منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، شغل عدلي منصور، منصب رئيس الجمهورية مؤقتاً، لمدة 11 شهراً، وسط إعتقاد راسخ لدى المصريين والعالم الخارجي، بأنه لم يكن يدير الأمور فعلياً، بل كان واجهة لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، الذي ظل يمسك بزمام الأمور، حتى فوزه بالإنتخابات الرئاسية.


&
القاهرة: أصبح عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر، وصار للبلاد ثلاثة رؤساء سابقين، إثنان منهم رهن السجن، والثالث يتساءل المصريون عن المصير الذي ينتظره، بعد أن أدى دوره باقتدار؟
&
لم يكن للقاضي عدلي منصور، أي نشاط على الإطلاق قبل تاريخ 3 يوليو/ تموز 2013، ولم يتداول الإعلام اسمه مطلقاً، فلم يكن قاضياً معارضاً، مثل قيادات وأعضاء ما عرف في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بـ"تيار الإستقلال"، ومنهم: زكريا عبد العزيز، رئيس نادي القضاة السابق، وهشام البسطويسي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، وأحمد مكي، وزير العدل السابق، ولم يكن منصور موالياً للنظام، مثل: أحمد الزند، رئيس نادي القضاة الحالي، أو زمرته، ممن قادوا انتفاضة القضاة ضد نظام حكم الإخوان.
&
لم يعرف المصريون اسم عدلي منصور إلا فجأة، عندما وضع الجيش المصري "خريطة المستقبل"، التي تضمنت عدة بنود، الأول منها هو تنصيب رئيس المحكمة الدستورية العلياً رئيساً للبلاد. وفي التاريخ الذي وقف فيه السيسي محاطاً بقيادات الجيش، ورموز سياسية ودينية، منها شيخ الأزهر، وبابا الأقباط، ومحمد البرادعي، لم يكن منصور قد تولى منصب رئيس المحكمة الدستورية، وشاءت الأقدار أن يؤدي قسمين في الوقت نفسه، الأول قسم رئيس الجمهورية المؤقت، والآخر رئيس المحكمة الدستورية العليا.
&
تميز منصور بالهدوء الشديد والإلتزام والصمت، وأشاد كثيرون به، إلا أنه يتعرض لإنتقادات واسعة، بسبب إفراطه في استخدام السلطات التشريعية الممنوحة له، في ظل غياب البرلمان، ومن أخطر القوانين التي أصدرها، قانون تنظيم الحق في التظاهر المعروف إعلامياً بـ"قانون منع التظاهر"، والذي أدى إلى سجن الآلاف بموجبه من أعضاء جماعة الإخوان إلى جانب العشرات من نشطاء ثورة 25 يناير، على رأسهم، أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل، ومحمد عادل القيادي في الحركة، وأحمد دومة، القيادي السابق في الحركة، إلى جانب إصدار قانون منع الطعن على عقود الدول مع المستثمرين، الذي أعتبره كثيرون بمثابة "تحصين للفساد"، لا سيما أن الحق في الطعن على عقود الدولة، أدى إلى استعادتها الكثير من الشركات والمصانع العامة التي طرحت للخصخصة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، بسبب الفساد الذي شاب عمليات البيع.
&
وفي عهد منصور تم فض اعتصامي أنصار مرسي الشهيرين في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وقتل فيهما يوم 14 أغسطس/ آب الماضي، عدة آلاف. وشهدت الفترة التي تولى فيها الحكم إعتقال عشرات الآلاف من أعضاء وقيادات التيار الإسلامي، على رأسهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وقتل فيها الآلاف من المواطنين ورجال الشرطة والجيش على حد سواء، في إطار أعمال العنف التي تفجرت في أعقاب عزل مرسي.
&
سيترك منصور القصر الرئاسي، ويعود إلى منصة القضاء مرة أخرى، هكذا قال مصدر مطلع لـ"إيلاف"، وأضاف أن منصور حسم قراره بالعودة إلى المحكمة الدستورية العليا، بعد أن أدى دوره في خدمة الوطن، مشيراً إلى أن الرئيس المؤقت لا يتطلع إلى أية مناصب في الفترة المقبلة، ولا يرغب في ممارسة العمل السياسي، سواء من خلال حزب سياسي أو منصب تنفيذي. وأضاف أن منصور يعتقد أن الفترة التي قضاها في رئاسة الجمهورية تمثل مهمة وطنية استدعاه إليها الشعب، وقام بها على الوجه الأكمل.&
&
ويتوقع &الدكتور ثروت بدوي، الخبير في القانون الدستوري، أن يعتزل المستشار عدلي منصور، العمل السياسى بعد خروجه من مؤسسة الرئاسة ليحافظ على الصورة المحترمة التى صدرها اثناء ادارته للمرحلة الانتقالية كرئيس مؤقت.&
وأضاف لـ"إيلاف" أن عودة منصور لمنصبه كرئيس للمحكمة الدستورية العليا يعتبر تحايلا على القانون، مشيراً إلى أنه &ليس مقبولا عودة منصور ليكون على رأس اكبر المنصات والهيئات القضائية فى مصر بعد ان كان رئيسا مؤقتا للدولة. وقال: "الافضل له اعتزال العمل السياسى".
&
وعلى العكس من الرأي السابق، قال الدكتور شوقي السيد، الفقيه القانوني ومحامي أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، أن القانون يبيح للرئيس المؤقت عدلي منصور العودة إلى منصبه في المحكمة الدستورية العليا. وأضاف لـ"إيلاف" أن من حق منصور الاستمرار في رئاسة المحكمة الدستورية، مشيراً إلى أنه ليس هناك بنود في القانون تمنع ذلك، كما أنه من حقه أن يترك هذا المنصب أيضاً.&
ولفت إلى أن منصور سوف يستمر في منصبه كرئيس مؤقت إلى حين تسليم المنصب إلى الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي. وأفاد بأن السيسي سيؤدي اليمين القانونية أمام هيئة المحكمة الدستورية، برئاسة المستشار أنور العاصي، رئيس المحكمة بالإنابة، منوهاً بأنه لا يجوز لعدلي منصور حضور أداء الرئيس الجديد القسم أمام المحكمة.
&
ينظر إلى عدلي منصور على أنه ثالث رئيس سابق لمصر، بعد حسني مبارك ومحمد مرسي، المسجونين حالياً. وثاني رئيس مؤقت لمصر يسلم المنصب إلى خليفته طواعية، بعد الرئيس المؤقت صوفي أبو طالب، رئيس مجلس الشعب السابق، الذي شغل المنصب نفسه في أعقاب مقتل الرئيس الراحل أنور السادات، لمدة ثمانية أيام في الفترة من 6 إلى 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1981، &وسلم الحكم إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أطاحت به ثورة 25 يناير من الحكم.
&
ولد منصور في 23 ديسمبر/ كانون الأول 1945، وشغل مناصب عدة في السلك القضائي المصري، وتوّج مشواره بالتعيين رئيساً للمحكمة الدستورية العليا، في يوم 30 يونيو/ حزيران 2013، وهو اليوم نفسه الذي أندلعت فيه تظاهرات حاشدة ضد الرئيس السابق محمد مرسي، انتهت في 3 يوليو/ تموز بتدخل الجيش، وعزل مرسي عن الحكم، وتنصيب منصور رئيساً للجمهورية.
&
&
&