أصدرت كوريا الشمالية قرارًا بمنع دخول مصور صحافي فرنسي مجددًا إليها بعدما تمكن خلسة من التقاط صور تكشف واقعًا مزريًا للبلاد غير ظاهر إعلاميًا بدءًا من عمالة الأطفال ولا مبالاة الجنود، وملامح الفقر واستهزاء أولاد بصور زعماء الدولة.


مجموعة صور في العمق، نجح مصور يُدعى إريك لافورغ في أن يكشف من خلالها عن جوانب كثيرة من الواقع المؤلم والمخزي في الوقت نفسه الذي تعيشه كوريا الشمالية التي تخضع لحكم قمعي وسري من جانب زعيمها الشاب، كيم جونغ أون، حيث أظهرت بالفعل تلك الصور المدى الصادم للحرمان الذي يعانيه الناس هناك.

طفولة منتهكة
ورد في الصور، التي نشرتها صحيفة الدايلي ميل البريطانية، جوانب حياتية عدة تبرز واقعًا غاية في الصعوبة يعيشه الكوريون الشماليون بصورة تدعو إلى تساؤلات جمة. فظهر في الصور أطفال يعملون بجد في الحقول، جنود يدفعون حافلة معطلة وكذلك مجموعة جنود يمارسون حياتهم بشكل طبيعي وهم في أجواء من الراحة والاسترخاء. وتلك بعض من المشاهد التي يود النظام التكتم عليها وعدم الكشف عنها.

نجح لافورغ، الذي مُنع الآن من دخول كوريا الشمالية مرة أخرى، في التقاط الصور أثناء تجواله مع شركة مرشدين سياحيين مُوَافَق عليهم من قِبل الدولة، وقد طُلِب منه أن يحذف الصور التي التقطها، لكنه نجح في الاحتفاظ بها على بطاقة الذاكرة.

استهزاء بالنظام
لم تظهر كل الصور الفقر الذي تحرص قيادة كوريا الشمالية على إخفائه، بل قدَّم بعضها لمحة عن المباني المتهالكة والنظم الصارمة الخاصة بارتداء الملابس. كما بيَّنت بعض الصور وقوف أطفال أسفل صور لكيم جونغ أون ووالده كيم جونغ إيل وهم يبتسمون ويضحكون، وهو التصرف الذي يعتبره النظام غير محترم على الإطلاق.

وقال لافورغ في هذا الشأن "يُطلَب من جميع الزوار فور وصولهم إلى بيونغ يانغ ألا يلتقطوا صورًا من دون موافقة المرشدين المرافقين. لكن يستحيل عليهم في واقع الأمر أن يراقبوا كل شيء، خاصة عندما يسافرون بصحبة مجموعات من السياح".

"تابو" الجيش والفقر
تابع لافورغ: "يشدد المرشدون على ضرورة عدم التقاط أية صور ترتبط بالجيش أو تدل على وجود فقر في البلاد، حتى لو شرحت لهم أن الفقر موجود في كل مكان في العالم، وكذلك في فرنسا. وفي بيونغ يانغ، التي لا يسمح بالعيش فيها سوى للنخبة، لا يمكن مشاهدة الفقر الحقيقي، إلا أن الوضع يختلف تمامًا في الريف".

وأكدت الدايلي ميل، من واقع الصور التي نشرتها، أن ملامح الفقر لم تغب أيضًا عن العاصمة بيونغ يانغ، فقد أظهرت مدى النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية، وهي المشكلة التي يرجعها النظام الحاكم هناك إلى الإمبرياليين الأميركيين، والدواخل المهدمة للبنايات السكنية، التي تبدو مصانة بشكل جيد من ظاهرها، وإنما في الداخل ليست كذلك.

أبعد من "روبوهات"
عاود لافورغ ليقول: "يرى المرشدون السياحيون أن أفضل حل يمكنهم الاستعانة به لمواجهة مشكلة التصوير هو مصادرة الكاميرات التي تكون بحوزة السيّاح. ورغم ذلك، التقطت تلك الصور، لكن صدر قرار بمنعي من العودة إلى هناك مجددًا".

أضاف :"شعرت بخيبة أمل لصدور قرار منعني من دخول البلاد مرة أخرى، لأني كنت أحاول إظهار أمور أخرى بخلاف الكليشيهات التي تسمعونها عن هذا البلد. فأنا كنت أحاول التحدث إلى الناس، السماح لهم بالتكلم، إظهار أنهم ليسوا روبوهات، وأن لديهم أسر وعائلات، ويمتلكون قدرًا كبيرًا من الثقافة. وقد كنت أحاول أن أوثق جوانب الحياة في كوريا الشمالية بالطريقة نفسها التي أتبعها في أي دولة أخرى حول العالم".
&