حملت زيارة أمير دولة الكويت إلى طهران رسالة خليجية واضحة لإيران بضرورة إيجاد نظام إقليمي آمن ومستقر يقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.


نصر المجالي: في محادثاته وهي الأولى من نوعها مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في طهران، الأحد، دعا الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الى ضرورة التعاون بين دول المنطقة لإزالة المشاكل وتسوية القضايا العالقة بين دول المنطقة.

ولفت أمير دولة الكويت إلى أن على جميع الدول الاسلامية ان تتعاون جنبا الى جنب في اطار الاتحاد والوحدة بين الامة الاسلامية

وينظر البعض إلى الكويت التي تعيش فيها نسبة غير قليلة من الشيعة على أنها جسر محتمل بين إيران ودول الخليج العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية التي لا تزال علاقاتها متوترة مع إيران لا سيما بسبب مواقفهما المتعارضة من الحرب الأهلية في سوريا.

واختط وحاني نهجا تصالحيا تجاه جيران إيران منذ توليه منصبه في صيف العام الماضي، وزار وزير خارجيه محمد جواد ظريف دولا عربية خليجية أخرى فإنه لم يزر السعودية حتى الآن، على أن وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيضل وجه دعوة له لزيارة المملكة.

ظريف وزيارة الرياض

ورغم قبول الدعوة، فإن ظريف أعلن يوم الأحد إنه لايستطيع قبول دعوة لزيارة السعودية لحضور اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي في وقت لاحق هذا الشهر نظرا لتعارض الموعد المقترح مع محادثات مقررة مع القوى العالمية بشأن البرنامج النووي.

وقال وزير الخارجية الإيراني إنه لا يستطيع تلبية دعوة لزيارة السعودية لأن موعدها المقترح يتزامن مع المفاوضات النووية المزمعة بين إيران والقوى العالمية الست.

وفي العاشر من مايو (أيار) الماضي، قال وزير الخارجية السعودي إن الرياض وجهت الدعوة لظريف في إشارة إلى إمكانية دفء العلاقات بين القوتين الإقليميتين المتنافستين اللذين يبدو صراعهما على النفوذ جليا في عدة صراعات في أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

وقالت وكالة أنباء الجهورية الإسلامية الإيرانية إن ظريف أبلغ المسؤولين السعوديين بذلك. ولو جرت هذه الزيارة فستكون أول زيارة لمسؤول إيراني رفيع إلى السعودية منذ تولي الرئيس حسن روحاني السلطة عام 2013.

تجسير الهوة

ويأمل مراقبون أن تؤدي زيارة الشيخ صباح إلى طهران إلى نتائج إيجابية في تجسير الهوة وتضييق شقة الخلافات في العلاقات بين الجمهورية الإسلامية وجاراتها الخليجيات، وخصوصا مع المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين.

وتتعارض وجهات نظر كل من الرياض وطهران حول قضايا مفصلية وحساسة في الإقليم، حيث ترى السعودية التي تدعم المسلحين الذين يقاتلون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد الحليف المقرب لإيران أن "النفوذ الشيعي يمثل أحد أكبر التهديدات".

كما أن المملكة ومعها بقية دول مجلس التعاون الخليجي ترى شأنها شأن القوى الغربية في أن إيران تستخدم برنامجها للطاقة النووية كستار لاكتساب القدرة على إنتاج أسلحة نووية، لكن إيران دأبت على التأكيد أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية.

كما تتهم كلا من السعودية والبحرين إيران بتحريض الشيعة في بلديهما على الثورة، إلا أن طهران تنفي التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين.

إلى ذلك، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال استقباله امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في طهران اليوم الاحد، ان الامن في المنطقة يتحقق عبر التعاون بين بلدانها.

واكد روحاني ايضا، على ضرورة تعزيز وتمتين الاواصر والتعاون بصورة شاملة بين البلدين ايران والكويت. وكان روحاني تصدر مراسم استقبال امير دولة الكويت في قصر سعد اباد في العاصمة طهران مساء الاحد .

وأشار روحاني الى القواسم المشتركة التي تربط الشعبين الايراني والكويتي على مختلف الصعد التاريخية والثقافية والجغرافية واعتبر في ذات الوقت نشاطات وخبرات مسؤولي كلا البلدين في إحداث التقارب بينهما مؤثرا للغاية.

وتابع: انه مما لاشك فيه فإن زيارة امير الكويت لطهران تشكل منعطفا في مجال تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين والشقيقين.

واعتبر روحاني ان طاقات كثيرة متوفرة حاليا في مسار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين واعرب عن اسفه في ذات الوقت لأن مستوى هذه العلاقات لا يرقى الى تطلعات الشعبين الكبيرين والجارين.

فرص استثمارية كويتية

واشار الى خطة الحكومة الرامية لخلق فرص استثمارية في ايران، وقال ان المناطق الجنوبية من البلاد مثل مدينتي آبادان وخرمشهر القريبتين من الكويت تتوفر فيهما فرصا كثيرة لاستثمار ارباب العمل والمستثمرين الكويتيين في كلا القطاعين العام والخاص.

واعتبر الرئيس روحاني تنمية العلاقات بين الشعبين وتنشيط السياحة بين ايران والكويت من الشؤون التي تكتسب الاهمية في العلاقات بينهما واكد في ذات الوقت على ضرورة تقديم التسهيلات الرامية لتبادل الزيارات بين مختلف قطاعات واوساط شعبي البلدين والرقي بالعلاقات الثقافية بين ايران والكويت.

