بعد عام أمضاه جون كيري في الطائرات، محاولًا إنجاح مساعيه الدبلوماسية، ينتظره عام مليء بالمخاطر،&أغلبها موروث من العام 2014.


بيروت: تكمن المشكلة في تحديد مهل طموحة، خصوصًا في عالم الدبلوماسية الخارجية الذي لا يمكن توقعه، في المخاطرة بفشل علني ذريع. ففي العام الماضي، حدد وزير الخارجية الاميركي جون كيري عدة اهداف للادارة الاميركية، كان تحقيق أي منها سيعتبر انجازًا استئنائيًا، على رأسها السلام الفلسطيني الاسرائيلي، والاتفاق النووي مع إيران.
&
لا سلام

بعد اشهر على تعيينه وزيرًا للخارجية في 2013، تمكن كيري من اقناع اسرائيل والفلسطينيين بالعودة إلى مفاوضات السلام المعلقة.

كان& الهدف المعلن هو التوصل إلى اتفاق سلام شامل، قائم على حل الدولتين بحلول 29 نيسان (ابريل) 2014، وهو ما فشل الجانبان في تحقيقه طيلة عقود. في الواقع، فشلت جهود كيري الحثيثة في الاول من نيسان (ابريل) عندما اعلنت اسرائيل بناء 700 وحدة استيطانية جديدة، وقرر الفلسطينيون التوجه إلى الامم المتحدة للحصول على اعتراف بدولتهم.

اليوم، محادثات السلام انهارت، واسفرت الحرب الاسرائيلية على غزة عن مقتل 2200 فلسطيني و73 اسرائيليًا غالبيتهم الكبرى من الجنود. والعلاقات بين الجانبين في ادنى مستوى لها، من دون أي أمل بخوض مفاوضات جديدة. وهذا ما أفشل مساعي كيري.
&
العمل جارٍ

بعدما نجح كيري في اطلاق محادثات سرية مع ايران عندما كان سناتورًا في 2012، وافقت الادارة الايرانية الجديدة برئاسة حسن روحاني على استئناف المحادثات حول ملفها النووي المثير للجدل. كان هدف ذلك توقيع معاهدة شاملة، تحول دون حصول ايران على السلاح النووي، مع تخفيف العقوبات الدولية التي تشل الاقتصاد الايراني بحلول 20 تموز (يوليو) 2014.

إلا أن الواقع أتى مغايرًا، فبالرغم من المفاوضات المكثفة والمفصلة، تم تمديد المهلة إلى 24 تشرين الثاني (نوفمبر). الا أن مجموعة 5+1 التي تقود المفاوضات مع ايران فشلت في التوصل إلى اتفاق بحلول الموعد الثاني، بسبب الخلاف حول تخصيب ايران لليورانيوم وتخفيف العقوبات المفروضة عليها.

واليوم، هناك مهلة جديدة حتى الاول من تموز (يوليو) 2015، مع أن كيري اعرب عن امله في التوصل إلى اتفاق اطار بحلول اذار (مارس)، على أن تستأنف المحادثات في الشهر الحالي، والعمل جارٍ على هذا الأساس.

سوريا الأزمة
&
بعد هجمات بغاز سارين في آب (اغسطس) 2013، ادت إلى مقتل 1400 مدني في احدى ضواحي دمشق، تعهد النظام السوري بتسليم كل اسلحته الكيميائية، متفاديًا التعرض لهجوم صاروخي أميركي. كان الهدف، وفق اتفاق كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، أن تنقل دمشق مخزونًا من 1300 طن من الاسلحة الكيميائية تم التصريح عنه حديثًا، بحلول 30 حزيران (يونيو) 2014.

في الواقع، انتهت عملية التسليم إلى مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة بحلول الثالث من تموز (يوليو)، وتم تدمير كل العوامل الكيميائية في 18 آب (اغسطس) على متن سفينة تابعة للبحرية الاميركية. الا أن تدمير منشآت انتاج مثل هذه الاسلحة في سوريا من بينها 12 مرآبًا ونفقًا واجه عدة تأجيلات، ولن يتم قبل حزيران (يونيو)، بحسب النظام السوري.

واليوم، رغم نجاح سوريا في تدمير مخزونها من الاسلحة الكيميائية، الا انها لا تزال تشهد نزاعًا داخليًا منذ اذار (مارس) 2011، راح ضحيته اكثر من مئتي الف شخص. وفشلت محاولة اطلاق محادثات في كانون الثاني (يناير)، ولم يحدد أي موعد آخر.

مساعٍ ناجحة

أملت الولايات المتحدة بتوقيع اتفاق امني ثنائي مع الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته حميد كرزاي، والدفع في اتجاه احترام الاستحقاق المتمثل في انتقال السلطة مع انتهاء ولايته في 31 كانون الاول (ديسمبر) 2013، الا أن الامر لم يتحقق بسبب التوتر السياسي والخلاف حول نتيجة الانتخابات الرئاسية.

كان الهدف أن يدلي الرئيس الافغاني الجديد اليمين الدستورية في الموعد المقرر في الثاني من آب (اغسطس) 2013، وأن يتيح الاتفاق الابقاء على قوة للتدريب والدعم بعد سحب الحلف الاطلسي قواته القتالية.

في الواقع، قام كيري بزيارة غير معلنة لمدة 48 ساعة في اواسط تموز (يوليو) لأفعانستان، تمكن خلالها من اقناع المرشحين الرئاسيين اشرف غني وعبد الله عبد الله باعادة احصاء الاصوات البالغ عددها ثمانية ملايين، واقامة حكومة على اساس تقاسم السلطة.

واليوم، أدى غني اليمين الدستورية في 29 ايلول (سبتمبر) بينما تولى عبد الله رئاسة السلطة التنفيذية وتم توقيع الاتفاق الامني لضمان وجود للقوات الاميركية في اليوم التالي. وهذا نجاح مشهود لكيري.
&
عام جديد

يبدأ كيري عامًا جديدًا مليئًا بالمهمات، وهو امضى من اصل عامين في منصبه 289 يومًا في السفر، وعبر نحو 664,074 ميلا في الجو. وعلى رأس أولوياته تعزيز الائتلاف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

وامام كيري ايضًا مهمة تهدئة الوضع في شرق اوكرانيا، حيث ادى اندلاع المعارك ضد الانفصاليين الموالين لروسيا العام الماضي إلى مقتل اكثر من 4700 شخص، واثار مخاوف من اندلاع حرب شاملة في البلاد.