يميل سكان بادالونا، إحدى ضواحي برشلونة الصناعية، أكثر فأكثر نحو رفض الانفصال عن إسبانيا، إذ رفض الكثير منهم المشاركة في التصويت في الاستفتاء الرمزي الذي نظمّ الأحد الماضي، في& وقت لوّحت شركات كبرى بسحب مشاريعها وإغلاق مصانعها من بادالونا في حال تحول الاستقلال واقعًا.
برشلونة: يقطن لويس غيفارا في بادالونا، ضاحية برشلونة الصناعية، حيث يشتد قلق الكاتالانيين الراغبين في البقاء في إسبانيا أمام تصاعد حمى الاستقلال. "بالتأكيد أنا قلق"، قال الرجل (53 سنة)، الذي يملك شركة صغيرة يكافح من أجل إنقاذها في إسبانيا، الخارجة بالكاد من الأزمة الاقتصادية العنيفة، التي بدأت في 2008. أضاف متذمّرًا إن "مسألة الاستقلال هذه باتت طاغية منذ سنوات، ويبدو أنها ستظل مركزية، وبينما يدور الحديث حولها لم يعد أحد يهتم بتنافسية الاقتصاد أو جلب الاستثمارات".
لم يشارك لويس غيفارا في الاقتراع الرمزي حول الاستقلال، الذي نظم الأحد في كاتالونيا، وهو تصويت أصرّت عليه الحكومة، رغم قرار المحكمة الدستورية تعليقه بناء على طعن مدريد فيه، وامتنع مثله أربعة ملايين شخص عن الاقتراع.
انقسام آراء
من جانب آخر، أفاد استطلاع نشرته صحيفة الباييس (يسار وسط) في مطلع تشرين الأول/أكتوبر أن نصف الكاتالانيين تقريبًا، أي 47%، سيصوّتون على بقاء كاتالونيا في إسبانيا "لكن مع صلاحيات جديدة متينة واستثنائية" في بلاد هي أصلًا ذات لامركزية كبيرة، إذا توافر "طريق ثالث" في الاستفتاء، فضلًا عن الاستقلال أو البقاء على الوضع الراهن، ويريد 16% منهم البقاء، في حين يريد 29% الاستقلال.
وتعتبر بلدية بادالونا، التي يديرها الحزب الشعبي (اليمين الحاكم)، وحيث يقيم لويس غيفارا، من البلديات القلائل في كاتالونيا، التي رفضت الدخول في لعبة "عملية التشارك" التي نظمتها الحكومة الكاتالانية برئاسة القومي المحافظ أرتور ماس.
كذلك قال أدريان ريسيو مرتينيز المهندس العاطل عن العمل إن الانفصال "ليس مفيدًا بالنسبة إلينا". وأضاف "هناك شركات تقول من الآن إنها سترحل إذا انفصلت كاتالونيا عن إسبانيا، وستسرع في الرحيل إذا استمر ماس في التركيز على هذا الموضوع".
لوّحت مجموعة "بلانيتا"، وهي أكبر المجموعات العالمية المتخصصة في النشر في إسبانيا، حيث تشغَّل عشرة آلاف عامل، لوّحت بهذا التهديد، رغم أن كاتالونيا أغنى الأقاليم الإسبانية السبعة عشر مع مدريد، وتساهم بنحو عشرين في المئة في إجمالي الناتج الداخلي.
نعم أو نعم!
وما زالت آثار الحملة الانتخابية واضحة في المدينة عبر الملصقات، التي كتب عليها "نعم أو نعم"، شعار الحملة في هذا التصويت الرمزي، الرامي إلى استطلاع آراء الكاتالانيين، والذي في النهاية جلب خصوصًا الناخبين الراغبين في الاستقلال. وتعد المنشورات الدعائية ببلد "أفضل" يتمتع بمزيد من فرص العمل للشبان وأقل فسادًا.
وقالت البائعة ماريا أكوستا (34 سنة) الجالسة في حديقة عامة تتابع ابنتها، وعمرها خمس سنوات وهي تلهو، "إنهم يعدون ببلاد جديدة تتوافر فيها فرص عمل للجميع وخدمات عامة رائعة، لكنني أتساءل هل ذلك صحيح، ربما سيكون هناك فساد أيضًا" مع المزيد من النفوذ للنواب الإقليميين. انتقلت ماريا أكوستا من مدريد إلى بادالونا قبل ست سنوات، وتخشى أن يكون مستقبل ابنتها أقل سعادة إذا استمرت كاتالونيا في نزعتها الانفصالية.
طلاق بالتراضي
على غرار لويس غيفارا، تعتقد أن تصويت الأحد لم يكن سوى "مسرحية". وفي بادالونا تمكن المنظمون من إقامة 12 مركز اقتراع رغم عدم تعاون البلدية. ويحاول فران فالكو النائب في البرلمان الإقليمي الكتالاني، والعضو في حزب أرتور ماس (كونفرجنسيا إي يونيو، قوميون محافظون) الطمأنة، ويقول لا خوف على معارضي الاستقلال.
وأضاف إن "الحياة العادية لن تتغير"، وإن "علاقاتهم وروابطهم التاريخية مع بقية أنحاء إسبانيا لن تتغير، ولا أحد سيسحب منهم الجنسية الإسبانية واللغات الرسمية في كاتالونيا ستكون هي نفسها، سيكون وكأنه طلاق بالتراضي.
التعليقات