وشدد على ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لا ترى اي عائق امام تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية مع الكويت.

واشار روحاني الى ضرورة تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين ايران والكويت وإزالة المشكلات في هذا المجال، ولفت الى ان ايران والكويت قريبان من بعضهما بعضا من الناحية الثقافية والتاريخية والجغرافيا، وان هناك ارادة سياسية شاملة لدى مسؤولي البلدين لتطوير العلاقات الشاملة وترسيخها، لذلك ينبغي للوزراء والمسؤولين في كلا البلدين ان يضعوا الخطط الكفيلة بتنمية العلاقات بين البلدين وترسيخها.

أمن المنطقة

وألمح روحاني الى ان ايران والكويت لديهما وجهات نظر متقاربة ومشتركة بشأن القضايا السياسية الاقليمية والدولية، وقال: ان منطقة الشرق الاوسط واجهت خلال السنوات الماضية مشكلات جمة، لكننا اليوم مسرورون لنشاهد استقرارا نسبيا يسود بين دول المنطقة، لافتا الى انه لاشك ان الاستقرار والامن في المنطقة هو شرط اول لتنمية العلاقات والتعاون بين الدول.

وبيّن روحاني، اننا نعتقد ان استقرار المنطقة وامنها انما يتحقق فقط بالتعاون والتعامل بين دول المنطقة، وقال: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية مستعدة لأن تشارك مع جميع دول المنطقة وخاصة الكويت في اطار تعزيز الاستقرار وامن المنطقة.

ورأى الرئيس الايراني ان التطرف والعنف من اهم اسباب انعدام الاستقرار والمشكلات الامنية في المنطقة، ولفت الى ان علينا ان نضع يدا بيد لنكافح التطرف والارهاب، وان نبذل جهودنا لتعزيز الوحدة بين الامة الاسلامية في المنطقة.

وتطرق روحاني الى وجود المشكلات في بعض دول المنطقة بما فيها سوريا والعراق، وقال: على جميع دول المنطقة ان تساهم من اجل استتباب الامن والاستقرار في هذه المناطق.

وأعلن روحاني استعداد ايران لتعزيز العلاقات والتعاون مع دول مجلس تعاون (الخليج الفارسي) من اجل تسوية المشكلات التي تعاني منها المنطقة، وقال: ان ازالة المشكلات الاقليمية والامنية في هذه المنطقة، هي رهن بالتعاون بين ايران والعراق ومشاركتهما في اتخاذ القرار "لأننا لو اردنا تكريس الامن في منطقة الخليج (الفارسي)، فلابد ان تشارك جميع الدول المتشاطئة على الخليج الفارسي، جنبا الى جنب لنحقق الاهداف المطلوبة".

وأكد روحاني على ضرورة التعاون والتواصل بين الدول المطلة على الخليج (الفارسي) في مجال حل المشكلات البيئية والاستفادة من الموارد الطبيعية في المنطقة.

وأبدى روحاني القلق الجاد لدى الجمهورية الاسلامية الايرانية إزاء معضلة الارهاب في المنطقة، وقال: نعتقد ان على جميع الدول ان تضع يدا بيد وتبذل جهودها من اجل محاربة الارهاب والصمود امامه، وفي هذا الاطار فإن ايران ترى من واجبها الديني والاقليمي ان تساعد اي دولة عازمة على محاربة الارهابيين، لنتمكن من تهميش هذه الجماعات الارهابية والقضاء عليها.

تصريحات صباح

وفي هذا اللقاء، اعرب الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، عن ارتياحه لزيارة ايران، وابدى شكره للترحيب الحار الذي اولاه اياه رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، والوفد المرافق له، معلنا رغبة حكومة الكويت وشعبها لتعزيز التعاون والعلاقات المثمرة مع ايران، وقال: من المؤكد ان هذه الزيارة ستسفر عن نتائج طيبة تصب في مصلحة البلدين.

وأكد امير الكويت على ضرورة تعزيز العلاقات وتنميتها بين البلدين، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي، معتبرا ان تنمية العلاقات بين ايران والكويت يتطلب وضع خطط محددة وتعاونا بين مسؤولين البلدين، وصرح: لقد جئنا اليوم الى ايران مع وفد رفيع المستوى من المسؤولين الكويتيين، وكلهم لديهم الرغبة لتنمية العلاقات بين ايران والكويت.

وأكد، اننا لا شك لدينا في تطوير التعاون بين ايران والكويت، وقال: ان الزيارة الى ايران لن تختتم ما لم يحصل الاتفاق بين مسؤولين البلدين، واننا زرنا ايران بهذه النية لكي يتوصل مسؤولو البلدين الى اتفاق في مجال تطوير العلاقات والتعاون الثنائي.

ووقعت ايران والكويت، بحضورروحاني والشيخ صباح على 6 وثائق للتعاون المشترك وبهدف تعزيز العلاقات الثنائية وترسخيها.

وشملت وثائق التعاون: اتفاقية للشحن والنقل الجوي، اتفاقية للتعاون الجمرك، اتفاقية امنية، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الرياضي، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال السياحة ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال البيئة، حيث وقعها المسؤولون المعنيون من كلا الجانبين.