لا تعتبر العدوانية حسب المختصين النفسيين أمرا غير طبيعيا أو سلبيا لان كل إنسان يلد ولديه استعدادات محددة للتصرف بشكل اندفاعي يصل أحيانا إلى العدوانية باعتبار أن هذا الأمر هوأحد أشكال ردود الفعل الأساسية للإنسان ولهذا ليس من الضروري الافتراض بان الأمر عبارة عن أول مظاهر بدء المشاكل النفسية.


براغ : يختلف الإنسان عن الحيوان في العديد من الأمور ومنها موضوع مقدرته على التحكم بغرائزه وتوجيهها ولذلك فان البشرية بشكل عام توجه النزعة العدوانية إلى أشكال مقبولة اجتماعيا من خلال ممارسة الرياضة مثلا ، غير انه توجد لدى الأطفال الصغار العديد من العوامل التي تساعد على تطور العدوانية لديهم لكن بالمقابل يمكن التأثير على ذلك من خلال التربية .

ماذا تعني العدوانية لدى الأطفال ؟

يوصي الأطباء النفسيون التشيك بالتعامل مع الأطفال الصغار كما لو انه يتم تعليمهم كل شيء أي ليس فقط تعليمهم المقدرة على تناول طعامهم بأنفسهم أو غسيل أيديهم وإنما أيضا التحكم بمشاعرهم.
ويشيرون إلى أن الأطفال الصغار تكون لديهم المقدرة محدودة للتواصل مع الوسط المحيط بهم وفي الكثير من الأحيان لا يستطيعون التعبير عما يريدونه ولهذا يركزون بشكل رئيسي على أنفسهم ولا يتقنون فهم مشاعر الآخرين وعلى أساس ذلك فإنهم يعبرون عن العدوانية بالشكل البدني في الأغلب.

ويلاحظ الأطفال بشكل مكثف أي تغييرات تحدث من حولهم الأمر الذي يمكن أن يكون احد الأسباب لزيادة العدوانية في تصرفاتهم غير أن الأطفال الصغار ينتمون إلى أعمار يدركون فيها مدى تبعيتهم للآخرين ولذلك يحاولون التأكد من المدى المسموح لهم. ويعبر الطفل عن مشاعره بشكل اندفاعي ليس فقط عن طريق الصراخ والبكاء وإنما أحيانا عن طريق الرفس والعض والضرب عندما يكون في حالة جوع وتعب وملل ويعاني من قلة الحركة ولديه فائض من الطاقة أو نتيجة لفقدان لعبته المفضلة وفي حالات عديدة أخرى .

ما الذي يتوجب تجنبه عند ظهور العدوانية

يتوجب على الأهل وفق الأطباء النفسين التشيك عند ظهور العدوانية لدى الأطفال الصغار تبني موقف واضح لان هدف الأهل يجب أن لا يكون قمع العدوانية تماما لأنها ظاهرة طبيعية لديها مكانها في عملية تطور الطفل وإنما يتوجب توجيه هذه العدوانية وتعليم الأطفال السيطرة عليها والتعبير عنها بطريقة مناسبة. ويضيفون انه في اللحظات العادية التي يتصرف فيها الطفل بشكل عدواني مثل إلحاق الأذى بالأطفال الآخرين في الملعب أو اخذ ألعاب الآخرين أو الغضب عندما لا يحصل على ما يريده وغيرها من الأوضاع فانه لا تنفع كثيرا المعاقبة البدنية الفورية ولا محاسبته بصوت مرتفع أو تقديم شرح معقد له عن سبب فعله ذلك وما الذي يتوجب عليه أن لا يفعله. ونبه المختصون النفسيون إلى أن العقاب البدني يعلم الطفل بان التصرف العنيف هو أمر طبيعي وصحيح أما المحاضرة التربوية الطويلة له فلا تحقق مبتغاها لان العدد الكبير من الأطفال الصغار في هذا العمر لا يفهم محتوى هذه المحاضرة وبالتالي لا يفهم مغزاها .

