الكويت: أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن ارتباط مصر بمحيطها الخليجي ارتباط قوي ووثيق، وأن التعاون بينهما يمثل أرضية مناسبة لدعم العمل العربي المشترك.
وقال الرئيس السيسي - في حديث لوكالة الانباء الكويتية كونا - "إن مصر تسعى إلى تجنيب المنطقة المزيد من التصعيد والقلاقل، وتريد أن تستقر الأوضاع في المنطقة العربية، وأن تحافظ كل دولة على قوامها الجغرافي والسكاني حتى تستطيع النهوض من جديد".. مشددا على أن أمن منطقة الخليج هو خط أحمر لا ينفصل عن الأمن القومي لمصر.
وحول العلاقات المصرية الكويتية، أكد السيسي أن العلاقات بين البلدين تاريخية وطيدة، وستظل علامة مضيئة للتعاون العربي، منوهًا بأن لقاءه مع أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح خلال حفل تنصيبه في القاهرة سادته أجواء من الاخوة الحقيقية والتفاهم والحرص المشترك على دعم العلاقات الثنائية وتطويرها. وأعرب الرئيس المصري عن تطلعه إلى زيارة الكويت للالتقاء بسمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والتباحث بشأن مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي وتعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين.
ردا على سؤال حول ما إذا كانت مصر عادت بكامل قوتها إلى العالم، أكد السيسي أن مصر تتعافى وتستعيد مكانتها الإقليمية الرائدة ودورها الفاعل، وعلى الرغم مما تمر به من ظروف اقتصادية وأمنية ترتبط بمكافحة الإرهاب، فإنها تواصل الحركة على كل الأصعدة والمحاور داخليًا وإقليميًا ودوليًا، واستطاعت أن تتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة حقنا لدماء أبناء الشعب الفلسطيني ونجحت في إقرار الهدنة.
وبشأن مواقف الدول الغربية من مصر، قال الرئيس المصري "إن مواقف تلك الدول شهدت تطورًا إيجابيًا مقارنة بما كانت عليه عقب 30 يونيو، وذلك بعدما اتضحت الصورة أكثر.. وأدركت حقيقة ما شهدته مصر من تغيرات تعكس الإرادة الحرة للشعب المصري، وقد تجلى ذلك في عدد من الإجراءات التي اتخذتها تلك الدول، ومن بينها: رفع حظر السفر إلى المقاصد السياحية المصرية واستئناف مختلف أوجه التعاون بينها وبين مصر، فضلا عن الزيارات المتبادلة واللقاءات بين مصر وهذه الدول، سواء على مستوى القمة أو على المستوى الوزاري.
وأكد الرئيس السيسي حرص مصر على أن تقيم علاقاتها الخارجية على أسس من الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. وعن زيارته لروسيا مرتين قال "إن روسيا قوة دولية مهمة تجمعها بمصر علاقات تاريخية نحرص على تنميتها وتطويرها في كل المجالات.. ومن هنا جاء الاهتمام بإجراء هاتين الزيارتين.. ولكل منهما ظروفها المختلفة".. مضيفا أن الزيارتين أثمرتا العديد من النتائج المهمة على الصعيد الثنائي في كل المجالات السياسية والاقتصادية بما يصب في مصلحة العلاقات المصرية - الروسية ومن ثم العلاقات الروسية - العربية.
وحول رؤيته للأوضاع في العراق واليمن، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن ما شهده العراق جاء كنتيجة طبيعية للظروف الصعبة التي مر بها خلال السنوات الماضية وعزز من تدهور الأوضاع الإقليمية الصعبة التي تمر بها المنطقة، فقد اتجهت الأمور إلى تدمير بنية الدولة العراقية، إلى أن وصلت إلى درجة الهشاشة، وبدأ بعد ذلك تفريخ هذه البؤر الإرهابية التي تستهدف تدمير المنطقة بأسرها.
وعن اليمن، قال السيسي "إن ما حدث كان سلسلة من الأخطاء.. سواء في الحسابات أو التقدير لطبيعة الأحداث والتطورات التي تقع في المنطقة ومنها ما حدث في سوريا على وجه التحديد.. ولكنني أعوّل على أن معظم أبناء الشعب اليمني لم ولن يقبل بتغيير هويته الثقافية مهما كانت الضغوط شديدة والتدخلات الخارجية قوية لدعم الجماعة التي تتحرك الآن لتفرض واقعا جديدا على اليمن لا يناسبه".
وردا على سؤال بشأن مواقف الدول العربية من سوريا، أعرب الرئيس المصري عن اعتقاده بأن المواقف المبدئية للعديد من الدول العربية إزاء أزمة سوريا متفقة إلى حد كبير وتتعلق بضرورة الحفاظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية وحمايتها من التفتت والحفاظ على وحدة شعبها وصون مقدراته.. "هذا هو الهدف والغاية.. وما دامت الغاية واحدة فإنه يمكن الاتفاق بشأن وسيلة تحقيقها، كما أعرب عن اعتقاده بأن تمدد المجموعات التكفيرية واستفحال خطرها وسعيها الى التوسع في كل من سوريا والعراق كفيل بأن يقرب وجهات النظر إزاء الوسائل التي يتعيّن اعتمادها لتسوية هذه الأزمة، والتي من الأفضل أن تكون وسائل سياسية عبر الحوار".
وبشأن مستقبل العلاقات العربية مع إيران، قال السيسي "إن أي علاقة بين طرفين لا يمكن أن تصاغ أو أن يتم تطويرها في اتجاه ما من جانب واحد، ويتعين أن تتوافر لهذه العلاقة مجموعة من العوامل التي تمنحها القدرة على النمو والاستمرار والازدهار، ويأتي في مقدمتها توافر الارادة السياسية".
