حذر مسؤول أوروبي من خطورة ما قال إنها براميل متفجرة يلقيها الجيش العراقي على المدنيين في محافظة الأنبار الغربية، مؤكدًا أنها تقتل أبناء مدينة الفلوجة، ودعا إلى إيفاد لجان تحقيق دولية وإرسال قوات دولية تابعة للأمم المتحدة عند الضرورة لحماية أرواح المدنيين من التجاوزات والاعتداءات والجرائم التي ترتكبها القوات الحكومية والميليشيات الطائفية.


أسامة مهدي: أشار سترون ستيفنسون رئيس لجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي إلى أنه "عقب أعمال القتل التي تستهدف بلا هوادة المدنيين بوساطة استخدام البراميل المتفجرة من قبل الجيش العراقي وبشكل متزايد، مما لاقى إدانة دولية"، فإنه قد تلقى اليوم رسالة من النائبة العراقية رئيسة لجنة الهجرة والمهجرين النيابية لقاء وردي مصحوبة بعدد كبير من الصور المزعجة، "حيث تشير إلى حملة إبادة يقوم بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد المواطنين السنة في الفلوجة في محافظة الأنبار".

تصنّع محليًا
وأوضح ستيفنسون في بيان صحافي من المقر الأوروبي الأحد، وتلقت "إيلاف" نصها، إن النائبة وردي "والتي حياتها في خطر هذه الأيام من قبل نوري المالكي المستبد والحاقد، بسبب بث هذه الأخبار، تقول في رسالتها إن البراميل المتفجرة أدت إلى مقتل العديد من المواطنين في الفلوجة". وأضافت إن "البراميل المتفجرة تصنع في إحدى قواعد الجيش في العراق محليًا، بحيث تمتلئ بالمواد شديدة الانفجار، تصل زنتها إلى 250 كلغم، وبما أنها غير معبئة بجهاز التوجيه، فإنها تسقط بشكل عشوائي، وتتسبب في تدمير البنايات ومقتل مئات من المدنيين".&

وأكدت النائبة العراقية أن "الحكومة تستخدم صواريخ حصدت أرواحًا كثيرة بين المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، ودمّرت العديد من المرافق المدنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات والمساجد". محذرة من أن استمرار هذه العمليات أدى إلى تشرد أعداد كبيرة من العوائل، حيث بلغ عدد المشردين داخل وخارج المحافظة مليون شخص، يعيشون ظروفًا قاسية تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية، مما تسبب في انتشار الأمراض بين الأطفال.

ونقل ستسفنسون عن النائبة وردي تحذيرها من "عملية إبادة تجري ضد المواطنين في الأنبار وضد المدنيين، خاصة في الفلوجة، وكلها تمارس بحجة محاربة الإرهاب (داعش)، بينما الكل يعرف أين داعش، وكيف تأسس، ولماذا ومن الذي يدعمه لوجستيًا وماديًا".

للتحقيق في التجاوزات
ودعا المسؤول الأوروبي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إيفاد لجان التحقيق للإطلاع على ما يجري وإيفاد قوات دولية تابعة للأمم المتحدة عند الضرورة لحماية أرواح المدنيين من التجاوزات والاعتداءات والجرائم التي ترتكبها القوات الحكومية والميليشيات الطائفية المدعومة من حكومة بغداد، وأن تلعب الجهات الدولية دورها الإنساني والقانوني لحماية المواطنين المدنيين في محافظة الأنبار، وبشكل خاص في الفلوجة.

وأشار ستيفنسون إلى أن لقاء وردي عضوة البرلمان العراقي جعلت روحها عرضة للخطر بإيصال معلومات كهذه للفت أنظار الغرب. وشدد بالقول "علينا أن لا نتجاهل طلبها للمساعدة، لأن نوري المالكي قد بدأ حربًا شاملة ضد الرجال والنساء والأطفال في محافظة الأنبار، من المخجل أن يختار الغرب تجاهل عملية الإبادة هذه، والأنكى من ذلك أن الغرب ما زال يدعمه، إلى حد أن أميركا تزوّده بالسلاح لاستخدامه ضد أبناء شعبه".

وقال المسؤول الأوروبي في الختام "يبدو أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باتوا مخدوعين بقول المالكي إن حربه موجّهة ضد الإرهابيين التابعين لتنظيم القاعدة (داعش)، فصور الأطفال القتلى أو الموتى تكشف النقاب عن هذا العنوان الكاذب السافر"، بحسب قوله.

يذكر أن مصادر أميركية رجّحت اليوم مقتل أربعة آلاف شخص، ثلثهم من الأطفال، في مدينة الفلوجة منذ بداية المعركة فيها، ما أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة.

4 آلاف قتيل في الفلوجة
وقالت مجلة نيوزويك الأميركية في تقرير لمراسلتها الحربية جينين جيوفاني إن "عدد القتلى منذ بداية معارك الفلوجة حين شنت القوات العراقية هجومًا على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في الثاني من كانون الثاني (يناير) الماضي يقدر بنحو أربعة آلاف شخص، أي بمعدل ألف شهريًا. وأضافت إن "باحثين مطلعين على الأوضاع هناك يؤكدون أن ما يتراوح بين 20 إلى 30 بالمئة من أولئك القتلى هم أطفال".

ونقلت المجلة عن مندوبة منظمة هيومن رايتس ووتش في بغداد إيرين إيفيرس إن "الاقتتال في الفلوجة قاد إلى أزمة إنسانية كبيرة"، مشيرة إلى أن المنظمة ذكرت في تقريرها أن المجاميع المسلحة المتمثلة في مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، قد شنت هجمات شنيعة على المدنيين ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، وأن القوات الحكومية ترد في الوقت نفسه على تلك الهجمات بقوة مفرطة تنجم منها خسائر بين المدنيين.

وأشارت إيفيرس إلى أن هناك "تعتيمًا إعلاميًا حول ما يجري في الأنبار، وأن المستشفيات في المحافظة تعدّ المصدر الرئيس للمعلومات"، مؤكدة أن "الكثير من الأهالي يرفضون الذهاب للعلاج في تلك المستشفيات، خشية اعتقالهم، لأنها تدار من قبل الجيش الحكومي".

وفي وقت سابق اليوم أعلن مجلس محافظة الأنبار أنّ قوات الجيش العراقي لم تتمكن حتى الآن من دخول مدينة الفلوجة أو السيطرة على القرى المحيطة بها، رغم مرور ثلاثة أيام على بدء عملية "تصفية الحساب"، وهي التسمية التي أطلقتها السلطات العراقية لاقتحام المدينة، فيما ارتفعت وتيرة القصف الجوي على الفلوجة بشكل غير مسبوق، وأسفر القصف عن وقوع أكثر من 100 مدني بين قتيل وجريح خلال الأيام الثلاثة الماضية.

وقال نائب رئيس محافظة الأنبار، فالح العيساوي، في تصريح صحافي، إن "العمليات العسكرية التي انطلقت في الفلوجة لم تحقق أي تقدم ملموس على الأرض؛ فلم تتمكن قوات الجيش من دخول المدينة، فيما الاشتباكات لا تزال جارية".
&


&

&