قالت سوزان مبارك، زوجة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، إن مشروع توريث الحكم لنجلها جمال لم يكن قائمًا، وإنهم يعلمون أن الحكم في مصر لأبناء المؤسسة العسكرية. وأضافت أنها لن تنسى أبدًا مواقف أم الشيوخ فاطمة بنت مبارك معها ومع أسرتها.

القاهرة: بعد نحو أربع سنوات من الإطاحة بزوجها حسني مبارك من الحكم، في أعقاب ثورة شعبية عارمة انطلقت في 25 كانون الثاني (يناير) 2011، خرجت سوزان مبارك عن صمتها، لتكشف الكثير من التفاصيل حول مختلف القضايا التي أثارت جدلًا واسعًا في مصر والعالم، في تصريحات نسبتها إليها كاتبة السيناريو الكويتية فجر السعيد، التي وصفت قرينة الرئيس المصري الأسبق بأنها "من أقوى الشخصيات التاريخية التي مرت بظروف صعبة وذات عزيمة قوية".

ابن الجيش يحكم

وقالت المرأة التي بقيت سيدة مصر الأولى لثلاثين عامًا لفجر السعيد، التي نشرت التصريحات في صورة تغريدات عبر صفحتها على تويتر: "لم أسعَ أبدًا لتوريث الحكم لأبني جمال لأن الحياة التي عشتها مع زوجي ليست رائعة أبدًا لأتمنى لأبني أن يعيشها".

وجددت سوزان نفي ما أثير خلال العشر سنوات الأخيرة من حكم زوجها، بشأن اعتزامه توريث الحكم لنجله الأصغر جمال، وقالت: "لو كنا نخطط لتوريث الحكم لأدخلنا أبناءنا في السلك العسكري، لأننا نعلم يقينًا أن مصر لا يحكمها إلا إبن المؤسسة العسكرية".

ورغم أن سوزان مبارك عرفت بالمرأة الحديدية طوال ثلاثين عامًا، تتدخل في اختيار الوزراء، إلا أنها نفت تلك الأحاديث، وقالت: "شخصية الرئيس (السابق) مبارك ليست من الشخصيات التي ممكن أن تقبل أن تتدخل زوجته في عمله، وعندما يأتيه هاتف مهم وأنا موجودة أخرج".

كان قاسيًا

وأضافت في تصريحاتها المقتضبة: "كان الرئيس قاسيًا معنا خوفًا من كلام الناس، وبعد ما قيل عني من أساطير ندمت لأنني لم أستمتع بحياتي كما يجب، طالما النتيجة واحدة".

وتابعت: "لم أتدخل يومًا في التشكيل الوزاري، ولا علاقة لي في السياسة من الأساس، وكل ما قيل افتراء وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا أعرف من الوزراء إلا خمسة تعاملت معهم بحكم نشاطي التطوعي، وأتحدى من يثبت أني في يوم كلمت مثلًا وزير الداخلية أو الخارجية أو الدفاع أو أيا من الوزراء الذين ليس لي علاقة عمل معهم".

واتهمت سوزان مبارك من وصفتهم بـ"السماويين والغلاويين" بتشويه سمعتها، وقالت: "لا أستغرب مواقف بعض السماويين، الغلاويين ذوي القلوب السوداء، لكن استغرب المتحولين وما أكثرهم للأسف، وصُدمت وبشدة في البعض".

ولفتت إلى أن أشخاصًا "كانوا يسبحون بحمدنا ليل نهار، وبعد 25 يناير قالوا فينا ما لم يقله مالك في الخمر، وتشويه سمعتي وإلحاق التهم بي مخطط له، وليس وليد الصدفة، وأعلم من وراءه، وأقول له حسبنا الله ونعم الوكيل".

لا أنسى مواقف أم الشيوخ

وأثنت سوزان مبارك على مواقف الشيخة فاطمة بنت مبارك، قرينة الراحل الشيخ زايد آل نهيان، وأم الشيخ محمد بن زايد ولي عهد الإمارات، وقالت: "وجهت لي أم الشيوخ الشيخة فاطمة بنت مبارك الدعوة ولأكثر من مرة للإمارات، لكني لا أستطع ترك زوجي وأولادي وهم في محنة".

