تبحث قمة حلف شمال الأطلسي الخميس المقبل التي تبدأ في ويلز ملفات عالمية على رأسها الإرهاب وأفغانستان وأوكرانيا. ودعا رئيس الوزراء البريطاني إلى ميثاق جديد لقوات حلف الناتو العسكرية، وإعادة نظر في العلاقة بين روسيا والناتو على الأجل الطويل.
نصر المجالي: ستتيح قمة الناتو التي تعقد يوم&الخميس المقبل&لقادة العالم المشاركين التأكيد على دور الناتو كقوة ردع، وكذلك معالجة القضايا التي تهدد الأمن القومي لدول الحلف من القرصنة إلى الهجمات الإلكترونية والإرهاب وتأمين الحدود ودعم الشركاء، وكذلك ضمان أن جميع دول الناتو لديها المعدات والمهارات اللازمة لحماية أنفسهم فضلا عن الوفاء بالتزاماتها في حماية حلفاء الناتو الآخرين عند الحاجة لذلك.
وتضطلع المملكة المتحدة بدور قيادي ورئيس في حلف الناتو منذ 65 عاما، حيث تقوم بتوفير قوات لعمليات حلف الناتو في جميع أنحاء العالم، ويخدم أفراد من القوات البريطانية في أفغانستان وأماكن أخرى في مجالات متنوعة مثل مكافحة القرصنة.
وتحدث السير آدم تومسون مندوب بريطانيا الدائم لدى حلف الناتو عن قمة ويلز فقال إن""القمة في غاية الأهمية لأن الناتو يقترب من إنهاء مهمته القتالية في أفغانستان، وهناك تساؤلات حول الوجهة الجديدة التي يمكن أن يتجه إليها التحالف، وأيضا أسئلة حول استجابة الناتو إزاء التدخل الروسي في أوكرانيا ومناطق أخرى، وكذلك عدم الاستقرار في جنوب وشرق الناتو، والوضع الحالي في سوريا والعراق وشمال أفريقيا والساحل".
يشار إلى أن شركاء الناتو هم الدول غير الأعضاء في الحلف والتي تتعاون معه في مجموعة من القضايا السياسية والأمنية، وكثير منها يدعم عمليات يقودها الحلف، ومن بين شراكات الناتو "الحوار المتوسطي" والذي يتألف من 7 دول هي موريتانيا والجزائر ومصر والأردن والمغرب وتونس وإسرائيل، و"مبادرة اسطنبول للتعاون" التي تتألف من قطر والإمارات والكويت والبحرين.
خمسة محاور
وتمهيداً لانعقاد قمة الناتو في ويلز، بعث رئيس الوزراء رسائل إلى زعماء الدول الأعضاء في الحلف وإلى أمينه العام محددا فيها خمسة أهداف للقمة، وفي الآتي أبرز مفاصل رسالة كاميرون:
•علاقة حلف الناتو مع روسيا على الأجل الطويل
يرى رئيس الوزراء أن على الزعماء خلال القمة أن يعيدوا النظر في علاقة الناتو مع روسيا على الأجل الطويل ردا على ممارساتها غير القانونية في أوكرانيا. وينوي رئيس الوزراء استغلال القمة للاتفاق على طريقة احتفاظ حلف الناتو بوجود قوي في الأشهر المقبلة في أوروبا الشرقية لطمأنة الحلفاء هناك، وذلك بمواصلة البناء على الجهود التي يتخذها الحلف حالياً. وسيطَّلع رئيس الوزراء على مزيد من التفاصيل حول هذه الخطط حين يزور مقر القيادة العليا لقوى التحالف في أوروبا، برفقة الأمين العام للناتو آناس فوه راسموسن يوم الاثنين. وهناك سيجتمعان بالقائد الأعلى للتحالف في أوروبا - الجنرال فيليب بريدلوف - لبحث خطط تعزيز قدرة الناتو على الرد سريعا على أي تهديد لأي عضو من أعضاء الحلف.
•ميثاق القوات المسلحة لحلف شمال الأطلسي
اقترح رئيس الوزراء أيضاً ميثاقا تاريخيا لقوات حلف شمال الأطلسي يُبنى على العهد العسكري للمملكة المتحدة، ويجسِّد الالتزام الجماعي تجاه قواتنا المسلحة. وسيصاحب ذلك جهود لمشاركة أفضل الممارسات في تقديم الرعاية الطبية والدعم للجنود الجرحى والعائلات الثكلى.
•أفغانستان والأخطار المتغيرة وشبكة الأمن العالمي
الأهداف الثلاثة الأخرى لرئيس الوزراء في هذه القمة تركز على:
-أفغانستان: مناقشة سبل دعم الحلف للحكومة الأفغانية في السنوات القادمة، وبخاصّة ما سيُقدَّم عبر "بعثة دعم العزم" الاستشارية المقترحة والتكفل بالاحتياجات المالية للقوات الأفغانية.
