في مواجهة عمليات سلب ونهب تقوم بها مليشيات طائفية مسلحة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي للمتطوعين لمواجهة "داعش"، فقد حرم المرجع الشيعي الاعلى السيستاني هذه الممارسات معتبرًا أن هذه الممتلكات ليست غنائم حرب محذرًا من أن التسامح في القضاء عليها يستتبع عواقب غير محمودة وبالغة الخطورة، داعيًا الحكومة إلى الضرب بيد من حديد على أي متجاوز على اموال المواطنين وحقوقهم.

لندن: حرم المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني الاعتداء على اموال وممتلكات المواطنين في المناطق المحررة من "تنظيم داعش" وسلبها ونهبها، مشددًا على أن هذه ليست غنائم حرب .. وأكد أن هذه الممارسات تشكل خطرًا على التعايش السلمي.

جاء ذلك في رد للسيستاني على سؤال لاحد اتباعه قال فيه "يلاحظ أنه عند تحرير بعض المناطق من الارهابيين يترك الاهالي مناطقهم وممتلكاتهم وعندئذ تقع عمليات سلب ونهب وحرق وتفجير في تلك المناطق ويتم نقل بعض الممتلكات من سيارات وأثاث ومواد غذائية إلى مناطق أخرى على اعتبارها غنائم حرب مع العلم انها للناس الذين تركوا منازلهم وليس للارهابيين".

وفي رده قال المرجع الشيعي "لقد أكدنا مرارًا وتكررًا على حرمة التعدي على اموال المواطنين في المناطق المحررة من الإرهابيين واوعزنا إلى فضيلة العلامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي دام علاه بالتأكيد على ذلك في خطبة الجمعة في كربلاء المقدسة فذكره عدة مرات ومنها خطبة يوم ( 25 شوال 1435) باللفظ التالي "ان الدفاع عن الوطن والمواطنين في مواجهة المجموعات الارهابية شرف كبير لا يناله إلا ذو حظ عظيم".

وأضاف السيستاني "لقد أكدنا اكثر من مرة على بالغ تقديرنا واعتزازنا بأخوتنا وابنائنا في القوات المسلحة ومن التحق بهم من المتطوعين الذين يبذلون دماءهم وارواحهم فداء لهذا الوطن، ولكن يبلغنا عن قليل ممن يحملون السلاح هنا او هناك قيامهم بممارسات خاطئة بل مدانة ومستنكرة في الاعتداء على اموال المواطنين وهتك حرمتهم وكرامتهم". وقال "اننا اذ نكرر ادانتنا الشديدة لأية ممارسات من هذا النوع ونؤكد على أن الدفاع عن الوطن ومقدساته لا ينسجم مع الاعتداء على اية مواطن مهما كان انتماؤه القومي والمذهبي والسياسي".

وطالب المرجع الاجهزة الحكومية المعنية بأن تضرب بيد من حديد على أي متجاوز على اموال المواطنين وحقوقهم ولاسيما اذا كان يظهر بلبوس الدفاع عن الوطن والمقدسات. وحذر من أن التسامح والمساهلة في القضاء على هذه التجاوزات، حتى وإن كانت محدودة، يستتبع عواقب غير محمودة بل بالغة الخطورة "اللهم اني قد بلغت فاشهد".

وأكد السيد السيستاني قائلا "مع ذلك نؤكد مرة اخرى فنقول :ان اموال المواطنين في الاماكن التي تدخلها القوات الامنية من الجيش والمتطوعين او غيرهم ليست غنائم حرب وأن فرهود (استباحة) المنقول منها واتلاف غير المنقول حرام حرام وله آثار بالغة السوء على التعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد فاتقوا الله ايها الناس ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

يذكر ان مصادر عراقية عدة أكدت ان قادة مليشيات شيعية تشارك في قوات الحشد الشعبي للمتطوعين لمواجهة تنظيم "داعش" يصرون على ضرورة عدم السماح لسكان المناطق التي حرروها من التنظيم للعودة إليها ويقررون من يمكنه البقاء ومن يجب أن يرحل ومن يجب تدمير منزله، وأي المنازل يمكن أن يبقى. ويشير وضعهم إلى مدى التغيير الذي يطرأ على المناطق التي يعيش فيها الشيعة والسنة معًا في وسط العراق.

وقالت لجنة الإنقاذ الدولية إن أكثر من 130 ألف شخص أغلبهم سنة فروا من وسط العراق عام 2014 مع احتساب الأراضي الزراعية بحزام بغداد ومحافظة ديإلى بشمال شرق العراق فقط .. وخلف النزوح الجماعي قرى خاوية فيما جاء المقاتلون الشيعة والعشائر وقوات الأمن لسد الفراغ.

وبينما تطوق ميليشيات شيعة قرى سنية في وسط العراق فإنها تؤكد أن لديها عيوناً داخل هذه المجتمعات.. وقال قيادي في ميليشيا عصائب أهل الحق: "نحن نتلقى الأوامر من الحكومة: كل من يعمل مع داعش سنقوم بمصادرة أراضيهم وهؤلاء الذين ليسوا معها سنسمح لهم بالعودة." ومع ذلك يقول من فقدوا منازلهم إن الميليشيات لا تفرق بين عناصر داعش والمدنيين حينما تجتاح هذه المناطق.

وتستمر تشكيلات الحشد الشعبي بإجراءاتها السريعة نحو إحداث تغيير سكاني في المناطق المحررة من تنظيم "الدولة الإسلامية". فبعد أن أجبرت الأهالي على النزوح القسري من منازلهم لجأت أخيراً إلى إلغاء عقودهم الزراعية ومنح تلك العقود إلى عناصر الميليشيا لإكمال مخطط التغيير. وبدأت عملية إلغاء العقود في قضاء الخالص وناحيتي السعدية وجلولاء في محافظة ديإلى (56 كم شمال شرق بغداد) وناحية جرف الصخر في محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد).

ويؤكد مسؤول محلي في محافظة ديإلى أنّ قرار إلغاء العقود لم يستند الى أي دليل وإنّما بمجرد انتماء صاحب العقد للطائفة السنيّة، فتتهمه المقامية بدعم داعش، الأمر الذي يجبره على ترك المنطقة خوفاً من الاعتقال والتعذيب ولا يستطيع المطالبة بحقه.

من جهته، قال عضو اللجنة القانونية في مجلس محافظة ديإلى محمد الكرخي إن "الاتهامات الموجّهة لأصحاب العقود لم تستند الى أي دليل بل هي حجج لإلغاء عقودهم، وان المزارعين تخلّوا تلقائياً عن العقود لخوفهم من سطوة الميليشيات وانتهاكاتهم". وحذّر الكرخي من "تغيير سكاني خطير&يحدث في أغلب مناطق المحافظة".