رغم أن موعد الإنتخابات البرلمانية لم يتحدد بعد، وما زال البرلمان في "علم الغيب"، إلا أن غالبية الأحزاب المصرية، لاسيما الليبرالية واليسارية، تسعى إلى تكوين تحالفات إنتخابية، تهدف من ورائها إلى السيطرة على أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو. وتبدو الساحة خالية أمام هذه الأحزاب، لاسيما بعد إقصاء جماعة الإخوان عقب سلسلة من الضربات الأمنية، وتصنيفها تنظيماً إرهابياً، وحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، فضلاً عن ضعف التيار الإسلامي عموماً، وهو المنافس الأكبر والأشرس للأحزاب المدنية في مصر.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يرى خبراء سياسيون أن الغالبية العظمى من التحالفات لم تتضح ملامحها حتى الآن، ويغلب عليها طابع الهشاشة، لاسيما أن الأحزاب المكونة لها، إما أحزاب كرتونية، أو أحزاب ليست لها شعبية في الشارع وتعتمد على شخصية واحدة أو مجموعة شخصيات ممن يعتبرون رموزاً سياسية، بينما يرفض قياديون في تلك التحالفات هذا الحديث، متوقعين الحصول على نتائج كبيرة في الإنتخابات المقبلة.

وأعلن رجل الأعمال السيد البدوي، مالك مجموعة قنوات الحياة، ورئيس حزب الوفد الليبرالي، عن تكوين تحالف سماه "تحالف الوفد المصري". ويتكون من نحو ستة أحزاب ليبرالية، تعمل جدياً على الوصول للبرلمان والحصول على الأغلبية، ما يمكنها من الفوز برئاسته وتشكيل الحكومة.

ويعمل عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، ومؤسس حزب المؤتمر على تكوين تحالف إنتخابي، لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة، ويضم تحالفه حتى الآن مجموعة من الأحزاب التي يصنفها مراقبون على أنها أحزاب فلول نظام حسني مبارك. ويشمل التحالف الأحزاب التالية: الحركة الوطنية، الذي أسسه أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، الشعب الجمهوري، التجمع، الغد، إضافة إلى الإصلاح والتنمية.

ويسعى رجل الأعمال& نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار إلى تكوين تحالف إنتخابي، في الوقت الذي يتنافس فيه عمرو موسى والسيد البدوي على ضم حزب المصريين الأحرار إلى تحالفهما، لاسيما في ظل ما يتمتع به ساويرس من سخاء في الإنفاق على مرشحي حزبه. إلا أن "المصريين الأحرار" لم يحسم موقفه السياسي، هل سينضم إلى أحد التحالفين أو يخوض الإنتخابات منفرداً، خاصة أنه يمتلك كوادر سياسية، ومقرات حزبية في غالبية محافظات الجمهورية.

وتعتمد التحالفات الإنتخابية المتوقعة على شخصيات بعينها، كما هو الحال في الأحزاب السياسية، ومن هذا المنطلق يأتي تحالف التيار المدني، أو التيار الديمقراطي، الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. ويضم تحالفه حزب الكرامة والتيار الشعبي اللذين يترأسهما صباحي، إضافة إلى أحزاب: التحالف الشعبي، الدستور، العدل، مصر الحرية.

أحزاب "كرتونية"!

وفي محاولة منها لحجز مكان في البرلمان المقبل، تسعى مجموعة من الأحزاب التي يصفها مراقبون بـ"الكرتونية"، إلى عقد تحالفات إنتخابية أو الدخول في تحالفات مع أحزاب كبيرة. ومنها تحالف "تيار الإستقلال" الذي دشنه أحمد الفضالي، رئيس حزب السلام الإجتماعي، ويضم حزب مصر الإشتراكي العربي، وحزب "مصر 2000"، إضافة إلى نقابة الفلاحين، وهي المرة الأولى التي تتصدر فيها نقابة عمالية المشهد السياسي وتخوض تحالفاً إنتخابياً.

ويقف الأقباط في منطقة وسطى بين تلك التحالفات، لاسيما أنهم ضمنوا "كوتة" في البرلمان المقبل، بما لا يقل عن 25 مقعداً، وأجبر الدستور الأحزاب السياسية على ضرورة ترشيح شخصيات قبطية ونسوية ضمن قوائمها، إلا أنهم أيضاً ينخرطون في تلك التحالفات، أملاً في زيادة مكاسبهم في البرلمان المقبل.

ويبدو التيار الإسلامي بعيداً عن خوض الإنتخابات المقبلة في صورة تحالفات، بإستثناء حزب النور السلفي الذي يغرد وحده خارج السرب، لاسيما أن غالبية الأحزاب الإسلامية مهددة بالحل، في أعقاب صدور حكم قضائي من المحكمة الإدارية العليا بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وتلقي الجماعة ضربات أمنية قاتلة، وحظر أنشطتها ومصادرة أموالها، بعد تصنيفها جماعة إرهابية.

قائمة سوداء

وفي السياق ذاته، أعد مجموعة من الشباب الأقباط المستقلين ما سموه "القائمة السوداء" للاسماء القبطية المحرومة من أصوات المسيحيين بالبرلمان. وقال الشباب في بيان لهم تلقت "إيلاف" نسخة منه: نطالب كافة الأسماء التي وردت بالقائمة السوداء التمهيدية والتي نشرتها من قبل وسائل الإعلام، بالحضور للمؤتمر والمناظرة العلنية بحضور كافة وسائل الإعلام, وذلك وقد طالبنا مسبقاً للمناظرة للرد على مما نسب إليه إلا أن بعض الأسماء المذكورة هاجمت الشباب معدي القائمة دون سند أو دليل".

