تجري الأمم المتحدة اتصالات سرية مع جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، لاقناعها بالسماح لموظفي منظمات الاغاثة بإيصال المساعدات الانسانية إلى المدنيين، في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.


قال مسؤولون أمميون لمجلة فورين بولسي إن اتصالات تجري مع قادة جبهة النصرة بصورة غير رسمية، واحيانًا لا تكون إلا أحاديث قصيرة بين موظفي منظمات الأمم المتحدة ومقاتلي جبهة النصرة على احد الحواجز.

وفي حالات أخرى، تنقل الأمم المتحدة طلباتها عن طريق فصائل معتدلة في المعارضة السورية المسلحة. ولكن هناك اتصالات مباشرة تبقى سرًا. وأوضح مسؤول رفيع في الأمم المتحدة أن هذه الاتصالات لا تجري وجهًا لوجه، بل تجري عادة عن طريق الهاتف أو سكايب.

وتتسم هذه الاتصالات بقدر كبير من الحساسية في الأمم المتحدة وبين المنظمات الانسانية الدولية. ويخشى مسؤولو الأمم المتحدة أن الكشف عن أي شكل من اشكال التعامل مع جماعات ارهابية، مهما كان عابرًا، يمكن أن يعرض المنظمة الدولية إلى تهمة اضفاء شرعية سياسية على هذه الجماعات.

لا خيار

لكنّ مسؤولين في الأمم المتحدة يؤكدون أن لا خيار أمامهم سوى التعامل مع هذه الجماعات المتطرفة، لأن المنظمة الدولية في سباق مع الزمن لإيصال المواد الغذائية والمساعدات الانسانية إلى مئات آلاف المدنيين المهددين بخطر المجاعة في حمص وحلب ومدن وبلدات سورية أخرى محاصرة.

وتطالب الأمم المتحدة النظام السوري بتمكين موظفي المنظمات الانسانية من المرور عبر مناطق تسيطر عليها قواته، لكنّ مسؤولين كبارًا في المنظمة الدولية أوضحوا أن مثل هذه الموافقات حتى إذا منحها النظام، وهو أمر ليس مؤكدًا، لن تكون كافية إذا لم تقدم جبهة النصرة وفصائل مسلحة أخرى في المعارضة ضمانات مماثلة.

وهناك مؤشرات إلى أن هذه الجهود اخذت تعطي ثمارها. فإن مقاتلي جبهة النصرة امتنعوا عمومًا حتى الآن عن استهداف موظفي المنظمات الانسانية في سوريا، وقدموا تأكيدات بأن قواتهم لن تهاجم قوافل الأمم المتحدة على النقيض من موقف الدولة الاسلامية في العراق والشام ، التي خطفت أجانب يعملون في منظمات انسانية وصادرت تموينات وامدادات وشنّت هجمات ضد مستشفيات وقاتلت فصائل معارضة أخرى.

لا يحبونها

وقال آرون زلين، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لمجلة فورين بولسي عن جبهة النصرة: quot;إنهم لا يحبون الأمم المتحدة ولا يثقون بها ويعدِّونها أداة بيد الولايات المتحدة، ولكنهم تنظيم برغماتي، وهم يفهمون أن المساعدات الانسانية من الخارج توفر اغاثة أكثر من أي شيء يمكن أن يفعلوهquot;.

ويبدو توجه الأمم المتحدة إلى مد جسور مع فرع تنظيم القاعدة في سوريا عملية محفوفة بالأخطار، لكن المنظمة الدولية ومنظمات انسانية مستقلة أُجبرت خلال السنوات الأخيرة على التعايش مع فروع القاعدة، بعد أن مدّ التنظيم شبكته إلى العديد من مناطق النزاع في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تعمل الأمم المتحدة من خلال وكالاتها المتخصصة.