بروكسل: اعلن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال الجمعة غداة عملية واسعة لمكافحة الارهاب ان بلجيكا على استعداد لدعوة الجيش لتعزيز امنها، بينما لا يقوم العسكريون حتى الان سوى بدعم قوات الامن في البلد. وصرح ميشال في مؤتمر صحافي اثر جلسة لمجلس الوزراء اقرت 12 اجراء لمكافحة الارهاب، ان "الجيش سيكون مستعدا لتعزيز مستوى الامن في البلاد".

والحكومة قد تستدعي الجيش عندما يبلغ مستوى الانذار الدرجة الثالثة، من اصل مقياس من اربع درجات، كما اوضح وزير الداخلية جان جامبون. وهي المرة الاولى التي يحصل فيها ذلك منذ موجة الاعتداءات التي شنتها الخلايا الشيوعية المقاتلة ابان الثمانينات. وقررت الحكومة مساء الخميس رفع مستوى الانذار الى الدرجة الثالثة في مجمل ارجاء البلد رغم "عدم وجود تهديد محدد وملموس بتنفيذ اعتداء"، بحسب ميشال. وقال جامبون ان "فرقة من 150 رجلا على اهبة الاستعداد للانتشار في مواقع" ستحددها السلطات.

واوضح وزير الدفاع ستيفن فاندبوت "انها فرق شبه كوماندوس سيكون بامكانها بالتالي حمل السلاح". واشار الى ان هذا الانتشار قد يتم سريعا، اي "هذا المساء او غدا"، ولفترة "موقتة" ستدوم "طالما ترى الحكومة ان ذلك ضروري".

ورحب شارل ميشال بمساعدة فرنسا في عملية الخميس التي ادت الى مقتل جهاديين اثنين في فيرفييه (شرق) واوضح ان وحدة النخبة في الدرك الفرنسي وضعت في تصرف الشرطة البلجيكية "تجهيزات محددة" لشن العملية.

واعرب رئيس الوزراء البلجيكي ايضا عن امكانية صدور سلسلة قرارات على المستوى الاوروبي اثناء القمة المتوقعة في 12 شباط/فبراير في بروكسل، واورد وضع "لائحة موحدة بالارهابيين على المستوى الاوروبي". ودعا ميشال ايضا البرلمان الاوروبي الى الموافقة "في اسرع وقت ممكن" على وضع سجل اوروبي لركاب الطائرات.

ودعا ايضا الى وضع لائحة اوروبية للاشخاص الذين توجهوا الى الجهاد في سوريا والعراق. وقال ان "هذه الموضوعات لن تكون موضع كلام وحسب على المستوى الاوروبي وانما موضع قرارات ملموسة".

وبين الاجراءات الاخرى التي كانت قيد الاعداد منذ اشهر عدة، والتي تسارع تبنيها بعد اعتداءات باريس، انشاء اماكن خاصة في سجنين، احدهما في منطقة الفلاندر، والاخر في الجانب الفرنكوفوني، بهدف "عزل" المعتقلين المتشددين ومنعهم من التاثير على باقي السجناء. وسيتم "توسيع" امكانيات سحب الجنسية البلجيكية للذين يحملون جنسيتين. من جهة اخرى "يتوقع سحب جوازات السفر وبطاقات الهوية موقتا عندما يطرح الشخص خطرا على النظام العام والامن"، بحسب الحكومة. و"الاشخاص المتورطون في تمويل الارهاب" سيتم "تجميد" ارصدتهم في بلجيكا، بينما ستوضع "هيكلية" لمتابعة "المقاتلين الاجانب" الذين يقيمون في بلجيكا.&

ساد شعور بالصدمة الجمعة لدى سكان مدينة فيرفييه البلجيكية الصغيرة، التي تعتبر بؤرة رئيسية للتشدد الاسلامي، في ظل مراقبة مشددة عليها غداة عملية كبيرة لمكافحة الارهاب ادت الى مقتل شخصين.

