشار المطاعم والتي تقدم أنواع الطعام العراقي. وفي الأماكن المزدحمة تنصب مواقد تحضير القهوة والشاي الى جانب تهيئة النرجيلة .

لكن محمد الطائي ( 70 سنة ) يتأسف لغياب الفولكلور في الفعاليات فقد اتت التقنيات الحديثة على كل ما هو اصيل ، من ضمنها المقاهي وانواع المشروبات ، و اختفاء فعاليات اجتماعية كانت تمارس حصرا في رمضان ، لتحل محلها العابا اخرى مثل البليارد والبلاي ستيشن وقاعات الالعاب ، ما حول رمضان الى فرصة للمتعة فقط ، تتجسد عبر الكثير من أجهزة الألعاب وأقراص الألعاب والحواسيب التي بدأت تنتشر في كل بيت.