بغداد: يتوجه العراقيون الى صناديق الاقتراع الاربعاء للادلاء باصواتهم في اول انتخابات تشريعية في البلاد منذ الانسحاب الاميركي نهاية 2011، وسط انقسامات طائفية متزايدة واعمال عنف يومية متصاعدة.

ويضع رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 ثقله السياسي في هذه الانتخابات محاولا العبور من خلالها نحو ولاية ثالثة على راس الحكومة رغم الاتهامات التي يوجهها خصومه اليه بالتفرد بالحكم والعجز عن الحد من الفساد وتحسين الخدمات.

وغزت شوارع بغداد والمدن العراقية الاخرى منذ انطلاق الحملة الانتخابية قبل نحو شهر لافتات المرشحين، من جدران الابنية الى الساحات واعمدة الانارة والجسور وغيرها، فيما تنقلت فيها سيارات تحمل صور مرشحين نظم عدد قليل منهم مهرجانات انتخابية.

وتلقي الهجمات التي يتعرض لها المرشحون وموظفو لجان الانتخابات وافراد الكيانات السياسية بظلال ثقيلة على هذه الانتخابات التي تجري في وقت تخضع مدينة الفلوجة التي تقع على بعد 60 كلم فقط من بغداد لسيطرة تنظيمات متطرفة منذ بداية 2014.

وفي ظل تصاعد اعمال العنف منذ اكثر من عام، قررت السلطات العراقية منح افراد القوات المسلحة حق التصويت يوم الاثنين حتى يتسنى لهؤلاء التفرغ لحماية الانتخابات الاربعاء، فيما منحت الموظفين الحكوميين عطلة تبدا اليوم الاحد وتنتهي الخميس المقبل.

ويقول ايهم كامل مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجموعة quot;يوراسياquot; الاستشارية لوكالة فرانس برس ان quot;اي حكومة مستقبلية ستكون في مواجهة جدية مع التحديات في العراقquot;. ويوضح ان هذه التحديات تبدا quot;من الامن، الى النفط، وصولا الى العلاقات الاجتماعية مع السنة والشيعة والاكراد، الى جانب الوضع الاقتصاديquot;.

ورغم ان الناخبين يشكون من النقص في الكهرباء والبطالة والعنف اليومي الذي بات يحصد ارواح العراقيين اينما تواجدوا وبطريقة عشوائية، فان الانتخابات تدور اساسا حول المالكي نفسه واحتمال توليه رئاسة الحكومة لولاية ثالثة.

ويتعرض المالكي الى انتقادات من قبل خصومه الشيعة الذين يحاولون اختراق القاعدة الجماهيرية التي تؤيده، وكذلك الى انتقادات من قبل السنة الذين يتهمونه بتهميشهم والانقضاض على قياداتهم.

لكن رئيس الوزراء (63 عاما) يلقي باللوم في التدهور الامني على التدخلات الخارجية، وخصوصا تلك الاتية من دول مجاورة، شاكيا من العرقلة التي تلقاها المشاريع المطروحة داخل حكومة الوحدة الوطنية من قبل خصومه السياسيين الذين يحتلون مقاعد فيها.

وبحسب محللين ودبلوماسيين تحدثت اليهم فرانس برس، فان المالكي يبقى رغم ذلك المرشح الاوفر حظا في الانتخابات التشريعية الاولى منذ العام 2010 والاولى منذ انسحاب القوات الاميركية. ومن غير المتوقع فوز اي كيان سياسي بالاغلبية المطلقة، ما قد يعني ان التحالفات السياسية في فترة ما بعد ظهور نتائج الانتخابات هي التي ستحدد هوية الحكومة العتيدة.

ويواجه ائتلاف quot;دولة القانونquot; بزعامة المالكي منافسة من قبل ائتلافات شيعية اخرى في وسط وجنوب العراق على راسها الكتلة السياسية المقربة من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، والكتلة التي يقودها رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم. وعلى النقيض من الانتخابات السابقة، لا يبدو ان هناك كيانا سياسيا عابرا للطوائف يملك مفاتيح الفوز بمقاعد نيابية في كل انحاء البلاد.

ويتوجه الناخبون العراقيون الى صناديق الاقتراع في معظمهم لانتخاب ابناء طائفتهم في ظل انقسام طائفي متزايد تعمق هوته الحرب الدامية في سوريا المجاورة التي استقطبت مقاتلين عراقيين اليها، بعضهم يقاتل الى جانب النظام هناك، واخرون يقاتلونه.

وقد القت السلطات العراقية مرارا اللوم على احداث سوريا حيال ما يتعرض له العراق من هجمات دامية متصاعدة تحمل طابعا طائفيا لم تشهده البلاد منذ النزاع المباشر بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008. في مقابل كل ذلك، تبقى معدلات ضخ النفط المرتفعة احد ابرز الانجازات التي حققتها حكومة المالكي ودرت على البلاد اموالا طائلة.

الا ان هذه الاموال بقيت بعيدة عن توظيفها الصحيح حيث انها لم تساعد على توفير الوظائف وتحسين الخدمات في وقت يشكو المواطنون من عمليات هدر واسعة وفساد غير مسبوق وضع العراق في اعلى لائحة الدول الاكثر فسادا التابعة لمنظمة الشفافية الدولية.