وقرر الشباب ارسال المستندات التي اعتدوا بها في إعداد هذه القائمة للاحزاب التي ينتمي لها بعض الأسماء الواردة بها، ومن المقرر بدء تحرك الشباب في مؤتمرات جماهيرية بالاماكن المزمع خوض تلك الاسماء فيها الانتخابات عقب إصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية.

تحالفات هشة

ووفقاً لحركة 6 أبريل، فإن التحالفات الحالية هشة ويغلب عليها الطابع الشخصي، ولا تعبر عن الثورة، وقال عمرو علي منسق الحركة، لـ"إيلاف" إن البرلمان المقبل، يتم التجهيز للسيطرة عليه من قبل تحالفات وشخصيات بعينها ليكون داعماً للسيسي، بما يجعل الاغلبية موالية له، مشيراً إلى أن التحالفات الحالية تعلن أنها تقف خلف الرئيس.

ولفت إلى ان قانون البرلمان يمكن رجال الأعمال والأثرياء، لاسيما فلول الحزب الوطني، من السيطرة عليه، ولا يسعى إلى تمكين الأحزاب الوليدة، خاصة الأحزاب الثورية من خوض الإنتخابات والفوز بها. ولفت إلى أن تحالف عمرو موسي سيكون ظهيراً سياسياً وبرلمانياً للسيسي، بالتالي هذا سيجعل الأغلبية بالبرلمان داعمة للرئيس، بينما ستكون المعارضة بسيطة وخجولة، على حد قوله.

&وحسب وجهة نظر علي، فإن مصر ستعيش في عهد جديد قد يكون اسوأ من عهد مبارك، متوقعاً أن يكون من يلتفون حول الرئيس السيسي أسوأ ممن كانوا حول مبارك في ظل عدم وجود معارضة حقيقية في البرلمان، وهذا أخطر من عودة مبارك ورجاله. ولفت إلى أن الغريب في المشهد السياسي الراهن أن هذه التحالفات دخلت في صراعات مع بعضها البعض، رغم أن قانون الدوائر لم يصدر، ورغم أن الانتخابات لم يتحدد موعدها.

بينما يحذر المرشح الرئاسي السابق، أبو العز الحريري، مما وصفه بـ "محاولات عودة سيطرة فصيل أو تحالف معين على السلطة ستؤدي إلى ثورة جديدة"، أو عودة ظاهرة زواج رأس المال بالسلطة، مشيرًا الى أنه بعد 30 عامًا من حكم مبارك وتهميش الأحزاب وتجريفها وسيطرة الحزب الوطني المنحل على مجريات الأمور، وما نتج عنه من فساد في الحياة السياسية، اندلعت ثورتان وحدث انفجار في تكوين الأحزاب، وتخطت أكثر من 80 حزبًا وبالرغم من ذلك يعود النظام الفردي ليطغى على الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى أن قانون الانتخابات يمهد لسيطرة الفلول على البرلمان، موضحاً أنه لن يساهم في تقوية واندماج الأحزاب بشكل حقيقي، مشيرًا إلى أن القانون& يساهم من خلال النظام الفردي لذوي الثروات بالاستحواذ على عضوية البرلمان.

ولفت إلى أن&التحالفات القائمة حالياً هشة وتسعى إلى تحقيق مصالح شخصية لأصحابها أو القائمين عليها، متوقعاً ألا تحقق أية نتائج ملموسة في الإنتخابات المقبلة، لاسيما أن غالبية المقاعد محجوزة للفردي، الذي يمثله رجال أعمال نظام حسني مبارك.

فيما يرفض نبيل زكي القيادي بحزب التجمع أحد مكونات تحالف عمرو موسى، وصف التحالفات الحزبية بـ "الهشة" أو أنها تضم فلولاً، وقال لـ"إيلاف" إن الأحزاب المكونة للتحالفات، لاسيما تحالف الجبهة المصرية، الذي يقوده عمرو موسى، لها تواجد كبير في الشارع، معتبراً أن دليل قوتها، أنها استطاعت حشد المصريين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات الرئاسية. ورفض القول إن فرص هذه التحالفات في البرلمان المقبل ضعيفة، لاسيما بعد أن منح القانون المستقلين نحو 80% من المقاعد، وقال إن فرص التحالفات كبيرة، متوقعاً لها أن تحصل على نحو 50% من المقاعد على الأقل.

وقال المستشار بهاء أبو شقة، نائب رئيس حزب الوفد، لـ"إيلاف" إن تحالف الوفد المصري لم يصل إلى تشكيله النهائي، مشيراً إلى أن التحالف يرحب بإنضمام المزيد من الأحزاب إليه. وأضاف أن المشاورات مع القوى السياسية مازالت مستمرة، من أجل الوصول إلى صياغة مشتركة وميثاق شرف لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة.

وحول ما أثير بشأن تأخر الإنتخابات البرلمانية، قال إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وعد بإجرائها قبل نهاية العام الجاري، لافتاً إلى أن تأخر صدور قانون تقسيم الدوائر، هو السبب في عدم بلورة التحالفات الإنتخابية. ورفض ما يقال حول إن التحالفات الحالية هشة، مشيراً إلى أن الحياة السياسية في مصر تتمتع بالحيوية، وتمتلك غالبية الأحزاب المكونة للتحالفات المتوقعة أرضية في الشارع المصري.