-الأخطار المتغيّرة: ضمان قدرة الناتو على مواصلة التحديث كي يستطيع التصدي للتهديدات المختلفة التي تشكلها الدول الهشة، وخاصة عبر إرسال بعثات للمساعدة في بناء القدرات الدفاعية لدول أخرى في العالم، وتشجيع الدول الأعضاء في الحلف التي لا يصل إنفاقها العسكري حالياً إلى نسبة 2% المطلوبة من الأعضاء على استثمار المزيد في قدراتها الدفاعية.
-شبكة أمن عالمية: يود رئيس الوزراء انتهاز فرصة انعقاد القمة ليعرب عن التزام واضح بالعمل مع الآخرين الذين يؤمنون بما نؤمن به من قيم، وبدَور حلف الناتو في الحفاظ على نظام يرتكز إلى القوانين الدولية التي تدعو إلى الحرية والديمقراطية وسيادة القانون. وفي هذا الإطار، دُعيت لحضور القمة 33 دولة شريكة، ومن المتوقع حضور ممثلين عن 3 منظمات دولية على الأقل.
نص رسالة كاميرون
وفي الآتي النص الكامل لرسالة رئيس الوزراء البريطاني إلى زعماء الدول الأعضاء في حلف الناتو:
أردت أن أكتب إليكم شخصياً لأبيِّن ما يمكن لنا أن نحقّقه انطلاقا من الأفكار التي سبق أن تقدّم بها الأمين العام راسموسن.
ستكون هذه أول قمة لحلف الناتو في المملكة المتحدة منذ استضافت مارغريت ثاتشر قمة لندن في عام 1990، حينما كانت الحرب الباردة توشك على النهاية. ولقد كانت تلك القمة بمثابة نقطة تحوّل للحلف، حيث خط الزعماء مسارا جديدا لحلف الناتو ولأوروبا "كاملة وحرة وتعيش في سلام".
وفي عام 2014 أصبح العالم متقلّبا ومستعصياً على التكهن بنتائج أحداثه أكثر من أي وقت مضى، وسنجتمع في لحظة حاسمة حساسة في تاريخ الحلف. ففي أفغانستان، تقترب مهمتنا القتالية من نهايتها. وإلى الشرق، داست روسيا على كل القوانين بضمها غير الشرعي لشبه جزيرة القرم وزعزعتها العدوانية لاستقرار أوكرانيا. وإلى الجنوب، يمتد قوس القلاقل من شمال أفريقيا إلى الساحل وحتى سورية والعراق وفي الشرق الأوسط عموما. وعليه لا بد لنا من انتهاز القمة للاتفاق على سبل تكيُّف حلف الناتو كي يمكن له الرد على تهديدات كهذه وردعها؛ وأيضا ضمان استمرار الدفاع الجماعي عن كل أعضائه. وعلينا هنا أن نتطلّع إلى تحقيق 5 أهداف.
-أولاً، الآن وقد مضت 6 أشهر على الأزمة الروسية-الأوكرانية بات علينا الاتفاق على إجراءات طويلة الأجل لتعزيز قدرتنا على الرد سريعا على أي تهديد، وطمأنة الحلفاء الذين يخشون على أمن بلدانهم، وردع أي عدوان روسي. ولقد ساهم كل الحلفاء في الناتو في رد الحلف على هذه الأزمة وعلينا الاتفاق على سبل الاحتفاظ بوجود قوي في أوروبا الشرقية، بحيث يكون منسجما مع بنود وثيقة العلاقات والتعاون بين الناتو وروسيا، لنوضح لها بأنه لا الناتو ولا أعضاؤه يمكن ترهيبهم. علينا أن نتفق على تدابير محدَّدة ومنها: جدول تدريبات جديد يأخذ في اعتباره البيئة الأمنية الجديدة؛ والبنية التحتية اللازمة؛ ووضع المعدات والإمدادات في مراكز محددة مسبقا؛ وقوة رد سريع معزَّزة تابعة للحلف. ولا بدّ أن يكون هذا جزءا من خطة عمل أوسع نطاقا تمكِّننا من الرد بشكل أسرع على أي خطر يتعرض له أي عضو في الحلف، حتى عندما تكون فترة الإنذار قصيرة.
كما علينا أن نعيد النظر في علاقتنا مع روسيا على الأجل الطويل. فبينما سعى الناتو ليكون فقط شريكا لروسيا، وليس خطرا عليها، اتضح أن روسيا ترى في الناتو خصما لها. وبالتالي علينا أن نسلم بحقيقة أن التعاون الذي جرى في السنوات الأخيرة لم يعد الآن ممكنا بسبب تصرّفات روسيا غير القانونية في جوار الناتو، وهو ما يجعلنا نعيد التفكير بالمبادئ التي تحكم علاقتنا بروسيا.
-ثانيا، مع اقتراب مهمة القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان (إيساف) من نهايتها، بات علينا أن نفكر بسبل دعم الحكومة الأفغانية في السنوات القادمة، وضمان استمرارها في التقدّم الذي أحرزناه معاً، ومنع عودة البلاد إلى أن تصبح ملاذا آمناً للإرهابيين. وعلينا أن نستعرض خططا لمهمة الناتو الجديدة الخاصة بتدريب ونصح ومساعدة قوات الأمن الأفغانية بدءاً من مطلع العام القادم. كما أن علينا مناقشة كيفية تدبُّر الأعباء المالية للقوات الأفغانية المسلحة بينما نعمل تجاه الهدف بعيد الأجل حين تتمكن أفغانستان من التكفل ذاتيا بالأعباء المالية لقواتها المسلحة.