على غرار بعض ضواحي بروكسل، باتت فيرفييه التي هجرتها الصناعات وتفاقم فيها الفقر منذ سنوات عدة موئلا للاسلاميين نظرا إلى وجود عدد من المساجد المتشددة. لكن عملية الخميس التي تخللها انتشار كبير للشرطة وتبادل كثيف لاطلاق النار مع الجهاديين العائدين من سوريا، وفقا لبعض المعلومات، شكلت مفاجأة للسكان.

وصرحت احدى سكان الحي المعني ايفا رويز "لم اسمع شيئا عنهم ولم اشاهدهم اطلاقا"، علما انها سمعت بالاحداث في طريق عودتها من المدرسة التي تعمل فيها سكرتيرة. واضافت "انني مصدومة"، معبّرة عن حال غالبية الافراد الذين تحدثوا الى فرانس برس صباح الجمعة.

وروى امريك برتوليه المتدرج البالغ 19عامًا حاملًا مشروب طاقة بيده بعد تعذر النوم الليلة الفائتة "كنت في صيدلية الحي عندما اوقفتني سيارة شرطة فيها رجل مقنع عمد الى قطع الطريق". وتابع "ثم اوصلت سيارتا شرطة عددا اخر من عناصر الشرطة، وصرخوا +هيا بنا+ قبل ان يركضوا داخلين الى الشقة. عندئذ بدا اطلاق الرصاص من جميع الاتجاهات وسمعنا انفجارات شقيقتي اصيبت بالذعر وخرجت من الصيدلية...اسرعنا بالعودة الى المنزل، وبدانا نتابع الاخبار فعلمنا انهم ارهابيون".

وامضى رئيس بلدية فيرفييه مارك السين طوال الليل محاولا طمأنة مواطنيه. كما اكد للصحافيين ووسائل الاعلام الدولية التي توافدت الى البلدة انها تعرف كيف تحافظ على وحدتها. وصرح ان "المسلمين ابدوا ردة الفعل الاقوى" مشددا على ان الحفاظ بعلاقات سلمية "طالما كان هدفنا...لكن الوقت سيحدد" مدى صحة ذلك.

وصرح فرنك امين هينش امام المسجد في حي فقير على الضفة الاخرى لنهر فيزر الذي يجتاز المدينة "انا مصدوم ومتاثر جدا"، في تصريح لصحيفة "ليبر بلجيك". واضاف "لقد زارنا اسقف لياج المونسنيور دلفيل في المسجد. وكان يوما ايجابيا جدا". واعتبر ان احداث الخميس تشكل "اخبارا ماساوية تحجب مرة اضافية الجهود المستمرة منذ زمن للتحاور و+العيش المشترك+ التي نبذلها". وقال احد السكان من اصول مغربية ان موقع دهم الخلية الجهادية ليس حيا عربيا، مؤكدا "انهم شيشانيون".

ويقف القصاب جان مارك سيمون بردائه الابيض في المتجر الذي تديره عائلته منذ نصف قرن، حيث غالبية زبائنه حاليا من غير المسلمين. واشار الى انه رغم التنوع في الحي، فان الناس لا يختلطون ببعضهم ويرتادون متاجر مختلفة معلقا "قل عدد البلجيكيين الاصليين". ولا تخفي انجيليك التي اعتنقت الاسلام قلقها، مؤكدة "ان يكون المرء مسلما كان صعبا في السابق اصلا، وسيكون اصعب الان".

وقد شهدت فيرفييه مرحلة ازدهار بفضل صناعة الصوف، لكنها لم تتمكن من منافسة الاقمشة الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية وعانت من تبعات تدهور الصناعة فيها. وما تزال المدينة البالغ عدد سكانها 55 الف نسمة من نحو 100 جنسية وتقع قرب الحدود الالمانية، غير قادرة على النهوض اقتصاديا، حيث تقل فيها فرص العمل المتاحة لسكان يسودهم الفقر، مع معدل بطالة نسبته عشرين في المئة.

&