قبل أسبوعين من هجوم اللواء السابق في الجيش الليبي خليفة حفتر على مدينتي بنغازي وسيدي فرج، سأل صديقه وحليفه الجديد رجل الاعمال فتح الله علي على مأدبة عشاء في بنغازي إن كان مقبلًا على عمل انتحاري.


إعداد عبدالاله مجيد: يقود اللواء السابق في الجيش الليبي خليفة حفتر (71 عامًا) ما قد يكون أخطر تحدِ يواجه الحكومة الليبية منذ اسقاط نظام العقيد معمر القذافي في العام 2011. وبعد سقوط عشرات القتلى في اشتباكات بين قوات حفتر وميليشيات اسلامية، واقتحام موالين له مبنى المؤتمر الوطني العام في العاصمة طرابلس، حذر مراقبون من انزلاق ليبيا إلى حرب اهلية.

ويوم الاثنين، اعلنت ميليشيات أخرى وقوفها مع حفتر، بينها القاعدة الجوية في طبرق ومقاتلون يسيطرون على منشآت نفطية وقوات الصاعقة الخاصة في بنغازي. في هذه الأثناء، قال مقاتلون من كتائب مصراتة القوية انهم سيتحركون قريبًا نحو طرابلس لصد هجوم حفتر على العاصمة.

وقال اشخاص تربطهم علاقة صداقة بحفتر انه أمضى شهورًا في التخطيط لعمليته العسكرية وهدفه تخليص ليبيا من الميليشيات الاسلامية.

أثق به إذا!

وبسبب الأوضاع الانتقالية الصعبة التي تمر بها ليبيا، لم تتمكن حكومتها المركزية من بناء جيش وطني موحد وقوات شرطة فاعلة قوامهما افراد عشرات الميليشيات التي انبثقت من الثورة. وبالتالي لم تتمكن من وقف أعمال القتل والخطف التي أدت إلى نشوء وضع متفجر في ديمقراطية ليبيا الوليدة.

وقال الناشط بلال من مدينة بنغازي، حيث نظم تظاهرات احتجاج ضد الميليشيات الاسلامية عام 2012، انه مستعد للوثوق بحفتر إذا نجح واثبت انه لا يبحث عن امجاد شخصية، كما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن الناشط الليبي الشاب.

من جانب إلى آخر

شارك حفتر حين كان ضابطًا شابًا في الانقلاب العسكري الذي اسفر عن سيطرة القذافي على مقاليد السلطة في العام 1969، لكن حفتر انتقل إلى جانب المعارضة في اواخر الثمانينات بعد القبض عليه خلال التدخل العسكري الليبي في حرب تشاد. وترأس حفتر مجموعة اطلقت على نفسها اسم "الجيش الوطني الليبي"، التي قال انها كانت تتلقى دعمًا من الولايات المتحدة. ثم طلب اللجوء في الولايات المتحدة ويبدو انه اصبح من مواطنيها، إذ تبين السجلات الرسمية مشاركته في انتخابات 2008 و2009 في فرجينيا.

ولاحظ ليبي من أسرة معروفة بمعارضتها نظام القذافي، تعرف إلى حفتر حين كانا يعيشان في شمال فرجينيا، أن حفتر وافراد عائلته كانوا يعيشون حياة مرفهة. وكان حفتر يسكن في منطقة فولز تشرتش حتى العام 2007 ثم انتقل إلى منزل بخمس غرف نوم في حي هادئ وباع بيته الآخر في العام 2010 مقابل 612 الف دولار، كما تبين سجلات رسمية.

انقسام جوله

نقلت صحيفة واشنطن بوست عن الناشط الليبي قوله إن حفتر وافراد اسرته كان يعيشون حياة مريحة "ولا أحد يعرف مصدر العوض"، مضيفًا أن أسرة حفتر لم تكن من الأسر الثرية في البداية. وعندما عاد حفتر إلى ليبيا في العام 2011 استقبله ليبيون بوصفه بطلًا وأحد قادة الثوار.

وقال جلال قلال، المتحدث السابق باسم المجلس الانتقال الليبي، عن حفتر إنه كان مثل طفل صغير، حاول أن يصبح رئيس الأركان. ويتذكر قلال أن حفتر انزعج عندما اختار الثوار اللواء عبد الفتاح يونس رئيس اركان قوات الثورة الليبية.

وكانت سمعة حفتر بوصفه شخصية بارزة في المعارضة الليبية ودراسته العسكرية في الاتحاد السوفيتي السابق إبان السبعينات وخبرته العسكرية في تشاد، كلها عوامل أكسبته شعبية بين الثوار الليبيين خلال الانتفاضة. لكن شكوكًا حامت بشأن اجندته وظهر له خصوم بسبب اقامته عشرات السنين في الخارج. ونشأت انقسامات في صفوف الثوار تجاه حفتر زرعت بذرة الصراع الحالي على السلطة.

مستمرة!

في هذه الأثناء اعلن العقيد ونيس بوخمادة آمر القوات الخاصة في بنغازي في مؤتمر صحافي متلفز من المدينة أن المعركة مستمرة حتى القضاء على الارهاب. واستنجد رئيس المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين بميليشيات حليفة تتمركز في مصراتة. وأخذت ميليشيات في مناطق مختلفة من ليبيا تتخذ هذا الجانب أو ذاك استعدادا لما قد يكون مواجهة شاملة.

ويبدو أن السياسيين الليبيين منقسمون بشأن ما يتعين اتخاذه من خطوات لمعالجة الوضع. وستكون جلسة المؤتمر الوطني العام الثلاثاء، إذا عُقدت، اختبارًا لقوة حفتر. لكن بعضًا من حلفائه بدوا مترددين الاثنين إزاء السير وراءه في مواجهة شاملة.

ونقلت واشنطن بوست عن عضو في المؤتمر الوطني ينتمي إلى تحالف تربطه علاقة وثيقة بالميليشيا التي اقتحمت مبنى المؤتمر الأحد، طالبًا عدم كشف اسمه: "أنا لستُ متأكدًا من اهداف حفتر ولا يبدو أن لديه رؤية واضحة لما يفعله في الواقع".