-ثالثا، علينا أن نتفق على طريقة مواجهة حلف الناتو للأخطار والتحديات الآتية من عالم غير مستقر من دول منهارة وصراعات إقليمية وإرهاب وهجمات إلكترونية. ولا بد لنا من ضمان أن يتمتع الحلف بالقدرات التي يحتاج إليها للرد على التهديدات المتغيرة. وهذا يحتاج إلى استثمار. وتعتبر المملكة المتحدة واحدة من أربع دول في الحلف امتثلت للهدف المطلوب بتخصيص 2% من الإنتاج القومي لشؤون الدفاع. وإنني أهيب بالحلفاء الآخرين إبداء أقوى التزام ممكن لزيادة إنفاقهم الدفاعي وتكريس خُمسِهِ على الأقل للمعدات والأبحاث. ومع بدء انتعاش اقتصاداتنا، فإن الرجوع عن التقليص في الإنفاق الدفاعي والاستثمار في قدراتنا الدفاعية من شأنه تعزيز تماسك الحلف وإظهار أن الناتو جاد في ما يقول ويفعل.
وإلى جانب استثمارنا في قواتنا في بلداننا، علينا أيضا أن نقدّم دعما عمليا للدول الأخرى التي تحتاج لتعزيز أمنها. وقد تعلّمنا في أفغانستان فوائد دعم دولة أخرى لبناء قواتها حتى تكون أقدر على حماية أرضها. وإنني أتطلع في قمة ويلز إلى اتفاقنا على إرسال بعثات جديدة لبناء القدرات الدفاعية في أجزاء أخرى من العالم مثل جورجيا أو الشرق الأوسط على سبيل المثال.
-رابعا، بصفتنا أوسع شبكة أمنية في العالم ولنا شراكات مع أكثر من 40 دولة ومنظمة في 5 قارات، فإن من واجبنا أن نظهر التزاما واضحا بالعمل مع الآخرين الذين يشاركوننا قيمنا وبالمحافظة على نظام قائم على الأنظمة الدولية، ويشجع الحرية والديمقراطية وسيادة القانون. إنني أدعم المبادرة المقترحة لتكامل الخبرات والعمليات مع 24 من شركائنا للحفاظ على دوام هذه المهارات والعلاقات، وأودّ من وزراء دفاعنا الاجتماع بمجموعة أصغر لمناقشة تعزيز فرص العمل معا.
-خامسا، وأخيرا، علينا أن نقدِّر تضحيات قواتنا المسلحة. في المملكة المتحدة أدخلنا العهد الخاص بالقوات المسلحة في قانوننا كي نضمن تمتع هذه القوات بما تستحقه من احترام ودعم. وانطلاقا من ذلك، أودّ أن يضع الحلف ميثاقا جديدا يوضح فيه بجلاء التزامنا المشترك تجاه قواتنا المسلحة. إنها أولوية شخصية بالنسبة لي أن يكون هناك "ميثاق حلف شمال الأطلسي بشأن القوات المسلحة"، نوقّعه جميعنا، يؤكد التزامنا بمعاملة أفراد قواتنا المسلحة وعائلاتهم بكل المعاملة اللائقة، وتوفير الدعم والرعاية اللازميْن لهم عند تقاعدهم أو في حال إصابتهم أو لعائلاتهم حين يُقتلون. وعلينا أيضا أن نتفق على تبادل أفضل الممارسات في هذا المجال بشكل أكثر انتظاما، بادئين بتوفير الرعاية الطبية والدعم للجرحى من أفراد القوات المسلحة والعائلات الثكلى.
إنها أولويات طموحة. وقد أحرز وزراء دفاعنا تقدما جيدا في اجتماعاتهم بشهر يونيو. وسيواصل خبراؤنا الفنيون هذا العمل في الأسابيع المقبلة. إلا أن علينا أثناء قمة ويلز أن نوجد الإرادة السياسية والقيادة الحازمة اللازمتيْن لتجاوز ما تبقى من عقبات.
لقد اتفق القادة في قمة لندن عام 1990 على "أننا نحتاج للاستمرار في الوقوف معا، لإطالة أمد السلام الذي تمتعنا به خلال العقود الأربعة الماضية". ويظل هذا هو الوضع اليوم. إذ إننا بالعمل معاً سنكون أقوى معاً. وعلى قمة ويلز أن تثبت بأن حلف الناتو صخرة صلدة وله شراكات قوية في أنحاء العالم ترسِّخ السلام والاستقرار العالمييْن، وتهيئ بيئة آمنة للاقتصادات كي تنمو وتزدهر. إنّه الحلف الذي يُطَمْئِن مواطنينا البالغ عددهم 900 مليون بأننا معا يمكننا حمايتهم من أخطار متغيرة ومتعددة في عالم متقلب.
التعليقات