تجري قوى سنية عراقية سياسية وهيئات دينية نقاشات حاليًا للاتفاق على هيكلية جديدة تجمع هذه الفعاليات، وخاصة الفائزة منها في الانتخابات النيابية الأخيرة، لإعلان تحالف سني قد يطلق عليه "البيت السني" أو "التحالف العراقي" ليكون رديفًا للتحالفين الشيعي والكردي.


لندن: علمت "إيلاف" أن ضغوطًا تمارسها القوى السنية على مراجعها الدينية وقادتها السياسيين حاليًا من اجل تجميع قوى هذا المكون وخاصة الكيانات والائتلافات والمرشحين الذين سيعلن فوزهم في الانتخابات العامة التي جرت في 30 من الشهر الماضي لإعلان تحالف واسع على غرار التحالفين الشيعي والكردي من اجل خوض مفاوضات اختيار رئيس الحكومة ووزرائها بقوة وتوحد، ما يمكنه من فرض استحقاقات السنة خلال مرحلة ما بعد الانتخابات، بحسب ما أفاد مصدر سني.

وأشار المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه الى أن اتصالات يجريها حاليًا أكثر من سياسي سني موجهين نداءات إلى المجامع الفقهية والمراجع السنية لأخذ زمام المبادرة وترتيب اجراءات جمع فصائل هذا المكون في تحالف قوي واحد وخاصة: ائتلاف متحدون بزعامة رئيس البرلمان أسامة النجيفي، والعربية بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، إضافة إلى قوائم ومرشحين محليين فازوا في محافظاتهم مع امكانية انضمام القائمة الوطنية بزعامة اياد علاوي بشكل يكفل وجود حلف قوي يضم بين 70 و80 نائباً، أي ثلث مقاعد البرلمان البالغة 328 مقعدًا.

وتأتي هذه الاتصالات رغم أن معلومات تؤكد أن حوالي 60 بالمائة من سنة العاصمة العراقية لم يشاركوا في الانتخابات نتيجة الاحباط الذي يشعرون به من أداء القادة السنة من جهة، وسير العملية السياسية برمتها التي يشعرون أنها استهدفتهم خلال 11 سنة الاخيرة من خلال حرمانهم من حقوقهم ومعاملتهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.. هذا إضافة إلى الاداء الحكومي المتردي في مجالي الامن والخدمات.. وكذلك الاستياء من تفشي الفساد المالي والاداري الذي يضرب مرافق الدولة برمتها، كما اوضح المصدر.

ويقود هذا التوجه لتحقيق التحالف السني ائتلاف متحدون بزعامة النجيفي الذي ما فتئ يطلق تصريحات برفض أي تجديد لولاية المالكي أو القبول به رئيسًا للحكومة من جديد، وحيث بدأ بنفسه اتصالات غير معلنة مع التحالف الكردستاني والتيار الصدري وائتلاف المواطن بزعامة عمار الحكيم لتشكيل تحالف رباعي واسع في مواجهة المالكي.

من يمثل السنة؟

وفي هذا الاطار، تؤكد النائبة وحدة الجميلي عن ائتلاف "متحدون للاصلاح" بزعامة رئيس البرلمان اسامة النجيفي وحدة الجميلي وجود مباحثات جدية لتشكيل "التحالف العراقي" ليكون بموازاة التحالفين الوطني والكردستاني لخلق حالة توازن في العملية السياسية.

وأضافت في بيان صحافي اليوم "أن تشكيل التحالف العراقي جاء من اجل ايجاد توازن في القوى الوطنية، حيث كانت هناك ضرورة ملحة لتشكيل تحالف موازٍ للتحالفين الوطني والكردستاني.. موضحة أن هذا التحالف الذي يضم قيادات سياسية شابة كان لها باع في العمل السياسي يتكون من بعض كتل متحدون وبعض الكتل الليبرالية الاخرى.

وأشارت إلى وجود قيادات في ائتلاف متحدون لديها رؤى استراتيجية سياسية بعيدة المدى وليس عليها خط أحمر من أي كتلة سياسية لتكوين تحالفات معها كفيلة بأن تترأس هذا التحالف بحسب قولها. لكن النائب طلال حسين الزوبعي عن القائمة العربية بزعامة صالح المطلك نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات قال إن قائمته "تسعى لحكومة اغلبية تمثل الشرفاء من العراقيين بمعزل عن الطوائف والاعراق".

وأضاف أنّ ما تقوم به بعض القوى من تحالفات وابعاد العربية عنها ما هي إلا محاولات لإبعاد الوطنيين عن المشهد السياسي.. وقال: "نحن نعمل بالاتجاه المضاد وبتحالفات مهمة لنكون الاقوى فيها". وأشار الزوبعي إلى أنّ "تحالف النجيفي علاوي يحاولون العمل جاهدين على أنهم ممثلون للسنة، وهذا افتراء، فالسنة اكبر واجل واشرف من أن تمثلهم هذه القوائم وسيرتد كيدهم عليهم".

وكان زعيم ائتلاف "متحدون للاصلاح" رئيس البرلمان قد أكد اواخر الشهر الماضي أن ائتلافه هو الممثل الشرعي للعرب السنة في العراق، وقال إن العراق بحاجة إلى تغيير شامل وقيادة تؤمن بأن بناء البلد لا يكون الا بالتعاون المشترك والتعامل ضمن مبدأ العدالة مع جميع مواطنيه، "لا بالافكار الطائفية ولغة القصف والتهجير والمليشيات ومبدأ الكيل بمكيالين"، بحسب قوله.

ولاحظ مراقبون أنه بعد عشر سنوات على التغيير في العراق من تحريض شخصيات ورموز سنية للمواطنين على مقاطعة العملية السياسية وانتخاباتها باعتبارها غير شرعية، فإنها قد عادت لتغيّر مواقفها بالضد من ذلك قبيل الانتخابات الاخيرة، حيث حشدت الهيئات الدينية والسياسية والاجتماعية السنية للمرة الاولى لدعوة ابناء المكون للمشاركة بكثافة في الانتخابات.

وقد دعا المجمع الفقهي لكبار العلماء السنة في العراق ابناء مكونهم للمشاركة في الانتخابات بهدف ما قال إنه لوقف عمليات قتلهم وتهجيرهم، و"تقليل مفسدة الحاكم" ومنعه من ولاية ثالثة. وكان مجلس علماء العراق وهو أعلى هيئة شرعية لفقهاء السنة قد دعا ايضا ناخبي المكون السني إلى اختيار المرشح الذي ينطبق برنامجه الانتخابي "مع مشروع الاقليم لخلاص أهل السنة في العراق من الظلم والتهميش والتمييز الطائفي".

وحذر من انتخاب من وقف في صف الظالم وأشتهر بالفساد". وطالب المجلس عقب اجتماع لامانته العامة وفروعه في المحافظات العراقية أهل السنة إلى النفير العام "لنصرة المظلومين واحداث التغيير من خلال المشاركة الفعالة في الانتخابات لإثبات هويتهم ووجودهم وتحصيل حقوقهم، بحسب قوله.