وتابعت: "لا يمكن أن أنسى مواقف أم الشيوخ الشيخة فاطمة بنت مبارك معي ومع أسرتي الصغيرة، فهي بالنسبة لي أكثر من أخت ولها كل التقدير والإحترام". وأشارت إلى أنها لم تعش حياة خاصة، وقالت: "ليس لي حياة خاصة أو صداقات، فحياتي كانت زوجي وأولادي والعمل الخيري العام الذي كان يأخذ كل وقتي".

لم يذكره

وفقًا للتصريحات نفسها، قالت: "الرئيس مبارك لم يكن زوجي فقط بل هو رئيس الجمهورية، وكنت أتعامل معه وفق هذا المنظور، مواطنة ورئيس جمهورية وكان لي حدود لا أتخطاها"، معربة عن حزنها لتجاهل الرئيس عبد الفتاح السيسي لزوجها، وقالت: "حزنت لعدم ذكر السيسي لمبارك في احتفالات 6 أكتوبر".

ونبهت سوزان مبارك إلى أنها لم تخرج من بيتها إلا بعد ظهور براءة زوجها، وقالت: "اعتذر من كل من طلب مقابلتي ولم استطع لأني اعتزلت الحياة العامة، ولا أخرج من بيتي إلى أن ظهرت براءة زوجي وأولادي".

وتابعت: "أخرج من زيارة أولادي بالسجن فأدخل غرفتي، ولا أخرج إلا ثاني يوم لأن حالتي النفسية لا تسمح برؤية أحد، وربنا ما يكتب ما أراه على حد".

هروبًا من المواجهة

وكشفت سوزان مبارك أن الفرص أتيحت لأبنيها للهروب من مصر، إلا أنهما رفضا، وقالت: "أتيحت الفرصة لعلاء وجمال بالخروج من مصر، ولكنهم رفضوا الخروج، لأن خروجهم سيفسر هروبًا من المواجهة، ولم نربّهم على الهروب".

استطردت قائلة: "ابني جمال كان يقول، لو خرجت من بلدي كيف ستنظر لي ابنتي عندما تكبر، وتكتشف أن أباها هرب وهو متهم، وهل تقبلين أن أعيش هاربًا طول حياتي، وعلاء وجمال أصرّا على المواجهة إلى البراءة بإذن الله، لأنهما واثقان بأنهما لم يعملا شيئا يعاقبان عليه، ولا يهرب إلا المخطئ أو الجبان".

وقالت: "كنت أدعو الله أن يطيل في عمر الرئيس (السابق) مبارك ليعيش حتى يرى براءته من الاتهامات والأكاذيب". واعتبرت أنها تعرّضت لما وصفته بـ"افتراءات بشعة"، وقالت: "كنت أتألم لأني محرومة من حقي الطبيعي بالزعل والبكاء لأحافظ على ثبات من حولي".

تحتاج للبكاء

أعربت عن ألمها مما يثار حولها، وقالت: "أشعر بالجرح مما ينقل لي عن كلام الناس، لكن دفاعي عن نفسي لن يجدي فصوتي غير مسموع، لذلك ليس لي سوى حسبنا الله ونعم الوكيل"، وأضافت: "من كرم ربنا علي أن رزقني ببنتين هما زوجتا ولديّ اللتان صبرتا وتحملتا الكثير في هذه السنوات الصعبة، ويا رب أفرح معاهم بفرج قريب".

ووفقًا لما نشرته الكاتبة الكويتية، فإن سوزان مبارك تحتاج للبكاء، إلا أنها تتماسك حتى لا تتألم أسرتها، وقالت: "أحتاج أن أحضن ابني وأبكي على صدره، لكن لا استطيع، لأن انهياري سيؤلمهم وهم بحاجة لمن يشد من أزرهم في محنتهم لذلك أنا متماسكة حتى الآن".

واستطردت: "ربنا كريم معانا في جميع مراحل حياتنا، ورغم الصعاب دائمًا نجد الفرج من عنده، لذلك كنت على ثقة بأن الله سيظهر براءة زوجي وأولادي".