التصرف الصحيح

يعترف المختصون النفسيون بان القيام بالتصرف الصحيح أمام هذا الوضع ليس سهلا غير أن من الأمور العقلانية في هذا الأمر التزام الهدوء وعدم ضرب الطفل أو تأنيبه لأنه يتوجب على الأهل أن يعرفوا أن الأطفال في هذا العمر المبكر يتعلمون التقليد وبالتالي فان هذا الشكل من محاولات التصحيح لا يغير سلوكه. ويؤكدون انه كي يستطيع الطفل الصغير تعلم السيطرة على غضبه يتوجب عليه أن يرى ذلك لدى أهله مشيرين إلى انه في حال عدم تصرف الطفل الصغير بشكل حسن تجاه الأطفال الآخرين في ملعب الأطفال فعلى الأهل أخذه بعيدا عن الملعب وان يتم الشرح له بهدوء بان ما قام به ليس صحيحا تجاه الأطفال الآخرين.

ويضيفون أن الأطفال في أغلب الأحيان في ظل هذه الأوضاع يهدئون ويمكن لهم العودة بين الأطفال للعب معهم أما في حال تكرار الوضع فان العقاب الأكثر منفعة وتأثيرا يمكن أن يتم من خلال إخراجه فورا من بين الأطفال وأخذه إلى المنزل لأنه في هذه الحالة يتم إعطاءه انطباع بأنه لن يتمكن من اللعب مع الأطفال لأنه يلحق الضرر بهم .

الوقاية من عدوانية الأطفال

يلعب التلفزيون وألعاب الكومبيوتر في الفترة الأخيرة وبشكل متزايد دورا سلبيا في تنامي العدوانية لدى الأطفال الصفار خاصة وان بعض البرامج والأفلام الغير مناسبة للأطفال يمكن مشاهدتها خلال انهار وبالتالي يمكن للأطفال التقاط بعض الأشياء منها أما في سن ما قبل الدخول إلى المدرسة فان ألعاب الكومبيوتر تعتبر مشكلة كبيرة لان تأثيرها على نفسية الأطفال وفق المختصين يعتبر سلبيا.ويوصي المختصون النفسيون التشيك في كلا الحالتين بتواجد الأطفال إلى جانب أولادهم لأنه يمكن لهم في أي وضع يجري على الشاشة أن يقدموا الشرح الصحيح لأطفالهم عما يشاهدونه ، كما انه ليس من المناسب ترك الأطفال الصغار أمام شاشة التلفزيون أو الأطفال الأكبر عمرا أمام شاشة الكومبيوتر لأوقات طويلة لوحدهم .

ويمكن أن يقود إلى حدوث العدوانية لدى الأطفال قلة الحركة والاعتياد على عدم النشاط الذي يعتبر أمرا غير طبيعيا بالنسبة للأطفال الصفار ولهذا يعتبر من الأمور الجيدة إيلاء الأهل الاهتمام الكافي بهذا الأمر وعدم توجيه الأطفال بشكل مبالغ فيه إلى تسلية أنفسهم نفسه بنفسه. ويوصون أيضا الأهل بان يكيلون الثناء والمديح بين الفترة والأخرى للأطفال على قيامهم بتصرفات حسنة لان ذلك يجعل الأطفال يحسون بشكل أفضل وفي نفس الوقت يشعرون بوجود اهتمام من قبل الأهل بهم.

ويؤكدون انه من المناسب أيضا أن ينتبه الأهل لتصرفاتهم لأنه حين يسود الهدوء والانسجام في العائلة فان ذلك يجعل الأطفال بوضع نفسي جيد ويمكن الكشف عن سبب ظهور العنف لديهم والعمل على حله أما حين يكون الطفل شاهدا على المشادات والخصامات بين الأهل فان ذلك يجعله متوترا وبالتالي يزداد ميله نحو العدوانية .