وفي ما يخص القضية الفلسطينية، أكد الرئيس المصري أنها قضية العرب المحورية وستظل محتفظة بمكانتها التقليدية في صدارة السياسة الخارجية المصرية، ومن ثم فإن ما تجابهه مصر من ظروف داخلية وما تواجهه من أوضاع إقليمية، لم يثنها عن حقن دماء الأشقاء في فلسطين، وبالتالي فإن مكانة القضية نفسها لم تتغير.
وأشار إلى أن مصر طرحت مبادرة لوقف العدوان الأخير على غزة واحتضنت جهود تقريب المواقف، والتي أسفرت عن وقف العمليات العسكرية التي تعرض خلالها الشعب الفلسطيني لمحنة إنسانية قاسية، واستكملت مصر جهودها بتنظيم مؤتمر إعادة إعمار غزة، الذي كلل بالنجاح، وتم توفير 5.4 مليار دولار لمصلحة جهود إعادة الإعمار.
وحول أزمة سد النهضة، قال السيسي "إن التفاؤل مطلوب دائما لتسوية أية مشكلات أو موضوعات خلافية، لاسيما إذا كانت بين الدول الشقيقة والصديقة، ومما لا شك فيه أن هذا الشعور بالتفاؤل يغذيه صدق النوايا والرغبة في العمل المشترك، وهو ما تم الاتفاق عليه مع رئيس الوزراء الإثيوبي أثناء القمة الإفريقية، التي عقدت في مالابو في أواخر حزيران/يونيو الماضي.
&
وردا على سؤال بشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الدعوة إلى أبناء الشعب المصري كافة إلى التدقيق وحسن الاختيار آخذا في الاعتبار الأعباء الملقاة على عاتق البرلمان المقبل في شقي الرقابة والتشريع، فضلا عن الصلاحيات الموسعة التي يتمتع بها البرلمان في ضوء مواد الدستور الجديد.. كما وجه الدعوة أيضا إلى الأحزاب السياسية المصرية للدفع بالشباب إلى الصفوف الأمامية لإعداد الصف الثاني من الكوادر السياسية وضخ دماء جديدة في شرايين مجلس النواب المقبل.
وبشأن بعض المظاهرات التي تشهدها مصر، قال السيسي "إن تلك المظاهرات لا تمثل الغالبية العظمى من المصريين".. مؤكدا أن الشعب المصري واع لمثل هذه المحاولات ولن يستجيب لها.
وحول رؤيته لمكافحة ظاهرة الارهاب، أضاف الرئيس المصري "إن رؤية بلاده لمكافحة الإرهاب رؤية شاملة" تؤكد على أهمية البعد التنموي بشقيه الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب الجهود الأمنية والمواجهة العسكرية بغية القضاء على الأسباب الأساسية التي تمثل بيئة خصبة لاستقطاب بعض العناصر المحبطة، ولاسيما من الشباب.. مؤكدا أهمية تصويب الخطاب الديني، وذلك لتصحيح صورة الإسلام وعرض حقائقه بسماحتها واعتدالها.
وفي ما يخص الاوضاع الاقتصادية التي تعانيها مصر منذ ثورة 25 يناير، قال الرئيس المصري "لقد تراكمت مشكلات اقتصادية على مدار عقود طويلة، وترافقت معها زيادة سكانية متنامية بمعدلات مرتفعة، ولكن هذه المشكلات لن تثنينا عن مواصلة خطط التنمية الشاملة في مصر، ولذلك فلقد توجهنا في مصر نحو المشروعات الاقتصادية العملاقة التي من شأنها إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري، ويأتي في مقدمتها مشروع حفر قناة السويس الجديدة".
وأضاف "إن مشروع قناة السويس الجديدة سيؤدي إلى سهولة الحركة الملاحية في القناة لقوافل السفن القادمة من شمال وجنوب القناة، وسيخفض ساعات الانتظار بشكل كبير وهو الأمر الذي من شأنه اختصار وقت ملاحة السفن وإيصال البضائع".
وأوضح أنه من المقرر أن يتم الانتهاء من حفر القناة الجديدة خلال عام واحد، ومن ثم فإن إيرادات القناة ستزداد بواقع 4.7 مليار دولار تضاف إلى خمسة مليارات دولار هي الإيرادات المقدرة للقناة عن عام 2014، مشيرا الى أن هذه الزيادة مرشحة للارتفاع حال اكتمال مشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة، وما سيتضمنه من مشروعات صناعية وخدمية في منطقة القناة.
وأشار السيسي إلى أنه سيتم إنشاء مركز لوجيستي عالمي لتخزين وتداول وتجارة الحبوب والغلال في ميناء دمياط، ويعد الأول في سلسة من مشروعات مماثلة سيتم تنفيذها، كما تستهدف الدولة استصلاح مليون فدان كمرحلة أولى من خطة التنمية الزراعية، كما نوه بأن مشروع الظهير الصحراوي أو (ممر التنمية) يعد أحد المشروعات الاستراتيجية التي تهتم بمستقبل مصر وتوفر توسعا جغرافيا وتمددا للوادي الضيق بما يستوعب النمو السكاني الطبيعي المتزايد في مصر. وأوضح أن التشريعات الاستثمارية المصرية كانت في حاجة ماسة إلى التعديل للتيسير على المستثمرين والمساهمة في جذب المزيد من الاستثمارات.
&
التعليقات