يبحث رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في بغداد اليوم مع نظيره العراقي حيدر العبادي التعاون لمواجهة الإرهاب والعمل من أجل تحقيق أمن واستقرار المنطقة وتعزيز العلاقات الثنائية في مجالات الطاقة والتجارة.


أسامة مهدي: وصل أوغلو إلى بغداد اليوم في زيارة رسمية تستمر يومين لإجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين، يتقدمهم نظيره العبادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم، تتناول التطورات التي تشهدها المنطقة عامة، والعراق خاصة، إضافة إلى مناقشة الموضوعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، ووسائل مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".. إضافة إلى تطوير التبادل التجاري وإلغاء تأشيرات الدخول للبلدين، وتنفيذ الاتفاقات السابقة الموقعة بينهما، كما أبلغ مصدر عراقي "إيلاف" اليوم.

تنسيق لمواجهة الإرهاب
من جهته، أشار مستشار العبادي الإعلامي إلى أن الاستقرار الإقليمي والمصالح المشتركة ستكون في صلب زيارة أوغلو إلى بغداد انطلاقًا من الإيمان بأن استقرار المنطقة هو المفتاح لاستقرار كل دولة على حدة.

وقال رافد جبوري، المتحدث باسم مكتب العبادي، إن "العراق يتطلع باهتمام إلى زيارة رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو إلى بغداد"، مبينًا أن "الاستقرار الإقليمي والمصالح المشتركة ستكون في صلب الزيارة". وأكد على ضرورة أن "تكون هناك علاقة قوية بين العراق وتركيا، مستندة إلى الجوار الجغرافي والمصالح المشتركة في العلاقة الثنائية بين البلدين وتضمن الاستقرار الإقليمي". مشيرًا إلى أن "العراق وتركيا لديهما مصالح اقتصادية مشتركة".

وأشار جبوري إلى أن "العراق يتطلع إلى أن تتعزز هذه المصالح وتكبر وفقًا لمصلحة الشعبين والبلدين"، موضحًا أن "العراق اليوم في مرحلة انفتاح على جميع دول العالم عمومًا، ودول المنطقة خصوصًا"، كما نقلت عنه وكالة السومرية نيوز، مضيفًا أن "العراق يرى أن استقرار المنطقة هو المفتاح لاستقرار كل دولة على حدة، أي إنه لا يمكن لأي دولة أن تكون مستقرة أو آمنة من غير استقرار كل المنطقة".

ولفت إلى أن "خطر الإرهاب الذي يواجهه العراق وأبناء العراق من كل المكونات في الخطوط الأمامية هو خطر يهدد كل دولة من دول المنطقة، فمن مصلحة كل دول المنطقة أن تساند العراق في مواجهة الإرهاب، وتتطلع أيضًا إلى تعزيز العلاقة مع العراق، لكونه بلدًا إقليميًا أساسيًا، وخصوصًا بالنسبة إلى دول الجوار المحيطة به، ومنها تركيا".

دعم لمواجهة الإرهاب وأزمة النازحين
وكان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري قد أجرى في أنقرة في السادس من الشهر الحالي مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس وزرائه أوغلو تناولت تفعيل الدور التركي ضمن التحالف الدولي لمواجهة تنظيم "داعش"، وتعزيز الاتفاقات السياسية والأمنية والاقتصادية الموقعة بين البلدين والعمل على تنفيذها.

ووجَّه الجعفريُّ دعوة باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العباديّ إلى رئيس الوزراء التركيّ أحمد داود أوغلو لزيارة العراق، فرحّب بها، كما جرى الاتفاق على تشكيل لجان مُشترَكة لتفعيل الاتفاقات الأوليّة التي جرت خلال اللقاءين.

من جانبهما، أبدى الرئيس التركي ورئيس وزرائه "تجاوبًا حقيقيًّا في ما يخصُّ تفعيل الجوانب السياسيَّة والأمنيَّة والاقتصاديّة من العلاقات بين البلدين، وأكدا دعم بلادهما&للعراق في مُواجَهة مجاميع داعش الإرهابيّة والوقوف جنبًا إلى جنب مع الشعب العراقيّ".

وعن فحوى مباحثاته مع إردوغان وأوغلو، قال الجعفري في تصريحات للصحافيين إن المسؤولين التركيين أكدا الوقوف مع الشعب العراقي في مواجهة الإرهاب، الذي لم يؤيدوه مطلقًا بكلِّ أنواعه، وكلِّ مُسمَّياته، وأنَّهم شجبوا الإرهاب، وقد جاء ذلك على لسان كلِّ المسؤولين من دون استثناء.

وقال إن مباحثاته مع كبار المسؤولين الأتراك تناولت"نقاطًا ذات بُعد استراتيجيٍّ، وفي مُقدّمتها: "الجانب الأمنيِّ، لأنَّ الوضع الأمنيَّ في العراق دخل إلى الدائرة الاستراتيجيّة، لذا تكلمنا حول إدانة داعش، وضرورة أن نستقطب الموقف التركيَّ إلى جانب التحالف الدولي، الذي وقف إلى جانب العراق ضدَّ داعش، وكان الإخوة الأتراك أسخياء، ويدعمون العراق، ويشجبون أفعال داعش، كما تحدَّثنا عن الملفات المُتعدِّدة ذات البُعد الاقتصاديِّ، وتطوير العلاقات السياسيّة". وعبّر عن الأمل في أن تشهد العلاقات العراقيّة - التركيّة خلال الفترة المقبلة تصاعُدًا أكثر.&
&
خطوة لتصفير المشاكل المشتركة
واعتبر مراقبون زيارة أوغلو اليوم إلى بغداد خطوة متقدمة تستهدف طيّ صفحة العلاقات الثنائية المتوترة منذ ثلاثة أعوام، إضافة إلى تصفير المشكلات بين البلدين. فقد شهدت العلاقات العراقية التركية خلال السنوات الأخيرة من رئاسة نوري المالكي للحكومة السابقة توترًا، بعد اتهامه لأنقرة بالتدخل في الشؤون الداخلية، إضافة إلى معارضته الاتفاق التركي مع إقليم كردستان في إنشاء ومد أنبوب للنفط، وبيع خام الإقليم في الأسواق العالمية بمعزل عن بغداد، ما عدّته "تهريبًا للنفط ومخالفًا للدستور العراقي، وهددت بمقاضاة المشترين. كما كان الرئيس إردوغان قد اتهم الحكومة العراقية بالتصرف على أساس طائفي، الأمر الذي دفع المالكي إلى الرد عليه، داعيًا إياه إلى الكفّ عن التدخل في شؤون دول المنطقة، وطالبه بالاهتمام بمعالجة مشكلات بلاده.

ومما زاد التوتر في علاقات البلدين موقف الحكومة التركية من الصراع في سوريا، ودعمها للثورة ضد النظام فيها، ورفضها تسليم طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي&السابق المحكوم بالإعدام غيابيًا في بلاده بتهمة الإرهاب.

كما احتجّت بغداد رسميًا في آب (أغسطس) عام 2012 على زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى كركوك في شمال العراق من دون إبلاغ السلطة العراقية المركزية. كما استبعدت حكومة بغداد الشركة الوطنية التركية للنفط والغاز (تباو) من عقد لاستكشاف النفط في الجنوب العراقي في أواخر ذلك العام.&